الدعاية هنا الدعاية هنا الدعاية هنا الدعاية هنا     ترقية العضوية  

 

 

عـودة للخلف   شبكة أنا المسلم للحوار الإسلامي > القسم العام > المـنـتــــدى الـعـــــــــــام
الأسئلة الشائعة الأعضاء التقويم مواضيع اليوم


الرد على الموضوع
خيارات الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 27 06 2009, 01:08 ص
الصورة الشخصية لـ شاكر الأديب
شاكر الأديب شاكر الأديب غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 1,383
الساحر وخطاب السحرة 1-5 \ د. أكرم حجازي/+ روائع المقالات التي كتبت عن زيارة أوباما

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


سأقوم بإذن الله بعرض مقالات "الساحر وخطاب السحرة 1-5"
للدكتور/ أكرم حجازي


ثم أضع تباعاً روائع المقالات التي تحدثت عن زيارة أوباما للمنطقة وكلمته التي ألقاها في جامعة القاهرة


ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ ــــ ـ





بدون عواطف أو مكابرات فإن أغلب الذين تابعوا أو قرؤوا خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وجهه إلى العالم الإسلامي (القاهرة 4/6/2009) أصيبوا بمشاعر مختلطة وهجينة تجاه قوة الخطاب وأطروحاته. وبالمقارنة مع ما ألفه العرب والمسلمون من خطابات وأطروحات وسياسات أمريكية عنصرية متغطرسة وشريرة وعدوانية سابقة بدا المشاهد كمن وقع عليه السحر للمرة الأولى فلا هو مصدق ولا هو مكذب ولا هو بقادر على استعادة وعيه. لكن كما يقال في المأثورات أصعب ما في البديهيات توضيح الواضحات. فالذين يقولون مثلا لا جديد في الخطاب لهم مبرراتهم ومنطقهم والذين يقولون أن الجديد فقط في اللغة لهم أيضا منطقهم والذين ربطوا الخطاب بالأفعال لديهم ما يقولون، والذين رفضوا الخطاب جملة وتفصيلا وقبل أن يظهر كما هو حال السلفية الجهادية فلهم أيضا دوافعهم. أما الذين رحبوا في الخطاب فعندهم الكثير ليقولوه والذين صرخوا إعجابا وحبا بأوباما لديهم الحق فيما فعلوه، والذين يرومون بقاء الأمور على حالها ويبغونها عوجا سيروقهم الخطاب ولا شك . وأكاد أجزم أن الخطاب سيتحول لاحقا إلى نموذج ثقافي على شاكلة التراث الماركسي والإغريقي حيث سيجد كل ضالته فيه حتى المشعوذين.

لكن المزعج في الأمر تلك التعليقات الخشبية التي تتعامل مع الخطاب من منطلقات أيديولوجية أكل عليها الدهر وشرب أو ذات الثقافة اللامبالية فيما يدور من حولها أو تلك التي تكتفي بمصدر الخطاب لتحكم عليه بقطع النظر عن محتواه.

وقبل أن نتطرق إلى الجديد في الخطاب والتفتيش عن الفوارق في الخطاب بالنظر إلى أطروحات أو سياسات أمريكية سابقة سنتوقف عند ما يسمى اليوم بظاهرة أوباما.




ظاهرة أوباما

(1)



ثمة أفلام هوليودية خيالية تتنبأ بقدوم نوع متفوق من البشر يتشكل من جينات مختلفة تجمع بين القوة الأسطورية والذكاء الخارق. هذا النوع رغم قوته الجبارة إلا أنه ليس عدائيا ولا شريرا. أما أوباما فما أن ترشح وفاز في الانتخابات الأمريكية حتى بدا، بامتياز، وكأنه واحد من هذا النوع. فالغالبية الساحقة في العالم رقصوا لانتخابه وانبهروا لحفل التنصيب الأسطوري له وأعجبوا ببلاغة الرجل ولباقته وكاريزميته الطاغية وفلسفته وأطروحاته. ولو فككنا شخصيته لأجزاء متناثرة، بالنظر إلى سيرته العلمية والسياسية، فسيجد ضالته كل من يرغب أن يكون له جزء منها. فهو أسود وأبيض، مسلم ومسيحي، ، يهودي وغير يهودي، أفريقي وأمريكي، آسيوي وأوروبي، شرقي وغربي، شمالي وجنوبي، رئيس ومواطن، مثقف وبسيط، يساري ويميني، صديق وساخط، طموح ومحبط. هو باختصار كل المتناقضات البيولوجية والدينية والجغرافية والأيديولوجية لكنه ليس إحداها منفردة إلا في كونها جزء من الكل. فهل شخصية أوباما من صنعه؟ أم صنع الآخرين؟

لا شك أن أوباما شخصية عصامية، فهو نفسه يتحدث عن تجربته الشخصية منبهرا بما حققه، وبالتأكيد فليس هو وحده من شكلته الثنائيات التي يشاركه فيها الكثير من الناس سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا وأغلبية دول العالم. وليس هو الوحيد الذي دفعت به دروب التاريخ والوقائع والسياسات والحقب التي شكلت أمريكا منذ عقود إلى الواجهة لكنه بلا ريب الأكثر أهمية والأبرز حضورا باعتباره رئيسا لأقوى دولة فريدة في التاريخ الإنساني.

إذن أوباما مطلب أمريكي هوليودي واجتماعي واقتصادي وسياسي وأخلاقي وقيمي وإنساني ونفسي دفعت به إلى الواجهة أيديولوجيات الجمهوريين وفعالياتهم، في كل مستوى، خاصة تلك التي قادها الرئيس جورج بوش الابن. أيديولوجيات استجمعت كل عناصر الشر والبغض والحقد والكراهية والكذب والتزوير والقتل والتخويف .. أيديولوجيات استحضرت كل نزعات الشر الكامنة في النفس البشرية ضد الأمريكيين والغربيين أنفسهم قبل أن تكون ضد غيرهم.

هكذا برز أوباما في أطروحته الجريئة كساحر لامع لا يجاريه أحد في سحره ولم يجرؤ أحد على قول ما قاله في عمق أمريكا. ولأنه كذلك فقد جند العالم لدعمه في حملته الانتخابية وصدم فوزه عتاة البشر من أمريكا وخارج أمريكا حتى بدا وكأنه "المخلِّص الوحيد" مما وقعت به أمريكا والعالم من كوارث. ولعله من المفيد أن نسوق عينة مما أعده أحد الكتاب (مع قليل من التصرف) لبعض ردود الفعل الأمريكية والغربية في هذا الاتجاه كي نتبين أن الرجل ليس فقط ساحرا بعيون مريديه بل هو حاجة ملحة انتظرها من رغب في "الخلاص" بصورة تقدم أوباما إله أو كالإله أو بديلا عن الإله ، نبيا أو كالمسيح، وكلها تصريحات مثيرة لا تكشف عن كفر في نصرانية الغرب واستعداد لمزيد من التحريف في الكتاب المقدس فحسب بقدر ما تبوح بإلحاد عجيب يجتاح الغرب خاصة في الولايات المتحدة.

• اللقب الشهير لأوباما في أمريكا والإعلام هو “The One” أو الواحد.

• مجلة التايم الأمريكية تشبه أوباما باليسوع: "أوباما أمير كاليسوع".

• الفايننشال تايمز تقول: بواسطة أوباما نستطيع أن نكون الحكومة العالمية الموحدة " And now a world government".

• رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني يقول: العالم استقبل أوباما على أنه المسيح الجديد.

• Jackie Mason يقول: الناس يعبدون أوباما أكثر مما يعبدون الله People Are Worshipping Obama More Than God.

• صحيفة التلغراف البريطانية تنقل تساؤلا شاع قبل تنصيب أوباما يقول: "Was Barack Obama sent by God?" – هل براك أوباما رسول الله؟ وفي نفس الصحيفة كتب Toby Harnden مقالة بعنوان: " Barack Obama described as prophet Moses by bishop." " أوباما هو موسى عصرنا" نقل فيها عن قسيس بريطاني أسود قوله: " He thanked God for having given us a Moses and a Martin called Barack Obama" " أو شكرا لله على أنه وهبنا: " موسى و سنونو* يدعى باراك أوباما".

• لويس فاراخان قائد دولة الإسلام الأمريكي يخطب أمام جمع من الناس واصفا أوباما بـ : "المسيح هو الذي يتكلم".

• الصحفي Jonah GoldBerg كتب في صحيفة نيو يورك بوست الأمريكية مقالا بعنوان:" LOOKING TO OBAMA FOR REDEMPTION". أو "نتوب إلى أوباما"، وفيه يستقصي عبر محرك البحث العالمي Google عن السؤال الشهير the Messiah? " Barack Obama" Is الذي طرحته الكثير من المواقع.

• المجلة الألمانية دير شبيغل: "أوباما المسيح".

بعض الممارسات المثيرة كانت تلك العبارات التي طبعت على القمصان (T-Shirt) والتي كتب عليها (Obama Is God = أوباما هو الإله)، وأخرى طرحت السؤال: "Why are people acting like Obama is GOD?" وثالثة استبدلت العبارة الشهيرة على ورقة الدولار الأمريكي ( بالله نثق): "In God We Trust بعبارة In Obama We Trust ". مثل هذه الأسئلة والعبارات جاءت بعد هوس التصريحات التي أدلى بها عدد من مشاهير المجتمع الأمريكي من الساسة والفنانين من رجال دين وحتى أوباما نفسه.

• المخرج الأمريكي سبايك لي: هذا الحدث "انتخاب أوباما" سيغير كل شيء ... علينا من الآن قراءة الزمن بـ "ما قبل أوباما و ما بعد أوباما" بدلا من التأريخ الميلادي قبل ولادة المسيح عليه السلام وبعده.

• القس الأمريكي الشهير جيسي جاكسون: هذا الحدث من العظمة بمكان سنضطر معه إلى زيادة سوَر في الإنجيل تتحدث عنه".

• الممثل الأمريكي الأسود مورغن فريمن الذي لعب دور رئيس أمريكي أسود في فيلم "ديب إمبكت" سنة 1998، ودور الإله في فيلم "بروس أولمايتي"، جاء إلى أوباما ليهنئه على الفوز فقال أوباما: "هذا الرجل " فريمن" كان الرئيس قبل أن أكون أنا الرئيس....بل هذا الرجل كان الإله قبل أن أكون أنا الإله"!

أوباما مسيحي على سنة الانتخابات الأمريكية ومسلم على منبر جامعة القاهرة ومخلص على ذمة البيض والسود ورسول أو المسيح الجديد أو موسى العصر عند بعض القساوسة وإله على مسؤوليته الشخصية. إنه الساحر الذي ألقى سحره ففتن به من فتن. فما هو الجديد الذي حمله أوباما إلى العالم الإسلامي؟ وأي نوع من الفتنة يمكن له أن يحدثها؟


يتبع ....

********************************

* السنونو طائر أسود رشيق تعتقده الأسطورة الشعبية أحد طيور الجنة.



نشر بتاريخ 10-06-2009

الرد باقتباس
  #2  
قديم 27 06 2009, 01:50 ص
الصورة الشخصية لـ شاكر الأديب
شاكر الأديب شاكر الأديب غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 1,383





من حق الجميع أن يرفض أو يؤيد خطاب أوباما. لكن ليس من حق أحد أن يتجاهل قيمة الخطاب لكونه لا يستجيب لطموحاته ومطالبه أو لأنه لم يتوقف عندها بما فيه الكفاية أو لأنه لم يكن منصفا أو لأنه لم يكن واضحا. كما أن حصر الخطاب بالاحتياجات الأمريكية واعتباره مجرد حملة علاقات عامة لتحسين الصورة المتداعية لأمريكا خارجيا ليس كافيا للإعراض عن الخطاب أو مانعا من التعمق به والبحث عن خفاياه. إذ أن استشراف مستقبل المنطقة في ضوء انتخاب أوباما والسياسات الأمريكية الجديدة توجب على كل مراقب التوقف عند الخطاب طويلا جدا ليس بوصفه خطابا سياسيا تقليديا بقدر ما هو مشروع تاريخي يجد صداه بالدرجة الأساس في المجتمع الأمريكي وفي فلسفة أوباما ذاتها التي تبنت التغيير في الولايات المتحدة أولا بحيث يبدو الخطاب في حقيقته مجرد انعكاس لجزء من الصورة وليس استثناء.


أزمة نظام


تشبه خطوات أوباما وآليات عمله في بعض جوانبها ما فعله ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفياتي في بلاده. ففي عام 1986 عين غورباتشوف رئيسا لدائرة أوربا في الخارجية السوفياتية، وعلى الفور تلقى دعوة لزيارة بريطانيا استقبل خلالها من قبل مارغريت تاتشر استقبال الأبطال. وكان لتاتشر، المنبهرة بغورباتشوف إلى حد الثمالة، تصريحا لافتا في حينه وهي تقول: "هذا هو الرجل الذي يستطيع الغرب أن يتعامل معه". بعد سنتين من الزيارة، وبصورة مفاجئة، تولى غورباتشوف رئاسة الاتحاد السوفييتي (56 سنة) في دولة اعتادت ألا يقل سن زعيمها عن سبعين عاما. وكان أبرز ما أعلن عنه تبنيه لسياسة البريسترويكا (إعادة البناء) والجلاسنوست (الشفافية والانفتاح) التي كانت كقطرة أودت بالاتحاد السوفياتي إلى غير رجعة في بضع سنين لم تزد عن أربعة.

فالحقيقة الصارخة أن كتابات أوباما "أحلام أبي .. قصة عرق وإرث - 1995" و "جرأة الأمل - 2006" وخطاباته التي ساقها في حملاته الانتخابية لم تكن إلا انعكاسا لوضع داخلي مأزوم يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه داخليا وخارجيا على السواء. فأزمة الرهن العقاري كشفت، في الواقع، عن نظام اقتصادي واجتماعي وأخلاقي وسياسي وديني وإنساني وصل إلى طريق مسدود. أزمة نظام توارت خلفه لعقود طويلة من الزمن إن لم يكن لقرون أقسى قيم الغطرسة والاستعلاء والوحشية ضد البشر وضد الطبيعة وضد العلاقات الإنسانية. أزمة لم تكن، في الحقيقة، سوى القطرة التي أفاضت الكأس وفضحت النظام الرأسمالي.

إذن ثمة شبه كبير في الظروف وفي السياسات وفي الأفكار بين ما يعرضه أوباما وبين ما عرضه غورباتشوف قبل وبعد وصولهما إلى السلطة. فكلاهما عبر، في أطروحاته، عن مآزق اجتماعية واقتصادية وسياسية. ولا ريب أن الظروف الراهنة التي تمر بها الولايات المتحدة والعالم تبرر إلى حد ما طرح السؤال: هل سيكون انتخاب أوباما كذات القطرة التي هدمت الاتحاد السوفياتي أو تلك التي فضحت النظام الرأسمالي بحيث تهوي سياساته وأطروحاته بالمارد الأمريكي؟ أم سينجح العطار في إصلاح ما أفسده الدهر؟

منذ خمسينات القرن العشرين والجمهوريون يجهدون بجنون للوصول إلى السلطة في الولايات المتحدة لتنفيذ مشروعهم العنصري والمدمر للبشرية وفي القلب منه المسلمون، وكانت فرحتهم عظيمة بوصول رونالد ريغان إلى السلطة سنة 1981، والذي استقبلته أمريكا وأوروبا والحركة الصهيونية استقبال الفاتحين، فلم يتخلوا عن السلطة إلا باحتلال بيروت وتدمير العراق وضرب ليبيا واحتلال جزيرة غرينادا واعتقال الرئيس البنمي مانويل نورييغا وتفكيك الاتحاد السوفييتي وحصار العالم الإسلامي ونهب ثرواته وتدمير اقتصاداته وإحكام الطوق عليه. ولم تكن السنوات الثماني من حكم الديمقراطيين برئاسة بيل كلينتون إلا استراحة محارب لما بات يعرف بالمحافظين الجدد حتى إذا ما جاءت انتخابات العام 2000 عاد هؤلاء مجددا في صيغة أشبه بانقلاب عسكري أوصلهم إلى رأس السلطة بزعامة جورج بوش الابن بفارق بضع مئات من أصوات غالبية أصحابها من المسلمين في ولاية فلوريدا!

من عجائب القدر أن فوجئ هؤلاء ممن ظنوا أن الطريق خالية لتنفيذ مشاريعهم بتيارات السلفية الجهادية وهي تتحدى وتدك بفعالياتها الهجومية المدمرة رموز القوة الأمريكية في واشنطن ونيويورك واليمن وكينيا. وبدأت المواجهات والحرب الصليبية بين العالم الإسلامي والغرب ، كما أعلنها بوش وقادة الغرب وقساوسته، تدور رحاها في أكثر من جبهة ابتداء من أفغانستان وباكستان مرورا في العراق والصومال وساحات العواصم الأوروبية. وكلما اشتدت المواجهات كلما تعالت أصوات الخوف والرعب الأمريكية من الاستنزاف الاقتصادي والبشري خاصة في الساحة العراقية. وتكبدت الولايات المتحدة خسائر جنونية بعشرات تريليونات الدولارات.

ورغم جسامة الخسائر فلم يرتدع المحافظون عن سياساتهم ورعونتهم خاصة وأنهم ذوو قوى رأسمالية جبارة واحتكارات اقتصادية هائلة فقرروا تعويض خسائرهم بتجويع خلق الله من البشر. وبين ليلة وضحاها ارتفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة ولا مبررة على الإطلاق، وكأنهم يرومون المزيد من الأرباح بعد أن أمعنوا في سفك الدماء وأشاعوا الحروب ونهبوا الدول وسرقوا القطاع العام ولم يتبق لهم إلا الشعوب لإفراغ جيوبهم وتحويلهم إلى أعجاز نخل خاوية. لكن حكمة الله في خلقه هيأت من الأسباب ما يكفي لضرب النظام الرأسمالي برمته في الصميم وفي عقر دياره الأكثر توحشا.

في كل تاريخ أمريكا لم تكن عهود الحكم الجمهوري إلا حقبا مستمرة من سفك الدماء والإبادة والعنصرية والغطرسة والتخويف داخل أمريكا وخارجها. ولم تكن حقبتهم الأخيرة بزعامة بوش الابن إلا ذروة التجسس على الداخل قبل الخارج وذروة المضايقات وذروة التشريع لقوانين لإرهاب وذروة التخويف التي سلطوها حتى على مواطنيهم وأحزابهم وبني جلدتهم بحجة الأمن وحماية أمريكا والشعب الأمريكي. لكن ماذا عساهم يبرروا سطوتهم فيما يتعلق بالفساد والنصب والاحتيال وانهيار النظام الرأسمالي؟ وكيف سيجيبوا مواطنيهم على حملات التهديد المستمرة لهم بالمشاركة في حروبهم الظالمة وممارسة الابتزاز وتجنيد المرتزقة واستغلال المهاجرين غير الشرعيين لقاء جواز سفر أو الطرد من البلاد؟ ماذا عساهم أن يجيبوا على تراجع الدين في البلاد وبدء الحديث عن مخاطر ارتفاع نسبة من يسمونهم اللامنتمون دينيا وهم من يتحدثون عن حروب صليبية ويتلقون الوحي من السماء بدلا من الكنيسة التي من المفترض أنها راعية الدين؟ ماذا عساهم أن يجيبوا على خسائرهم الفادحة في أفغانستان وخاصة في العراق التي كادت تودي بهم إلى غير رجعة لولا أن وجدوا من تطوع لإنقاذهم من هزيمة العصر؟



القوى الاجتماعية


لم يكن خطاب أوباما للعالم الإسلامي إلا جزء من مشروع تغيير شامل يستهدف إيجاد حلول للمسائل الاجتماعية الكبرى التي عصفت بأمريكا على امتداد قرون وغدت تتراكم ككرة الثلج منذرة بانفجارات اجتماعية في يوم ما قد لا يكون بعيدا إذا استمرت دون معالجة. فلم يعد للمواطنة ولا للدين ولا للإبداع ولا للأخلاق أية معايير يمكن الركون إليها سوى العنصرية وأحط القيم الإنسانية التي تفرزها المادة كسلعة قابلة للمتاجرة والخضوع لقيم السوق. ولم يعد أحد قادر على مواجهة ما يمكن تسميته بامتياز "طغمة المحافظين" المسعورة التي قدمت مصالحها على كل قيمة في الولايات المتحدة وخارجها وأرعبت كل من يواجهها وتسببت بتفعيل حاد لمعايير الانقسام على أسس الدين والثروة والثقافة واللون والجنس .... طغمة مارست شتى أنواع النفاق والاستغلال والكسب غير المشروع والكذب والمراهنات المالية على الانهيارات الاقتصادية والبنكية حتى في ذروة الأزمة الاقتصادية العالمية التي تسببت هي نفسها بوقوعها وجندت معها حتى قوى المال العالمية ليخرج علينا مدير البنك الدولي بكل صفاقة واستخفاف قائلا بأن علينا أن نتعايش مع غلاء الأسعار حتى العام 2015! وكأن القدر أمريكي الهوية!

كل العالم فردا فردا ما زال يدفع ثمن جنون المحافظين وحلفائهم من مجرمي الرأسمالية العالمية التي لا يضيرها حتى ما يحيق بمواطنيها. في هذه السياقات يأتي مشروع أوباما صدى بصريح القول لأزمة نظام وصل إلى طريق مسدود يهدد حتى الولايات المتحدة من الداخل بأوخم العواقب. وكان من الطبيعي أن تلاقي أطروحات أوباما الاجتماعية دعما وتأييدا من القوى الاجتماعية أكثر مما لاقته من القوى السياسية والاقتصادية المدانة اجتماعيا مهما بلغت من التنظيم في صورة مؤسسات وجماعات ضغط.

فخلال حملاته الانتخابية برزت حركة شعبية أمريكية محمومة لطرد الجمهوريين من الحكم لدرجة أن المرشح المنافس لأوباما جون ماكين طلب من جورج بوش عدم الظهور معه في حملاته الانتخابية خشية أن يسبب له مزيدا من الحرج ويؤثر على فرصه في الفوز، لكن الحملات الانتخابية كانت من الضراوة بحيث يمكن توصيفها بأنها انتقام بشع من حقبة المحافظين ليس في عهد بوش فقط بل في كل العهود السابقة التي تولوا بها حكم أمريكا منذ تأسيسها، فكانت الخسارة جسيمة حتى في الكونغرس الأمريكي بحيث لم يتبق للجمهوريين موطئ قدم إلا في أروقة حزب شبه منهار لم تستطع عضلات أرنو لد شوارزنيغر المفتولة أن تسنده ولا أقدامه القوية أن توقفه على قدميه.

وفي العادة فإن المؤسسات هي من يتحكم إلى حد بعيد بانتخاب الرئيس إلا في حملة أوباما فقد كان لعشرات الآلاف من فرق الشباب، حتى المسلمين منهم، دورا تطوعيا فعالا في الترويج لأوباما عبر السيطرة المبكرة على المراكز الثقافية والصالات العامة والتجمعات وخاصة في مقاهي النت وبث ملايين الرسائل للأصدقاء والمجموعات البريدية والمنتديات الحوارية لدرجة فاجأت أوباما ودفعته إلى توجيه عدة رسائل فيديو عبر الشبكة الإلكترونية. وإلى حد كبير يمكن القول أن الطبقة المسحوقة هي التي انتخبت أوباما وكذا الطبقة المتوسطة الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية كونها فقدت الكثير من وظائفها وامتيازاتها وخسرت استثماراتها من الورش الصناعية الصغيرة التي لم تعد تجد من يمولها، فلماذا ينتخب أمثال هؤلاء بوش أو المحافظين؟

ولأن الفقراء في أمريكا لهم أمثالهم في العالم وكذا الأغنياء وتشكيلات الطبقات الوسطى؛ فقد امتد التعاطف والمساندة لأوباما إلى خارج الحدود. فكشفت نتائج الانتخابات عن قاعدة شعبية واسعة النطاق داخل الولايات المتحدة وذات محتوى عالمي بخلاف حملات الرئاسة السابقة. قاعدة ناقمة على الجمهوريين وما خلفوه من كوارث عالمية، ولا شك أن الجمهوريين تمنوا لو أن الانتخابات لم تقع وليست جزء من النظام السياسي على قدر فداحة الخسارة التي أصيبوا بها. هنا بالضبط وعلى هذا النحو ينبغي قراءة أوباما وأطروحاته والتوقف عندها باعتبارها ردا على الداخل الأمريكي لا بد وأن ينعكس على الخارج. وكل ما علينا هو التوقف عن التسرع في تحديد المواقف ومراقبة أثر السياسات الأمريكية على قضايانا سواء عبر الخطاب أو غيره من التصريحات والتحليلات الغربية على وجه الخصوص حتى نكون على صلة مباشرة فيما يدور من حولنا ولا نفاجأ بما لا تحمد عقباه.


يتبع قريبا .. .


نشر بتاريخ 17-06-2009


الرد باقتباس
  #3  
قديم 27 06 2009, 12:11 م
الصورة الشخصية لـ شاكر الأديب
شاكر الأديب شاكر الأديب غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 1,383



منذ النصف الثاني من القرن العشرين لم يسبق أن تقدم رئيس غربي ولا أمريكي بخطاب استراتيجي شامل إلى العالم الإسلامي كما فعل أوباما. ولم تكن مفردات ولا مصطلحات ولا أطروحات أوباما لتتماثل مع أي خطاب أمريكي أو غربي. وبكل بساطة يمكن القول أن المستوى الأول من التحليل عليه أن يقرّ بأننا إزاء لغة جديدة ومضمون جديد بكل معنى الكلمة. ولا يهم في السياق أن يكون أوباما قد أودع خطابه بيد السحرة من المثقفين أو المستشرقين والعلماء أو أية جهة كانت لتنقيحه أو تعديله كي يتلاءم وعقلية المسلمين لاسيما العرب منهم. فالمهم أن نعرف بالضبط ما هي أطروحات الخطاب؟ وفي أي سياق قيلت؟ وما مدى مصداقيتها؟

كحصيلة أولية خلف خطاب الرجل انطباعات إيجابية وهو يتحدث عن الإسلام وتاريخه وعن الحضارة الإسلامية ودورها في نهضة الغرب وعن حقيقة الإسلام وعن وجوب أن يكون شريكا في إدارة المشكلات الدولية وإيجاد الحلول لها؛ وحين تحدث عن بعض المظالم والأخطاء وعن "توتر تمتد جذوره إلى قوى تاريخية تتجاوز أي نقاش سياسي راهن"؛ وحين أعلن عن مسؤوليته كرئيس في " التصدي للصور النمطية السلبية عن الإسلام أينما ظهرت" والتي تسببت بها أحداث 11 سبتمبر 2001 إلى الدرجة التي وصل بها الأمر إلى "اعتبار الإسلام معاديا لا محالة ليس فقط لأمريكا وللبلدان الغربية وإنما أيضا لحقوق الإنسان" مطالبا بتطبيق المبدأ ذاته على صورة أمريكا لدى الآخرين؛ وحين حمّل ما أسماه بدوائر "الارتياب والشقاق" لدى الجانبين المسؤولية الكاملة عن تكوُّن الصورة النمطية السلبية تجاه كل منهما.

في متن الخطاب توقف أوباما عند ما اعتبرها مجموعة من أبرز "التوترات" بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة كالتطرف (العراق وأفغانستان) والبرنامج النووي الإيراني وفلسطين والديمقراطية والحرية الدينية والاقتصاد. ولأنها (التوترات) قضايا خلافية كبرى يجب أن تناقش لإيجاد حل لها فلا بد من "الصراحة" كآلية عمل وتفكير بين الجانبين "بغض النظر عن أفكارنا حول أحداث الماضي فلا يجب أن نصبح أبدا سجناء لأحداث قد مضت إنما يجب معالجة مشاكلنا بواسطة الشراكة كما يجب أن نحقق التقدم بصفة مشتركة" وإلا فـ " لن نتقدم أبدا إلى الأمام إذا اخترنا التقيد بالماضي".

لكنه لم يتحدث عن بداية جديدة، كما يظن البعض، بل في "البحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل" مشيرا إلى:
(1) أن "أمريكا ليست ولن تكون أبدا في حالة حرب مع الإسلام"؛
(2) وأن "التغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها"؛
(3) وأنه "لا يمكن لخطاب واحد أن يلغي سنوات من عدم الثقة"؛
(4) وأنه " لا يمكنني أن أقدم الإجابة عن كل المسائل المعقدة التي أدت بنا إلى هذه النقطة"؛
(5) وأنه " يجب علينا ... أن نعبر بصراحة عما هو في قلوبنا وعما لا يقال إلا وراء الأبواب المغلقة"؛
(6) وأن " يتم بذل جهود مستديمة للاستماع إلى بعضنا البعض"؛
(7) و "للتعلم من بعضنا البعض"؛
(8) وعن "الاحترام المتبادل"؛
(9) و "البحث عن أرضية مشتركة".

لا ريب أن ما يعرضه أوباما على العالم الإسلامي منسق بدقة فائقة. وحتى لو كان بثوب جديد إلا أنه مختلف جذريا عن أسلوب المحافظين، ومختلف حتى في قواعد العلاقات المقترحة للحوار، ومختلف في مضامين الأطروحات المقدمة. وفضلا عن أن ما يقدمه أوباما هو مشروع ضخم فإن أبرز ما فيه أنه مخالف مبدئيا (وليس مختلف) للسياسة الأمريكية التي ألفناها وغيرنا من الأمم طوال عقود ماضية، ومخالف حتى للثقافة الأمريكية ذات النزعة الاستعلائية والعدوانية، ومخالف لمحتوى البرامج الانتخابية التقليدية. إنه باختصار يتحدث عن جزء من معتقداته وتجربته الشخصية، وبلسانه يقول: " يعود جزء من اعتقادي هذا إلى تجربتي الشخصية".

ففي مقابلة له مع محطة الـ BBC البريطانية (1/6/2009) اعترف أوباما بأن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تفرض قيمها على الدول الأخرى. وهذا جديد كل الجدة بالمقارنة مع الأطروحات السابقة التي لم تكن لتتحدث إلا عن النمط الأمريكي والغربي بوصفه نمطا كونيا أزليا، وما على الآخرين إلا أن يكيفوا عقائدهم وثقافاتهم لتلائم نموذج "الإنسان الأخير". لكن الحديث في هذه النقطة بالذات ينبغي أن يوزن بدقة فائقة. فالنمط الأمريكي، "بشروط أوبامية جديدة"، هو خيار داخلي مقبول. ومع ذلك فلا يجوز فرضه على الآخرين. لذا فإن أوباما يتحدث بالضبط عن تعديلات في أطروحات النمط الأمريكي التقليدي من جهة وعن تجاوز "للصورة النمطية السلبية" وليس عن النمط بحد ذاته حتى المعدل منه.

إذن مشكلة النمط تكمن فيما علق به من صور سلبية تراكمت عبر عقود، وربما قرون، وعملت حقبة الجمهوريين الأخيرة في الحكم على إيصالها إلى الذروة بفعل سياساتها ومعتقداتها الخاصة بها والبعيدة عن حقيقة أمريكا ، فهي من تسبب بالأزمة وفاقمها إلى الدرجة التي فقدت معها الولايات المتحدة الكثير من مكانتها حتى أنها لم تعد أكثر من دولة عظمى وإنْ ظلت الأقوى مقارنة بغيرها. وبالتالي فإن خطاب أوباما، كما هي كتاباته وخطاباته السابقة، يأتي كما لو أنه إدانة بقدر معين للحقبة وليس تبنيا لها، وإدانة صريحة لتجار الأطروحات الدموية والحروب وليس ثناء عليهم، خاصة لأبرز رموز الثقافة الأمريكية وتطبيقاتها الاجتماعية والإنسانية، وإدانة إجمالية حتى لبعض جوانب التاريخ الأمريكي.

ففي عهد أوباما من المفترض ألا يكون لفرانسيس فوكوياما صاحب "الإنسان الأخير ونهاية التاريخ" الذي تحدث فيه عن انتصار الرأسمالية وسيادتها كنمط عالمي مثالي وجود في الفكر الأمريكي علما أنه تراجع عن أفكاره. ولم يعد صموئيل هانتنغتون صاحب "صدام الحضارات" موجودا حتى على قيد الحياة، ولن يجد القس جيري فالويل وجيري فاينز وبات روبرتسون وفرانكلين جراهام مساحة كبيرة لأطروحاتهم العنصرية الفجة. ولم يتبق للأسود دانيال بايبس صاحب أشد الأطروحات عنصرية وحقدا خاصة على الإسلام والمسلمين حضور يذكر إلا في الصالات الملائمة له. والأمثلة في السياق لا شك كثيرة. لكن من المهم أن نختم بالقول بأن النموذج الأمريكي في الاجتماع الإنساني، بحسب أوباما، لم يعد مقبولا حتى على الصعيد الأمريكي. وبحسب خطاب أوباما فإن: "أي نظام عالمي يعلي شعبا أو مجموعة من البشر فوق غيرهم سوف يبوء بالفشل لا محالة".

إذن ليس من المنطق ولا العقل أن نقول أن الخطاب خلا من أي جديد خاصة وأن تجربته الشخصية احتلت حيزا كبيرا ليس في الخطاب فقط بل وفي برامجه وخطاباته الانتخابية في عقر دار أمريكا. وهذا لا شك سلوك سياسي ينطوي على مغامرة كبيرة أن يضع مرشح رئاسي تجربته الشخصية موضع اختبار شعبي في مجتمع تديره مؤسسات وكارتيلات حكم وجماعات ضغط ضخمة.

لكن الكثير من ردود الفعل العربية على الخطاب تعاملت معه كخطاب سياسي عابر بينما هو بداية لمشروع برسم التمرير، ولما نقول مشروع فهذا يعني أن للخطاب ساحة صراع مركزية ليست هي الساحة العربية أو الإسلامية بقدر ما هي ساحة المجتمع الأمريكي بكل تاريخه ومكوناته الثقافية والمؤسساتية وأدائه التاريخي. وكان من الملفت حقا أن تتفاعل حزمة لا بأس بها من الردود بما يشبه الغرام بأوباما خاصة من بعض الرموز الليبرالية وما يسميه البعض بمشايخ المارينز، وحزمة ثانية انبرت أقلامها، على عجل كما لو أنها تسابق الزمن في الرد على الخطاب حتى قبل أن يلقيه صاحبه من على منابر جامعة القاهرة بساعات! وحزمة ثالثة تفاعلت معه كما لو أنها تخاطب رئيسا عربيا علما أن الكثير منها شككت في قدرة أوباما على تحويل أقواله إلى أفعال،. وفي هذا السياق من المهم الإشارة إلى ملاحظة أحد الكتاب وهو يشير إلى أن الدفاع عن إسرائيل وحمايتها مثلا بات مسألة ثقافية في المجتمع الأمريكي وليس مجرد مسألة سياسية خلافية يمكن وضعها على طاولة المفاوضات، وهذا يؤشر على أن أكثر ما يمكن أن يفعله أوباما، فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، ربما لن يتعدى إلقاء حجر في بركة مياه آسنة لزجت منذ عهد طويل، أما أن يحدث فيها حراكا فهذا يتوقف على حجم الحجر وقوة الضربة.

إلى هنا فالسؤال ليس عن الجديد فقط بل عن جواهر أطروحات أوباما؟ وعن حقيقة ما يسمى بالمصالحة مع الإسلام؟ وعن هوية القوى المعنية بقيادة التغيير وإنجاحه سواء في أمريكا أو في بلدان العالم الإسلامي؟

يتبع ....



نشر بتاريخ 18-06-2009




..........
الرد باقتباس
  #4  
قديم 27 06 2009, 08:32 م
فارس الفجر"" فارس الفجر"" غير متصل
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2005
المشاركات: 876

بارك الله فيكم ..

الرد باقتباس
  #5  
قديم 27 06 2009, 11:59 م
الصورة الشخصية لـ شاكر الأديب
شاكر الأديب شاكر الأديب غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 1,383



لا شك أن مفهوم "الشراكة" شكل جوهر الخطاب وحجر الأساس في أية علاقة قادمة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة. ففي خطاب التنصيب عرض أوباما على العالم الإسلامي "مقاربة جديدة ترتكز على أساس المصلحة والاحترام المتبادلين". وفي خطابه في القاهرة قال: "يجب معالجة مشاكلنا بواسطة الشراكة كما يجب أن نحقق التقدم بصفة مشتركة". لكن ما هي الشراكة التي يطرحها أوباما؟ وما هي مضمونها؟ وأية علاقة للديمقراطية بها؟

أول تطبيقات مصطلح الشراكة كان من نصيب أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ثم اليابان وما يسمى، فيما بعد، بنمور آسيا. ولمن هو على صلة بالمفهوم، تاريخيا وواقعيا، يعلم جيدا أنه تمخض عنه تقاسم للنفوذ السياسي في العلاقات الدولية بين القوى الكبرى حصلت بموجبه خمس دول على حق النقض فيما تم تجاهل باقي دول العالم الأخرى. بالنسبة لأوروبا وحدها فقد حصلت على مقعدين دائمين في مجلس الأمن، والاتحاد السوفياتي ومن بعده الصين حصل كلا منهما على مقعده الدائم. وباتت العلاقات الدولية رهينة بيد هذه القوى الكبرى دون غيرها. فالقانون والقرارات والتشريعات ومسائل الأمن والسلم والحروب والاقتصاد والتجارة والمال والإعلام وحقوق الإنسان كلها وغيرها مسائل تهيمن عليها مجموعة القوى المتنفذة في العالم بصورة مباشرة. إنْ هي إلا قسمة ضيزى لم يكن للعالم الإسلامي حظ منها إلا التقسيم والتفكيك والاغتصاب والاحتلال والنهب والخداع والقتل والتخريب والتدمير وهدم نظام الخلافة وزرع إسرائيل في قلب الأمة والحيلولة دون حقوقه أو تقدمه علميا واقتصاديا وسياسيا ولو خطوة واحدة ...

على المستوى الاقتصادي مثلا حظيت أوروبا، بما فيها دول المحور الثلاث إيطاليا وألمانيا والنمسا، بعد الدمار الذي لحق بها بشراكة سخية تمثلت بمشروع مارشال لإعادة بنائها، وصارت ضمن النظام المالي والاقتصادي والتجاري والإعلامي المحتكر لأكبر القوى المصنعة والمنتجة عالميا. وسياسيا تحررت أوروبا من القوى الفاشية والنازية وباتت جزء من المنظومة الليبرالية القائمة على حق التعبير وتداول السلطة سلميا عبر النظام الديمقراطي والانتخاب الحر لتحظى بلقب المجتمعات الحرة، واجتماعيا تمتعت بقدر متفوق من الخدمات والرعاية في الصحة والتعليم والإسكان والعمل وحزم التأمينات والتمويل، وسعة في وسائل ونظم وتقنيات الاتصال والإعلام. واستراتيجيا تمتعت أوروبا الغربية بحماية أمريكية شاملة ضد المنظومة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفييتي. وفي وقت لاحق امتدت الشراكة الغربية إلى بعض الدول الآسيوية كاليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وهونغ كونغ وتايوان.

ولفهم الشراكة كمسألة يمكن صناعتها بامتياز نسوق الصين كمثال حي. فحتى نهاية الثمانينات كانت الصين متهمة، على الدوام، بانتهاك حقوق الإنسان. وكانت أجندة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان لا تخلو من هذا البند في كل مناسبة في إطار الحرب على الشيوعية. فما كان من الصينيين إلا أن اقترحوا على الأمريكيين والغربيين رفع الحظر عن سفر الصينيين إلى خارج البلاد وفتح حدودهم لاستقبال مئات الملايين من المنشقين كما يحلو للغربيين وصف المعارضين لأنظمتهم السياسية. ومنذ ذلك الحين توقفت النغمة الأمريكية والغربية عن انتقاد الصين فيما يتعلق بحقوق الإنسان. فالمنطق والعقل قضى بأن تتوقف الولايات المتحدة عن سياسات لا معنى لها سوى إضفاء المزيد من العبث والتوتر في مسار العلاقات الدولية.

واليوم ما من أحد ينكر حجم الاستثمارات الغربية الجبارة في الصين، وما من أحد ينكر أن للصين أكبر احتياطي استراتيجي من السيولة النقدية. وما من أحد ينكر أن الصين بعد الأزمة الاقتصادية أصبحت المالك الأكبر لسندات الخزينة الأمريكية لدرجة أن الحديث يجري اليوم فقط عن صمود الدولار كعملة عالمية لمدة عشر سنوات فقط. وهذا يعني أن الصين غدت صمام الأمان للولايات المتحدة وللاقتصاد العالمي. فليس من مصلحة الصين انهيار أمريكا وليس من مصلحة هذه الأخيرة أو الغرب إضعاف الصين. فالمصالح المتبادلة هي من يتحكم في العلاقات بين الجانبين. ويكفي أن نتخيل حال الولايات المتحدة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية فيما لو بقيت العلاقات مع الصين تدور في فلك العداء الأيديولوجي واسطوانة حقوق الإنسان. هذا جانب من التبادلية والشراكة مع دولة كانت بالأمس القريب عدوة للغرب.

مثال آخر: منذ خمسينات القرن العشرين والدول العربية تطالب بنقل التكنولوجيا وقسط من التنمية الاقتصادية دون أن يستمع إليها أحد. وكانت النتيجة أن قامت بعض الدول بمبادرات ذاتية كالجزائر والعراق وكانت النتيجة تحطيم البلدين. بينما في الدول الآسيوية قامت الولايات المتحدة والدول الغربية بعمليات نقل واسعة النطاق لمختلف صنوف التكنولوجيا بدء من الستينات والسبعينات شملت حتى المصانع بما تحتويه من المواد الخام وأطقم الإدارة والتحكم. فهل هذا ما تطرحه الولايات المتحدة على العالم الإسلامي؟

يبدو أن هناك توجه أمريكي في التعامل مع العالم الإسلامي يبدأ من داخل أمريكا نفسها. وتصف داليا مجاهد مستشارة الرئيس أوباما الصورة الشائعة عن المسلمين في الولايات المتحدة: " أنهم مصدرا للقلاقل، ويحجمون عن المشاركة في إصلاح مشاكل العالم ". أما شهادتها أمام الكونجرس فقد فسرت بموجبها أسباب كراهية المسلمين للولايات المتحدة حيث توقفت عند:
(1) السياسات الأمريكية "المعادية" للمسلمين في العراق وأفغانستان وفلسطين المحتلة،
(2) وإحساس المسلمين بالهيمنة والسيطرة الأمريكية على بلادهم،
(3) وشعورهم بعدم احترام واشنطن لهم؛ حيث يعتقد كثير منهم أنها تحرم العالم الإسلامي من حقه في تقرير المصير والديمقراطية عبر دعمها لنظم سلطوية.

إذا كانت هذه هي الصورة الشائعة عن المسلمين؛ أليس من المثير حقا أن يتذكر أوباما "فجأة" اعتبار الإسلام "جزء من قصة أميركا" ويبدأ بسرد منجزاتهم وخبراتهم وتفوقهم في ميادين شتى وكأن المسلمون هم من اكتشفوا أمريكا وأسسوا جيمستاون!؟ بالتأكيد فلسنا نقلل من شأن المسلمين هناك لكننا لسنا مستعدين لتقبل مداعبات فارغة من محتواها. إذ من الطبيعي أن تكون الصورة الشائعة أيضا لدى الأمريكيين، بحسب كيث إليسون النائب المسلم في الكونجرس (إسلام أن لاين 27/5/2009)، تعتقد بأن "الولايات المتحدة منفصلة عن العالم الإسلامي" وهذه بحسب إليسون، إحدى المشكلات عند الحديث عن العلاقات الأمريكية الإسلامية. وهي حقيقة موضوعية لا ينفع تحميلها ما لا تحتمل لأن الولايات المتحدة هي التي اختارت فعلا العزلة الدولية لنفسها ولم يفرضها عليها أحد إلى أن ساهم في إخراجها منها اليابانيون حين ضربوا ميناء بل هاربر (7 /12/1941)، وبالتالي فليس للمسلمين شأن بهكذا اختيار.

لكن الاستهتار بالعالم الإسلامي هو جزء من الثقافة الأمريكية التي تستعلي أصلا على الآخرين. فالأمريكيون البيض يعتبرون أنفسهم المكتشفين والمؤسسين وورثة الحضارة الأوروبية، ولا شأن للأفارقة ولا للآسيويين أو حتى لسكان البلاد الأصليين بهذه الحضارة، فلماذا يكون أمثال هؤلاء جزء منها أو شركاء في الوطن الجديد؟ وبماذا سيختلف المسلمون عنهم فيما العالم الإسلامي يقع خارج القارة الأمريكية حقيقة وخارج الحضارة والجغرافيا الأوروبية ثقافة واعتقادا، خاصة وأن المسلمين هاجروا إلى أمريكا كأفراد ولم يكونوا قط تعبيرا عن هوية إلا بعد ما فعلته بهم هجمات 11 سبتمبر 2001؟ باختصار فإن أمريكا ليست ولم تكن معنية في يوم ما بأية شراكة لا مع مسلميها ولا مع العالم الإسلامي فلماذا الآن إذن؟

وفي المحصلة فإن الشراكة المقترحة بحسب المنظور الأمريكي تقوم على:
1) استحداث برامج عمل مشتركة حدد الخطاب بعضا منها.
2) الاستماع إلى العالم الإسلامي.
3) التواصل مع العالم الإسلامي على أن يكون مسلمو أمريكا هم رأس الحربة بشرط أن يقتربوا من المجتمع الأمريكي أكثر. وبحسب إليسون: "إذا أراد مسلمو أمريكا التأثير على الساحة السياسية فعليهم أن يتبنوا مواقف موحدة من القضايا المشتركة".
4) والأهم هو دعوة العالم الإسلامي إلى المساهمة في حل المشكلات العالمية بحيث يكون جزء فاعلا في العالم وليس هامشيا كما هو الحال.

في رسالة مفتوحة إلى أوباما نشرها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) على موقعه الإلكتروني قبل الخطاب المنتظر تضمنت دعوة الرئيس الأمريكي إلى تضمين خطابه توصيات سياسية محددة لإعادة السلام إلى البلدان الإسلامية، وتحسين صورة أمريكا لدى شعوبها، لا أن يكون خطابا عاما يتحدث فقط عن النوايا والرغبات. واقترح المجلس مجموعة من المبادرات منها دعم المؤسسات التي تعمل في البلاد الإسلامية على نشر الديمقراطية والحرية وتطبيق سلطة القانون على جميع الفئات، مذكرا بأخطاء الإدارات الأمريكية السابقة التي كانت تتحدث عن دعم تلك القيم في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن ممارسات الاحتلال في الأراضي العربية، والنظم الحاكمة الديكتاتورية. لكن هل الديمقراطية جزء من الشراكة المقترحة؟

لا شك أن تصريحات أوباما كانت مخيبة لآمال الذين انتظروا منه بعض المساندة أو حتى حسم المسألة في خطابه المنتظر. وعلى العكس تماما من التوقعات تراجع أوباما عن الديمقراطية فور تراجعه عن عالمية النموذج الأمريكي. ففي مقابلته مع محطة الـ BBC (1/6/2009) قال أوباما "أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تفرض قيمها على الدول الأخرى" خلافا لما قاله في مقابلته مع جوستن ويب مراسل الـ BBC في واشنطن: " تمثل الرسالة التي آمل في توجيهها أن الديمقراطية وحكم القانون وحرية التعبير وحرية الدين ليست بكل بساطة معتقدات غربية يتم التبشير بتطبيقها في تلك الدول ولكني أعتقد أنها معتقدات عالمية يمكنهم تطبيقها وإقرارها كجزء من هويتهم الوطنية". وأضاف: "أعتقد أن الخطورة عندما يساور الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى الاعتقاد بأنها قادرة على فرض هذه القيم على دولة أخرى لها تاريخ مختلف وثقافة مختلفة".

هذه التصريحات لأوباما ليست تراجعا عن سياسات الجمهوريين السابقة بل تراجعا حتى عن التوجهات الأمريكية التقليدية التي كانت تضع حقوق الإنسان جنبا إلى جنب مع الديمقراطية في تقييمها لأي نظام سياسي في العالم. ومن الأولى القول أن أوباما تبنى الخطاب العربي الرسمي على وجه الخصوص فيما يتعلق بالديمقراطية. فقد كان المصريون وخاصة السعوديون الأكثر امتعاضا من الإصرار الأمريكي على منح المزيد من الحريات وحق التعبير عن الرأي، وكان ردهم على المطالب الأمريكية بأن لكل مجتمع خصوصياته وتقاليده وثقافته. وها هو أوباما نفس مفردات الاحتجاج الرسمية: " اسمحوا لي أن أتحدث بوضوح وأقول ما يلي: لا يمكن لأية دولة ولا ينبغي على أية دولة أن تفرض نظاما للحكم على أية دولة أخرى. ومع ذلك لن يقلل ذلك من التزامي تجاه الحكومات التي تعبر عن إرادة الشعب حيث يتم التعبير عن هذا المبدأ في كل دولة وفقا لتقاليد شعبها".

خلال خطاب لها في القاهرة سنة 2005، قالت وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس أمام طلاب في الجامعة الأمريكية بأنه: "لمدة ستين عاماً، كانت الولايات المتحدة تسعى لتحقيق الاستقرار على حساب الديمقراطية في الشرق الأوسط، ولم نحقق أياً منهما". وفي مقالها "الجنين وأجندة الديمقراطية في الشرق الأوسط"، (مجلة "واشنطن كوارتيرلي" – يناير 2009 ) توقعت "ميشيل دن Michele Dunne" الباحثة في مركز "كارنيجي"، ومحررة "نشرة الإصلاح العربية Arab Reform Bulletin" أن تؤجل إدارة أوباما قضية "دمقرطة" الشرق الأوسط؛ نظرا لتعارضها مع المصالح الإستراتيجية الأمريكية. فالأنظمة الديمقراطية في المنطقة، كما تقول الباحثة على ألسنة الكثيرين، لم تشهد زهوا في عهد بوش الابن؛ بل إن تركيزه على مسألة الديمقراطية أسفر عن اندلاع إشكاليات جسيمة خاصة في العراق وفلسطين بدلا من إسفارها عن إيجاد حلول عملية. ولذلك كانت قناعة الكثير من المراقبين أنه ليس بالإمكان ضمان قدرة الولايات المتحدة على تعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط، دون المخاطرة باستقرار المنطقة، وتعريض المصالح الأمريكية للخطر مع عدم إغفال توفر فرص خلال السنوات القادمة.

أخيرا

لنقل بصراحة أن الشراكة المعروضة علينا تقع إما في نطاق الاحتياجات الأمريكية الأمنية وإما في نطاق التشريع لاستمرار الأنظمة السياسية، وحين الحديث عن حقوق الإنسان فلا بد من التذكير أن التوجهات الأمريكية بإغلاق سجن غوانتانامو لا تعني نهاية لأفظع الانتهاكات الأمريكية في التاريخ الإنساني الحديث، فما زال أوباما والسلطات الأمريكية إلى اليوم يحتفظان بصلاحيات احتجاز أشخاص لمدة غير محدودة دون محاكمة. ولا شك أن الحديث يطول في هذا الجانب؛ لكن لكل مقام مقال.

أما الديمقراطية فقد تهرب منها الخطاب وأوكلها إلى ثقافة كل بلد وعاداته وتقاليده وليس إلى مسؤولية النظام السياسي خاصة وأنه ثمة نظم سياسية إسلامية لا تعنيها العادات ولا الثقافات ولا حتى العقيدة. بل أن هناك نظم سياسية في العالم الإسلامي كنظام كريموف في أوزباكستان يمكن تصنيفه كواحد من أشد النظم وحشية بما يتجاوز حتى حقبة النظم الشمولية زمن الاتحاد السوفييتي. أما بالنسبة للذين طعنوا بمصطلح "العالم الإسلامي" من الكتاب الأمريكيين اليمينيين خاصة في الواشنطن بوست بوصفه "عالما أسطوريا" فهم محقون بعض الشيء لاسيما وأن هناك تفاوت سياسي وتقني واجتماعي واقتصادي فيما بين البلدان الإسلامية، وهناك تباين من النقيض إلى النقيض في مستوى الحريات. فكيف يمكن مقارنة النظام السياسي وهامش الحرية مثلا في أندونيسيا وماليزيا وتركيا بالأنظمة السياسية العربية أو الآسيوية؟ وكيف يمكن التعامل مع المسألة الطائفية بين السنة والشيعة في إطار عالم واحد يسمى "العالم الإسلامي"؟ هذه الحقيقة دفعت آخرين إلى التساؤل حقيقة عن جمهور الخطاب الذي يتوجه إليه أوباما؟ وعن حقيقة الشراكة المقترحة؟

يا ترى! هل الليبراليون ودعاة الحرية والديمقراطية من جمهور الخطاب؟ وما هو موقف هؤلاء لاسيما أولئك الذين قضوا أعمارهم يستقوون بالولايات المتحدة منتظرين منها تدخلا مباشرا أو دعما يجلب لهم الديمقراطية والنمط الأمريكي فإذا بها تفلت من اليد الأمريكية وترتقي إلى مستوى "معتقدات عالمية يمكنهم تطبيقها وإقرارها كجزء من هويتهم الوطنية"! فهل سينجحون في فرضها وحدهم؟ أم سيضطرون إلى لبس جلابيبهم من جديد؟ ربما! أو كيف سيتصرفون إزاء الأطروحات الأمريكية الجديدة؟ وكيف ستكون استراتيجياتهم المقبلة؟


نشر بتاريخ 19-06-2009



...>>...


الرد باقتباس
  #6  
قديم 28 06 2009, 01:26 م
الصورة الشخصية لـ شاكر الأديب
شاكر الأديب شاكر الأديب غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 1,383





لا شك أن مشروع الرئيس الأمريكي أوباما ينطوي على جرأة سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها. ولعل أهم ما يميز جرأة الرجل هو تأكيده، في كتاباته أو تصريحاته، على مبدأ "الصراحة" في العلاقات مع أصدقائه الحميمين ومع خصومه على السواء. لكن خطاب القاهرة امتلأ بالمتناقضات العجيبة والأطروحات الشرطية والإملاءات رغم أنه خضع للرقابة من عشرات المفكرين والخبراء والسحرة البارزين. والسؤال: كيف يمكن عرض "الصراحة" كمبدأ في الحوار بينما تشترط منهجية الخطاب على العالم الإسلامي تجاوز الماضي؟ فهل ثمة مواضيع يمكن مناقشتها بـ "صراحة" دون أن يكون لها جذر ومتن؟ لنستطلع بعض معالم السحر والصراحة على حقيقتها.


أولا: "الحاج" أوباما "المرتد"

لسنا نزعم أننا أصحاب دول متقدمة أو "مستورة"، فالحقيقة التي لم نعد نخجل منها أن الغالبية الساحقة من دول العالم الإسلامي هي دول ومجتمعات متخلفة وفقيرة وشبه معدمة. وتحكمها أنظمة سياسية موغلة في الجهل والديكتاتورية وحتى الوحشية. ومع ذلك تتلقى وفود الدول الأمريكية والغربية لدى زيارتها بلداننا تعليمات بالثناء على البلد والشعب المضياف مشفوعة بتصريحات تشيد بالتقدم الحاصل في القطاعات المختلفة والإنجازات المتحققة، وتبدي إعجابها بحكمة الحكام ونضج الحكومات لدرجة تبهر الوفد الزائر بمدى الرشد الذي وصل إليه البلد! أما لماذا تتلقى الوفود مثل هذه التعليمات فلأن المجاملات تروقنا وتضفي المزيد من الشرعية على الوضع القائم.

هذا بالضبط ما تلقاه أوباما من بعض الخبراء الذين نصحوه في الاستشهاد ببعض الآيات في القرآن الكريم والثناء على الحضارة الإسلامية ودور الإسلام في نهضة البشرية إلى حد أنه غدا "جزء من قصة أمريكا". لذا فقد أبهر أوباما، في خطابه، الحضور وهو يقدم نفسه، عبر فقرة مدهشة، كرئيس قادم من بلاد بعيدة، مثنيا على عراقة جامعتي القاهرة والأزهر ودورهما كمنارات في العلوم والرقي، رغم أنه من بين 500 جامعة في العالم لم تكن ثمة جامعة عربية واحدة، ومعربا عن امتنانه لحسن الضيافة وحفاوة شعب مصر. وما أن بدأ خطابه بعبارة "السلام عليكم" حتى قامت القاعة ولم تقعد، فالرجل يتحدث العربية وليس الإنجليزية فقط، ويلقي على المسلمين تحية الإسلام.

وهكذا لاقت استشهاداته ببعض آيات القرآن الكريم ابتهاجا لدى حتى بعض المشايخ ممن احتجوا على خصومهم بأن الرجل يتحدث بقرآننا وهذا تعبير، حسب رأيهم، عن احترامه لديننا ونبينا بخلاف الذين انتهكوا حرمة ديننا ونبينا. ولعل حججهم لم تخل من النشوة وهم يقرؤون ردود فعل بعض الكتاب الغربيين ممن توقفوا عند استشهاد أوباما بحادثة الإسراء والمعراج وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في المسجد الأقصى. فبالنسبة لهؤلاء فقد استغربوا على نصراني أن يفعل هذه الفعلة خاصة وأن النصارى لا يعترفون قط بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولا بالوحي. وبدا أن ما فعله أوباما هو اعتراف بالنبوة واعتراف بالوحي، بما يكفي لانتقاده عند بني جلدته وعقيدته بينما هو مدعاة للفرح عند من ظنوا أنه إعادة اعتبار للإسلام. وهكذا أيضا بات أوباما وكأنه بابا الفاتيكان معتذرا أو كمن شده الحنين إلى عقيدته الأولى!

الأكيد أن الكثير ممن يجهلون حقائق الأمور، وممن في قلوبهم مرض، ومن الذين يحبونها عوجا سيجدون في استشهادات أوباما ضالتهم بحيث يكون سهلا عليهم القول أن: " في الرجل خير فلنعطه فرصة"! خاصة وأن "الرجل" لا يطالب إلا بمنحه فرصة، إذ قال في مقابلته مع قناة العربية (27/1/2009): " في نهاية المطاف، سوف يحكم الناس ليس على أقوالي بل على أفعالي". ولسنا هنا في معرض المناقشة الشرعية لخطاب أوباما، فللأمر أهله، لكن يكفي أن يدرك هؤلاء وأمثالهم أن الشيفرة الأمنية التي تداولها الطاقم الأمني الأمريكي الذي وصل إلى القاهرة للإعداد للزيارة كان يستعمل في اتصالاته لفظة "المرتد" للدلالة على أن المقصود هو الرئيس أوباما.

لا شك أن أوباما يعلم بشيفرته جيدا، وأن الشيفرة راقته لما فيها من السحر، فهو قادم لمخاطبة العالم الإسلامي والثناء عليه وعلى تاريخ الحضارة الإسلامية لكن كمرتد لا كمسلم. ويا لها من مفارقة!!!! فما الذي يمكن أن ينتظره العالم الإسلامي من مرتد افتتن البعض بخطابه لدرجة أنه اعتقد كما لو أنه "حاج" يخفي إسلامه؟


ثانيا: التطرف بدلا من الإرهاب

لما أعلنت الولايات المتحدة بزعامة جورج بوش الابن حربا على ما أسمته الإرهاب العالمي رفعت شعار "من ليس معنا فهو ضدنا". وكان مرفوضا من العالم الإسلامي أن يعترض ولو بـ "لكن" استفهامية، فالمعادلة واضحة ولا تحتاج إلى تفسيرات ولا اعتراضات، وكل الإسلام يجب أن يتنحى لصالح المعادلة أو ضدها. ومع مجيء أوباما أعلن الرجل في استانبول والقاهرة وعبر وسائل الإعلام " أن أمريكا ليست ولن تكون أبدا في حالة حرب مع الإسلام ". لكن إسقاط لفظة "الإرهاب" من الخطاب واستبدالها بلفظة "التطرف" لم تكن منّة أمريكية ولا كرم أخلاق من أوباما بقدر ما كانت تخفيفا لحالة الاحتقان الرهيبة في العالم الإسلامي. إذ أن لفظة "الإرهاب" المسجلة برسم المحافظين الجدد استعملت ضد الإسلام عقيدة ودعوة، وتاريخا وحضارة، وطقوسا وعبادات، ومؤسسات وفعاليات، وأحزاب وجماعات ... لكن استعمال كلمة "تطرف" ستبدو أقل عدائية وأكثر قبولا خاصة وأنها إحدى التوصيفات الشائعة سياسيا وأمنيا وحتى أكاديميا. وهنا سؤال مهم: لماذا تخلى الخطاب عن اللفظة واستبدلها بأخرى؟

على الأرجح أن المسألة ذات طابع أمني بامتياز. فالرئيس الأمريكي لا يريد أن يُفهم من حربه على أنها حرب ضد الإسلام والمسلمين بل ضد فئة معينة هي القاعدة ومن يدور في فلكها. لذا فإن كلمة "التطرف"، كبديل عن محاربة الإرهاب، يمكن حصرها بهذه الفئة وتمريرها بسلاسة لاسيما وأنها تحقق من الفوائد أكثر مما تحققه معادلة الاختيار (معنا أو ضدنا) خاصة وأنها ترفع الحرج عن الأصدقاء وحتى عن أولئك الذين تتقاطع مصالحهم مع الأطروحة الأمريكية. إذ أن كلمة "الإرهاب" كانت مؤذية لدرجة أسقطت من استخدمها وفضحت أطروحات كثيرة حين إخضاعها لعقيدة الولاء والبراء.

ومن المفارقة أن استخدام لفظة "الإرهاب" صارت تروق لبعض المسلمين أكثر مما تروقهم كلمة "التطرف" أو حتى كلمة "غلو" وأمثالها. بل أن لغة الاتهام تكاد تكون متطابقة، بلسان أغلب الحركات الإسلامية المقاتلة وغير المقاتلة ، إذا ما تعلق الأمر بتنظيم القاعدة أو طالبان أو أي تنظيم سلفي جهادي آخر. ففي خطابه يصف أوباما التطرف عند القاعدة بالقول: " لقد مارسوا القتل في كثير من البلدان. لقد قتلوا أبناء مختلف العقائد. ومعظم ضحاياهم من المسلمين. إن أعمالهم غير متطابقة على الإطلاق مع كل من حقوق البشر وتقدم الأمم والإسلام".

لكن إذا كان الرئيس الأمريكي يتوجه بخطابه إلى من يشاطرونه الرأي، من العالم الإسلامي، فسيجد الكثير من هؤلاء، بل أنه سيجد مشايخ وعلماء وطلبة علم وساسة وأحزاب وجماعات وتنظيمات وليبراليين وجهلة ومثقفين ممن يتطوعون للذهاب أبعد بألف مرة في العداء للقاعدة مقارنة بما ورد في الخطاب أو لدى أعتى المنظرين وكتاب الغرب ومثقفيه. وحينها لن يكون عجيبا على القاعدة أن تصدر خطابا على لسان الظواهري يرفض خطاب أوباما، جملة وتفصيلا، قبل أيام من إلقائه.

وفي المحصلة فإن مثل هذا الخطاب أثبت سقمه على امتداد الساحات وسنين المواجهات. ففي العراق مثلا لم نعد نسمع تلك الاتهامات التي كانت تحمّل القاعدة مسؤولية التفجيرات العشوائية في الأسواق والمساجد والحسينيات، ولم تكن الاتهامات الموجهة ضد حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي لتصدر خلال الحرب على الأثيوبيين إلا بعد تنصيب شيخ شريف أحمد رئيسا للصومال وهو نفسه الذي هدد بتوجيه الدعوة للقاعدة ولكل مجاهد في العالم إذا ما تدخلت أثيوبيا في الصومال عسكريا حين كانت البلاد بيد المحاكم وهو رئيسها. ولعل أعجب الاتهامات التي لا يتقبلها عقل ولا منطق تلك التي تصدر عن بعض وسائل الإعلام في الجزائر وباكستان. وأكثر ما كان ملفتا للانتباه أن يعلق جنرال باكستاني متقاعد على الحرب في وادي سوات مشيرا إلى أن بعض الأسلحة التي استولى عليها الجيش في حربه على طالبان تبين أن مصدرها الهند وإسرائيل! وهو بذلك يحاول إظهار طالبان على أنها حليفة للهند، العدوة التقليدية لباكستان، وحليفة لإسرائيل العدوة التاريخية للمسلمين. فإذا كان أوباما يوجه خطابه إلى هؤلاء فليس أمثالهم أعداءه كي يعرض عليهم مشروعه ويتصالح معهم!؟ وبالتأكيد ليس هؤلاء هم المعنيون بالصراحة.


ثالثا: القول السديد

لم يدرك الذين نقّحوا خطاب أوباما أنهم أحدثوا ثغرة عظيمة به لما أشاروا عليه بالاستشهاد في الآية الكريمة: "اتقوا الله وقولوا قولا سديدا"، وهذا ما سوف أحاول بما في وسعي أن أفعله وأن أقول الحقيقة"، فهل قال أوباما "قولا سديدا"؟ وهل سيقول "الحقيقة"؟

مشكلة الخطاب أنه يريد منا عدم التفكر في الماضي! أما أوباما فمن حقه أن يتذكر 11 سبتمبر جيدا، لكنه يتناسى تماما، ويريدنا أن ننسى كون الإدارات الأمريكية استعملت حق الفيتو في مجلس الأمن، ظلما وزورا وعدوانا، 36 مرة في 41 عاما ضد القضية الفلسطينية والقضايا العربية. وأن هذا يعني أن الولايات المتحدة وقفت وحدها في مجلس الأمن ضد الإجماع الدولي ومنعت إدانة إسرائيل 36 مرة. وينسى أوباما أن الولايات المتحدة رفضت حتى قرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل. وينسى أن إسرائيل حليف استراتيجي لأمريكا وتلتزم بأمنها ومصيرها أكثر مما تلتزم بأمن ومصير الولايات المتحدة. هذه هي الحقيقة التي يشهد عليها العالم الإسلامي وتشهد عليها المؤسسات الدولية قاطبة.

يرى الرئيس الأمريكي أن من حق بلاده أن تدافع عن أمنها ومصالحها، لذا فقد ذهبت إلى أفغانستان وخاضت ما يسميه أوباما بـ "حرب الضرورة"، بينما ذهبت إلى العراق بـ "اختيارها"! ولا ندري لماذا لا يكون الرئيس الأمريكي صريحا ويعترف بأن مقياسه هذا يصلح لإسقاطه على هجمات 11 سبتمبر التي كانت هي الأخرى بمثابة "حرب الضرورة" لدى المسلمين أو بعضهم؟ فالذين ضربوا أمريكا كانت لهم أسبابهم أيضا في اختيارها دون غيرها، وإلا فلماذا لم يختاروا اليابان مثلا أو بريطانيا صاحبة وعد بلفور أو حتى إسرائيل نفسها؟ ولماذا يتحمل المسلمون في العراق حربا اختيارية بنيت على الكذب ورغم أنف المجتمع الدولي ولا يتلقون حتى مجرد اعتذار؟ ومن المسؤول عن القتل والاغتصاب وعمليات النهب والفتك الحضاري في العراق؟ ومن سيعوض مسلمي العراق عن الخسارات الفادحة التي تعرضوا لها في الأرواح والممتلكات والتاريخ والحضارة؟

أما المشكلة في باكستان والصومال فلا تختلف كثيرا. فالحرب الدائرة هناك على سوات ووزيرستان هي حرب ضد الشريعة من ألفها إلى يائها، وحرب أمريكية بالوكالة. وعلى الرئيس الأمريكي أن يقول قولا سديدا ويكون صريحا أكثر في تحديد هوية الحرب وإلا فإن تمييع الأمور لن يجدي. فالمسلمون يعلمون علم اليقين، بغض النظر عن مواقف القوى الصومالية، أن مصادقة الرئيس الصومالي على تطبيق الشريعة ليس سوى ذرا للرماد في العيون بالقياس، فقط إلى معارضة أمريكا الشديدة لاتفاق تطبيق الشريعة ذاتها في وادي سوات وفرض الضغوط على الحكومة الباكستانية لحسم الموقف عسكريا مع القوى الإسلامية. فهل ينتظر الرئيس الأمريكي من المسلمين أن يقبلوا بهذه الازدواجية البغيضة؟


رابعا: من هم القتلة؟

لم يدرك الذين نقحوا الخطاب أيضا أنهم أوقعوا رئيسهم بورطة أعظم لمّا أشاروا عليه الاستشهاد بالآية الكريمة: " من قتل نفسا بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " للتدليل على "المتطرفين" كقتلة وفسدة في الأرض. فإذا كان الرئيس الأمريكي راغبا، حقا، في الصراحة فعليه أن يعلم أن بلاده آخر من يحق لها تقديم الوعظ أو التحدث عن الإصلاح. والتاريخ الأمريكي منذ اكتشاف القارة وتأسيس أمريكا هو تاريخ من القتل والدم والإبادة للشعوب والجماعات والأفراد ابتداء من أمريكا وانتهاء بشتى أصقاع الكرة الأرضية. وهو تاريخ العدوان والحصار والهيمنة والانقلابات ودعم النظم الفاشية والاستغلال والنهب والسطو حيثما حطت أقدام الجيوش الأمريكية. وهو التاريخ الذي جعل من الفرد الأمريكي فوق أي قانون أو شريعة حتى لو كان من أجرم الخلق.

بل أن الأمريكيين هم أول من صنع القنبلة الذرية وأول وآخر من استخدمها حتى الآن. تلك القنبلة التي تسببت بمقتل عشرات الآلاف من البشر عبر إبادة جماعية لم تأخذ بعين الاعتبار جنينا ولا رضيعا ولا شابا ولا شيخا ولا سيدة ولا عجوزا ولا شجرة ولا حجرة وليس نحن. ولم نكن نحن المسلمين من ارتكب أعظم المجازر والاغتيالات ضد الهنود الحمر وضد سكان وأنظمة أميركا اللاتينية، ولم نكن نحن من أباد اليهود أو شردهم أو اعتقلهم أو أهانهم في أوروبا وغيرها حتى ندفع ثمن حريتهم من أرضنا ودمائنا وديننا، ولم نكن نحن من قتل ملايين البشر في كوريا وفيتنام واستخدم الأسلحة البيولوجية والكيميائية وأخواتها من أسلحة الدمار الشامل، ولم نكن نحن من قتل ملايين الأطفال والنساء والشيوخ في التدخلات العسكرية والحصارات الظالمة على الشعوب، ولم نكن نحن من برأ المغتصبين والقتلة من الجنود الأمريكيين، ولم نكن نحن من أنشا إسرائيل ودعمها في اغتصابها لفلسطين، ولا من شرع لها ولا من دافع عنها ولا من اعتبر قتلتها دعاة سلام، ولم نكن نحن من شرد شعبا آمنا واغتصب أرضه ودمر مئات القرى وأعمل قتلا في سكان دير ياسين وقبية وكفر قاسم ولاحقه في بقاع الأرض قتلا وتدميرا واغتيالا وذبحا للسكان في مخيم جنين وصبرا وشاتيلا وأحرق غزة على مرأى من أوباما والعالم. هذا ليس ماضيا! ولم نكن نحن من قصف المساجد ودور العبادة والمدارس والأعراس ومسح القرى عن وجه الأرض في أفغانستان وباكستان وأباد عشرات آلاف الجنود العراقيين في مخابئهم وهم أحياء وقتل آلاف الجنود الأسرى في سيناء. لم نكن نحن. فليقل لنا الرئيس الأمريكي الآآآآن من هم الذين "معظم ضحاياهم من المسلمين"؟ ومن هم الذين " قتلوا أبناء مختلف العقائد"؟

ما من أحد يستطيع أن يحصر جرائم أمريكا إلا أمريكا نفسها. وحتى هذه اللحظة ترفض الولايات المتحدة الاعتذار عن جريمة هيروشيما وناغازاكي. وقبل بضعة سنوات أعلن الطيار الأمريكي الذي ألقى القنبلة على هيروشيما أنه لو طلب منه تنفيذ نفس العمل اليوم لفعل دون تردد! ولأن التاريخ الدموي لأمريكا لا ينقطع فما من وسيلة للنسيان، وليست لدينا الرغبة في التسامح بعدْ إلا:
(1) أن تعترف الولايات المتحدة بأخطائها وأن تعتذر عنها بصريح القول، و
(2) أن تكفِّر عن كل جرائمها بحقنا وبحق الإنسانية جمعاء و
(3) أن تقدم تعويضا هي ومن حالفها في جرائمها عن كل ما ارتكبته بحقنا.
نحن الذين لنا الحق في المسامحة أو القصاص وليس أمريكا. ولا يمكن للرئيس الأمريكي أن يأتي ويستخف بعقولنا ويشترط علينا نسيان الماضي ونحن وغيرنا ما زلنا نعيش مآسيه وندفع الثمن من دمائنا وحقوقنا كبشر في كل بقعة من بقاع العالم وعلى كل مستوى.


أخيرا

منذ عقود ونحن نراقب سعي تركيا الحثيث للانضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة حتى أن نظامها لم يترك شرطا أو معيارا أوروبيا إلا ونفذه إرضاء للغرب. دولة علمانية تقدمت راضية، طائعة، حليفة للغرب، بكل ما تملك من ثروات ومؤهلات، دولة لم تعد تعترف، منذ زمن طويل، بأية شهادة جامعية قادمة من أية دولة في العالم الإسلامي أو العربي حتى لو كانت باللغة العربية؛ ومع ذلك لم تسمع إلا ردا واحدا في كل محاولة: "لا يمكن لتركيا المسلمة أن تكون عضوا في اتحاد مسيحي". هذه هي الحقيقة. وهذه هي حقيقة الشراكة مع دولة من المفترض أنها عضو في حلف الأطلسي وتحارب الإسلام بكل ما أوتيت من قوة.

يا فخامة الرئيس

لقد حللنا خطابكم بكل موضوعية وأمانة ولم نبخسه حقه، وتوقفنا عند شخصكم كظاهرة، وعرضنا لمنهجيتكم بدقة وناقشنا مسألة الشراكة والديمقراطية بحسب ما ورد في خطابكم. وكما ترى فلسنا غلاة ولا متطرفين فيما نكتب أو فيما نطلب لكننا، يا فخامة الرئيس، لسنا بلهاء لنصفق. فلمن تتوجهون بخطابكم؟ ومع من تتصالحون؟ وأية شراكة تقترحون؟ وعن أية صراحة تتحدثون؟ ومن هو المطالب بالقول السديد؟ إلى أن تجيبنا يظل حقا علينا رد السلام على من اتبع الهدى.


نشر بتاريخ 22-06-2009


الرد باقتباس
  #7  
قديم 28 06 2009, 09:54 م
الصوارم الصوارم غير متصل
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 2,098

جزاك الله خيرا وبارك الله بالدكتور اكرم حجازي

الرد باقتباس
  #8  
قديم 30 06 2009, 07:37 ص
الصورة الشخصية لـ شاكر الأديب
شاكر الأديب شاكر الأديب غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 1,383

أخي فارس الفجر
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
وجعلك فارساً من فرسان الأمة الأبطال

الرد باقتباس
  #9  
قديم 30 06 2009, 07:47 ص
ابن المبارك ابن المبارك غير متصل
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 798
النشرات الفاسدة

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله


قال رحمه الله تعالى: أما ما يقوم به الآن محمد المسعري وسعد الفقيه وأشباههما من ناشري الدعوات الفاسدة الضالة فهذا بلا شك شر عظيم وهم دعاة شر عظيم ، وفساد كبير ، والواجب الحذر من نشراتهم ، والقضاء عليها ، وإتلافها ، وعدم التعاون معهم في أي شيء يدعو إلى الفساد والشر والباطل والفتن ؛ لأن الله أمر بالتعاون على البر والتقوى لا بالتعاون على الفساد والشر ، ونشر الكذب ، ونشر الدعوات الباطلة التي تسبب الفرقة واختلال الأمن إلى غير ذلك . هذه النشرات التي تصدر من الفقيه ، أو من المسعري أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر والفرقة يجب القضاء عليها وإتلافها وعدم الالتفات إليها ، ويجب نصيحتهم وإرشادهم للحق ، وتحذيرهم من هذا الباطل ، ولا يجوز لأحد أن يتعاون معهم في هذا الشر ، ويجب أن ينصحوا ، وأن يعودوا إلى رشدهم ، وأن يدَعوا هذا الباطل ويتركوه . ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدَعوا هذا الطريق الوخيم ، وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه ، وأن يعودوا إلى رشدهم ، وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم ، والله سبحانه وعد عباده التائبين بقبول توبتهم ، والإحسان إليهم ، كما قال سبحانه: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ)[الزمر:54] وقال سبحانه: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31] .


قال الشيخ صالح الفوزان متحدثاً عن العلماء:

والاستخفاف بهم يُعتبر استخفافاً بمقامهم، ووراثتهم للنبي صلى الله عليه وسلم واستخفافاً بالعلم الذي يحملونه . ومن استخف بالعلماء استخف بغيرهم من المسلمين من باب أولى، فالعلماء يجب احترامهم لعلمهم ولمكانتهم في الأمة ، وإذا لم يوثق بالعلماء فبمن يوثق؟ وإذا ضاعت الثقة بالعلماء فإلى من يرجع المسلمون لحل مشاكلهم ولبيان الأحكام الشرعية؟ وحينئذ تضيع الأمة، وتشيع الفوضى. والعالم إذا اجتهد وأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطـأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور.
الرد باقتباس
الرد على الموضوع



قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة موضوع جديد
لا يمكنك الرد على المواضيع
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

كود vB متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
إنتقل إلى


الساعة الآن +3: 09:00 ص.


Powered by vBulletin® Version 3.6.7
Copyright ©2000 - 2009, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا المنتدى يستخدم منتجات بلص.
جميع الحقوق محفوظة لشبكة أنا المسلم 1430هـ - 2009م