سيكون اللقاء مقسماً على أربع حلقات , تتخللها محاور مرتبة على شكل نقاط عددها أحد عشر نقطة , محاولا عدم الاطالة المملة ولا القصور المخل .
ستناقش الحلقات الخطوط العريضة , كالجزيرة و القاعدة , و تعيين الوحيشي , و الوقوف على بعض إجابات أبي اليزيد لقناة الجزيرة , و بروز واختفاء بن لادن و مكانه الحالي و المكان المحتمل أن ينتقل إليه .
و في النهاية , لا يعدو الأمر سوى محاولة راصدة و تحليلية تقبل الصواب و الخطأ , و القوة و الضعف .
مدخل تذكيري للحدث /
في لقاء مع قناة الجزيرة للرجل الثالث في تنظيم القاعدة أكد الشيخ مصطفى أبو اليزيد الملقب بالشيخ سعيد رئيس الفرع الأفغاني لتنظيم القاعدة ، أن بن لادن وساعده الأيمن أيمن الظواهري وكذلك القائد الأعلى للطالبان الأفغان الملا عمر ، هم"بمنأى عن أيدي الأعداء". وأشار بقبول مبدأ إقامة هدنة مع الولايات المتحدة الأمريكية , وجدد على محاولة الحصول على الأسلحة النووية الباكستانية , الجديد في الأمر أنه أعاد للذهن ما قاله ابن لادن في العام 98م من أن الهدف الاستراتيجي هو التمكن من الأسلحة النووية , فقال مصطفى أبو اليزيد في مقابلته مع قناة الجزيرة ( إن شاء الله لن تقع الأسلحة النووية في أيدي الأمريكيين ويستولي عليها المسلمون و يستخدمونها ضد الأمريكيين بإذن الله) , وعلى تعيين مسئول للتنظيم في الجزيرة العربية ...
ما يهمنا في الحديث المطول معه هو نقاط موجزة :
1- لماذا قناة الجزيرة الآن / قبل ذلك , نجدنا مجبرين لطروحات عن الحضور أو التوافق بين قناة الجزيرة و تنظيم القاعدة بعد خصام سابق . فقد استطاع مراسل الجزيرة من خطف لقاء مهم مع شخصية تُعد الرجل الثالث في التنظيم بعد
غيبة طويلة للقناة لمثل هذه الحوارات . و بلا شك , أن القناة خطت في المسيرة الإعلامية أشواطاً أجبرت مناهضيها على التواجد في الساحة , و حررت المحرم السياسي . و لكن يبقى دورها وعلاقتها مع تنظيم القاعدة , يثير الكثير من الأسئلة , ويضع العديد من الاستفهامات .
حين تلتقي القاعدة مع قناة الجزيرة , رغم امتلاكها لمؤسسة السحاب المسئول الإعلامي الضارب و الناشط القادر على طرح وجهات نظر
التنظيم , لا أعلم مدى الأهمية التي تجنيها القاعدة مع قناة تنتمي لمعسكر يخالف القاعدة تماما . قد يكون لقناة الجزيرة حضور قوي يحظى بمتابعة
عارمة لدى القوى العروبية و الإسلامية , غير أن القناة تُناقض كثيراً من المبادئ التي تقوم عليها , و تتخذ سياسية مكيافيليه صارخة و تطبيقا
صارما للمبادئ اللوكية , في محاولة للاستفادة من الجو الجديد الذي تتخذه السياسة القطرية , و التي بموجبها استجلبت القطاعين القومي
والإخواني , لمجابهة الدول الثلاث الكبرى حولها , السعودية الوهابية و المصرية الساداتية و الإيرانية الثورية على الخط الفكري , و اتخاذ قاعدة
أمريكية , يتواجد فيها القادة و الخبراء العسكريون الأمريكيون , والتي مهمتها الإشراف الكامل على خطط السياسية الأمريكية و تنفيذها , هذا على
الجانب العسكري والأمني . وفي النهاية , تظل القناة تبعاً لدولة قطر ذات العلاقة مع الكيان الصهيوني , وصاحبت أكبر قاعدة بالمنطقة .
تنظيم القاعدة لم يوضح أسباب التعاون كي نفهم حقيقة نظرته , فهناك بون شاسع بين تنظيم محارب للولايات المتحدة ومدافع عن مصالح الأمة
في أدبياته , وبين أن يتم التعاون مع قناة تمارس الإعلام المتمترس خلف التبعية و التناقض في نفس الوقت .
فهل القاعدة باتت تتبع النهج المكيافيلي في شقه المتطرف ؟ وتتمترس خلف أسوار العداء بين كادر الجزيرة و النظام القطري مع النظام السعودي .
يُضاف إلى أن هنالك عدة تشققات داخل القناة تُعزز من النظرة السلبية لخصومها , و تحرج مناصريها كثيراً , و منها :
ــ أن القناة تنصب خيامها الإعلامية بقرب القاعدة الأمريكية التي تُشن و تنطلق منها جميع الأفكار و الخطط العسكرية .
ــ وجود مكتب للدولة الإسرائيلية في دولة ليست على خط النار , و ليس لديها شح موارد أو ضعف اقتصادي .
ــ كثرة المذيعين و المذيعات الحاملين للجنسية الأمريكية .
ــ التناقض الذي جمع بين المتخالفين السابقين من الرموز القومية و الناصرية و قوى الإخوان المسلمين .
و لعل من تلك التناقضات مثلا , صمت القناة والقوميون الجدد , عن أقوال المسئولين الإيرانيين الذي جعلوا دولة قطر جزءا من المنظومة
الفارسية , وهذا مصادم لأدنى وأقل المبادئ القومية المعروفة بمختلف تياراتها , ونظير ذلك يمارس الترويج لحزب البعث الذي ناصب العداء
لإيران , و لا نجد تفسيرا لهذا غير أنهم محسوبين على تيار البعث السوري الذي حمل ضدين لا يجتمعان , العروبة و الفرسنة . و لا يُنسى استقبال
شيمعون بيريز و تسليم طاقم الفريق عليه وهم يبتسمون , في حين تهاجم القناة الكيان و تتواصل مع فصائل المقاومة .
و من هنا , لابد من رؤية البون الشاسع بين تنظيم أصدر حلف ( الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة الصليبين و اليهود والأمريكان في فبراير
1998 م ) , دون أن يحدد البلاد و لا المكان , و لكنه جعل الشرط أو المرجع , هو التعاون و تواجد القوات الأجنبية و تحديدا الأمريكية في بلاد
الإسلام , و دشن المرحلة بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي و دار السلام في أغسطس عام 1998 م . في حين تعج الأراضي القطرية
بقاعدة أمريكية تأخذ نصف مساحة الدولة .
فلماذا إذن يستتب الأمن و الهدوء في قطر بينما يضطرب في دول عديدة ؟ أم أن تنظيم القاعدة لم يعد يعرف أنّ رأس الأفعى موجود على أرض
قطر ؟
نحن لا نجد مطلقاً في جميع رسائل ابن لادن , أيّ تعقيب أو تعريض بتواجد الأمريكيين على الخريطة القطرية , بل هو صمت مطبق , و تغافل
يثير المزيد من الأسئلة .
و على الجانب الأخر , يحضر سؤال عن مدى الحرية التي تتمتع بها دولة قطر في علاقاتها مع الولايات المتحدة , فهل باتت قطر أقوى و أقدر
على أن تكون لاعبا يوازي الولايات المتحدة دون غيرها من الدول الأخرى ؟
ألا تستطيع القيادة الأمريكية من منع القناة بضغطها على حكومة قطر لمنع التواصل مع التنظيم ؟
ونحن نعلم أنه تم سجن مراسلها لسنوات داخل أسوار غوانتانامو ؛ و تم توجيه تهم لتيسير علوني في أسبانيا و سجنه . فهل هناك خطوط حمراء لا
يجوز تجاوزها , وإلا فالكل سيلقون العقاب الأمريكي , و الذي لم تسلم منه حتى قناة العربية المحسوبة على التيار الأمريكي .
أسئلة تتكاثر عن تلك العلاقة القوية وعن غض الطرف الأمريكي لهذا التواصل , خصوصا بعد تواجده في أفغنستان و العراق .
اللقاء لم تتخلله الأسئلة القوية و لا الطروحات العميقة , بل كان لا يعدو سوى طرح لوجهة النظر الواحدة من قبل التنظيم , فلماذا تعود الجزيرة لمن شكك في مصداقيتها سابقا ؟ وهل الأسئلة كانت محددة و مأطرة من قبل التنظيم ؟ وما هو الهدف أو الغنيمة التي ستجنيها القناة من هذا اللقاء وهي القناة التي تحوز على رضا الكثيرين ؟ فهل هي بحاجة اليوم لتحقيق نجاحات إعلامية تعيد مجد القناة بعد تخفيف سقف الحرية أو المشاغبة للقناة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــ
في الحلقة التالية :
2- لمـاذا التعيين الجديد لفرع الجزيرة
3- شخصيـة القائد الجديد لفرع الجزيرة
4- تضارب الإجابــة و تناقضها من أبي اليزيد
بيدي اليمنى المحبة , و بيدي اليسرى الكلمة ... فاختر منها ما تشاء , أو خذهما جمعيا.