2007/04/06

رد أنصار الدولة و القاعدة على السرورية و الشيوخ القاعدة

هذه رسالة كتبها أحد طلبة العلم المجاهدين ممن نفر إلى العراق مهاجرا في سبيل الله ليزكي علمه فيعمل به في ساحات الوغى غير راض أن يكون من القعدة الذين يرسلون النصائح و الانتقادات لأهل الجهاد من على البعد و هم في الدعة و الراحة .. و هي بعنوان " الانتصار لأهل التوحيد في بلاد الرافدين " .. أرسلها إلى أحد الشيوخ ممن نقل إليه بعض المغرضين تصورات خاطئة عن واقع الجهاد في العراق لتشويه صورة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين .. و الرسالة و إن كانت قديمة إلا أنها مناسبة للرد على الطعونات و الافتراءات التي يوجهها المغرضون ضد الدولة الإسلامية في العراق -نصرها الله و أيدها بتاييده - .

﴿ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ (غافر/44)

مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أمام المتقين محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:
فهذه ورقات سطرتها في مطلع سنة سبع وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة، وذلك رداً على ملاحظات أوردها أحد الشيوخ على إخواننا المجاهدين الموحدين في بلاد الرافدين، وقد تجنبت ذكر اسمه أمنياً.
وقد يسر الله فأرسلت هذه الورقات إلى الشيخ المذكور، وقد كانت هذه الورقات في أصلها رسالة شخصية أسميتها [رسالة ناصح]، إلا أنه بعد أن نصحني أحد طلبة العلم بنشر هذه الرسالة ولمّا أعلن المجاهدون الموحدون دولة الإسلام في العراق ورأيت ما يحيط بهم من مكرٍٍ شديدٍ، أجمعت أمري وعزمت على نشرها، متوكلاً على الله عز وجل، سائلاً منه القبول والسداد، وأن ينفع بها الإسلام والمسلمين.
وما كُتِبَ في هذه الورقات من أحداث يرجع لعامي خمس وعشرين وست وعشرين وأربعمائة وألف من هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وسيجد القارئ الكريم أن كثيراً من هذه الأحداث بعد أن كانت مستورة لا يعلمها كثيرٌ من الناس، أصبحت اليوم جلية ظاهرة للعيان.
وأود أن أنبه على أن ما كُتِبَ في هذه الورقات من أحداث وإن كانت قديمة، إلا أنها كانت بداية لوقائع أطم منها، وهذه الأحداث ليست نسجاً من الخيال بل وقائع وحوادث شاهدتها بعيني وعايشتها بنفسي.
فانتصاراً لأولئك الأبطال كتبت هذه الورقات.
دفاعاً عنهم، وعن جهادهم المبارك.
ورداً على الشُبَهِ وما فيها من بطلان.
وإظهاراً للمحجة، وإقامةً للحجة (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ).
وإني في هذه الورقات لأتمثل قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أسخط الله برضى الناس سخط الله عليه وأسخط عليه الناس).
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
اللهم سددني ووفقني للحق يا أرحم الراحمين، اللهم اجعله خالصاً لوجهك الكريم ليس لأحد من عبيدك فيه شيء.
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
وكتبه العبد الفقير إلى ربه
أبو حسين المهاجر
يوم الإثنين 27 من ذي القعدة سنة 1427 للهجرة.


كلمة لابد منها [1]
لما كانت الأحداث المذكورة في هذه الورقات قديمة بعض الشيء، كان لزاماً عليّ ذكر بعض الأحداث الجديدة _ التي تعتبر نتاجاً طبيعياً للأحداث القديمة _ على الساحة العراقية، والتي لها أهمية بالغة في توضيح صورة ما يجري على الأرض.
فبعد أن كان الحزب الإسلامي [الإخوان المسلمين] يدعم جماعات وتنظيمات مرتدة ككتائب الحمزة، وجبهة إنقاذ الأنبار، وبعض رؤساء العشائر الخونة، وبعض تجار الدين، ليحدثوا ثورة شعبية ضد المجاهدين في الأنبار، أصبح يدعمهم في العلن، بل تعدى الأمر أكثر من ذلك حين ذهب طارق الهاشمي إلى واشنطن ليقدم قرابين الطاعة لسيده وولي نعمته بوش _ أخزاه الله _، وحين وقع على إعدامات لمجاهدين من أهل السنة ليُرضي بذلك أولياءه من الأمريكيين والرافضة المجوسيين، وكما قال في أحد مؤتمراته الصحفية مع المالكي والحكيم والطالباني: كانت ولا تزال جبهة التوافق في الحكومة شريكاً نزيهاً وشريكاً مخلصاً.
فظهر الوجه الكالح للحزب، وظهر غدر الهاشمي الذي يقتات من دماء المسلمين، وبدت خيانة هذا الحزب _ لله ولرسوله وللمؤمنين _ واضحة لكل ذي عينين، مع أن هذا الحقيقة كانت من قبل ظاهرة واضحة لعباد الله المجاهدين، وبعد هذا يطيب للبعض ويروق لهم أن يصفوا الهاشمي وحزبه بالجماعة السنية.!!!
وأما هيئة علماء المسلمين _ وجه الإخوان الثاني في العراق _ فبعد أن كانوا يُصَدِرُونَ الفتاوى في حقن دماء إخوانهم الشيعة [الرافضة]، وتكفير المجاهدين الموحدين، والحكم على الاستشهاديين بالانتحار والنار، طالتهم أيدي الرافضة الحاقدين، ففروا من البلاد وهاموا بين العباد علهم يجدون معزاً أو نصيراً، ثم قصدوا المرتدين من الحكام علهم يجدون منهم نصراً وتأييداً فما وجدوا، ثم واصلوا المسير حتى وصلوا إلى دبي فسارعت قناة العبرية _ العربية _ إلى لقاء رئيس الهيئة علها تجد منه ما ترجوه من جرح للمجاهدين وتفسيق للموحدين كعادته، فما وجدت حتى هي ما تبتغيه، بل ساءها ما قاله من الحق الذي لطالما استمر في كتمه وتلبيسه وتشويه فقال: [مقاومة تنظيم القاعدة مقاومة مشروعة وأن جبهة إنقاذ الأنبار عملاء لا يمثلون شيوخ الأنبار وعشائرها] أو كما قال، فلله الحمد الذي جعل للحق نوراً وإن خبا فلا بد أن يظهر، وللظلمة عتمة سرعان ما تنجلي.
وفي هذا المقام أذكرهم بآيات من كتاب الله يعرفونها كما يعرفون أبنائهم، علها تلامس أسماعهم وتخالط أفئدتهم فيتدبرونها ويعقلونها ومن ثم يعملون بها، قال رب العزة: (بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً)، وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)، وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، ولذا عليهم أن يتذكروا أن حمل السلاح الذي هابوه وفريضة القتال العينية التي قعدوا عنها خير لهم، وأنفع لدينهم، وأرجى أن لا تحطهم عن منازل الرجال التي أبوا أن يقوموا فيها، وليتذكروا أن عذاب الله أحق أن يخشى، وأن رحمته أحق أن ترجى، وأن نصره أحق أن يسأل.
وعليهم أن يتوقفوا عن حرب الموحدين بألسنتهم، وليتدبروا الحديث القدسي:(من عادي لي ولياً فقد آذنته بالحرب).
واعلم بأنَّ الحق سيلٌ عــارمٌ لا يُوقفنّ مياهه الثقـلانِ
فارفق بنفسك أنْ تُحاول صدّهُ لا تَجرفنّك ثورة الطوفانِ
إنْ تُجرفنّ معارضاً لمياهــه يُلقيـك بين زبالة الأزمانِ
فالحق شمس والضلالة ظلمـة والشمس لا تُحجب من الذّبانِ
من قام في وجه الشريعة والهدى يخلد مُهاناً في لظى النيرانِ
أما الجديد من أمر الجيش الإسلامي فهو رسالة الشمري التي توجه بها إلى القوميين والإسلاميين في مؤتمر الدوحة حيث قال في مطلعها: [لقد مر زمن طويل قبل أن يجلس الإسلاميون والقوميون العرب إلى بعضهم البعض يتحاورون ويبحثون في نقاط التلاقي والاتفاق بعد أن كان للحديث شجون وسجون. المهم عدنا والعود أحمد كما يقولون]، وقال في ثنايا الرسالة:[إننا اليوم إسلاميين وقوميين مدعوون لننهي خصامنا النكد الذي ما كان له أن يكون حيث خاصم القوميون دينهم ومصدر عزهم الإسلام كردة فعل استمرت ردحاً طويلاً من الزمن، وآن الأوان أن ننتقل من الانفعال وردود الأفعال إلى الفعل الصحيح الهادف. لماذا يتعصب العلماني الغربي إلى دينه وقومه معاً، وأذكركم بموقف الرئيس الفرنسي الأسبق جسكر دستن عندما أصر أن تتضمن مقدمة الدستور الأوربي عبارة القيم المسيحية التي أسست عليها الحضارة الغربية، وهي نفس العبارة التي تبعد بسببها تركيا عن الانضمام إلى الاتحاد الأوربي، لماذا يفعل العلماني الغربي ذلك؟ ولماذا يتخلى [2] العربي المسلم عن إحدى الصفتين عندما يتصف بالأخرى] وفي آخر الرسالة قال: [إن مشروع أعدائنا هو مشروع مخطط مرسوم بعناية، لذا يتوجب علينا صياغة مشروع مضاد مخطط له بعناية، نرسم فيه أهدافنا ونشخص فيه أولوياتنا ونقاط التلاقي والافتراق، نتعاون على ما نتفق عليه، ونؤجل ما نفترق فيه حتى زمن يسمح لنا فيه بالتنازع دون خسائر كبيرة، يجب أن يستند مشروعنا النهضوي في أساسه إلى تقوية عناصر النهضة المطلوبة، وتثبيتها بكل الوسائل]اهـ.
فيا لله العجب كيف يتقارب الجيش مع من رفض الإسلام؟ أم كيف يسعى للتخطيط المشترك مع من آمن بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً مالها ثاني. إن القوميين قد رفضوا الإسلام قديماً وحديثاً فكانوا أداة بيد القوى العظمى لحرب الإسلام وأهله، ولما ذهب عهدهم واندثر ذكرهم لم يزدهم ذلك إلا إلحاداً وكفراً، فالإسلام عندهم رجعية وتخلف وعودة للعصور الوسطى.
إن الولاء في الإسلام لا ينعقد إلا لله ولرسوله وللمؤمنين، ولذا فإن النبي صلى الله علية وسلم قاتل قومه _ في أعظم وأجل معارك عرفها تاريخ البشرية _ لما كفروا بالله وقال لهم: (أما والله لقد جئتكم بالذبح) وقال: (والذي نفسي بيده لأقاتلنّهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ولينفذن الله أمره).
وقد حرم الله تبارك وتعالى في كتابه موالاة الكفار وإن كانوا من أقرب الناس فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)، ونفى الله عز وجل الإيمان عمن يواد الكفار من أهله وعشيرته فقال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)، قال صاحب التفسير الميسر عند تفسير هذه الآية: [لا تجد -أيها الرسول- قومًا يصدِّقون بالله واليوم الآخر، ويعملون بما شرع الله لهم, يحبون ويوالون مَن عادى الله ورسوله وخالف أمرهما, ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو أقرباءهم، أولئك الموالون في الله والمعادون فيه ثَبَّتَ في قلوبهم الإيمان, وقوَّاهم بنصر منه وتأييد على عدوهم في الدنيا، ويدخلهم في الآخرة جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار, ماكثين فيها زمانًا ممتدًا لا ينقطع، أحلَّ الله عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم, ورضوا عن ربهم بما أعطاهم من الكرامات ورفيع الدرجات, أولئك حزب الله وأولياؤه, وأولئك هم الفائزون بسعادة الدنيا والآخرة].
ولذا فإن التقرب من المرتدين العرب والتعاون معهم لا يقل جرماً بحال من الأحوال من جرم التقرب من الكفار الأصليين والتودد لهم والتعاون معهم، بل هو أعظم إذ قد [انعقد الإجماع على أن كفر الردة أغلظ من الكفر الأصلي] [3] ، وهذه الأمور من بدهيات الإسلام ومسلمات الشريعة التي لا يختلف عليها مسلمان، بل لما قاتل الصحابة المرتدين وأعادوهم إلى الإسلام منعوهم من ركوب الخيل وحمل السلاح حتى تظهر صحة توبتهم، وكان عمر رضي الله عنه يقول لسعد بن أبي وقاص وهو أمير العراق لا تستعمل أحداً منهم ولا تشاورهم في الحرب، هذه سيرة الصحابة في المرتدين بعد أن رجعوا إلى الإسلام، فكيف نتقارب مع المرتدين وهم مازالوا مقيمين على ردتهم لا ينزعون عنها ، أهذا منهج السلف الصالح الذي يتشدق به الجيش الإسلامي صباح مساء؟!!.
ولذا فمنهج أهل السنة والجماعة الصافي النقي لا يتبنى بحال من الأحوال تقارباً وولاءً من هذا النوع، ويرفض التخطيط المشترك مع من رفض الدين وعدة رجعيةً، ويأبى أن يتفق _ فيما يمكن الاتفاق عليه _ مع من فصل الدين عن الدولة، وأبعد الدين عن واقع الأمة عقوداً طويلة.
إن أسوء كلمة _ يندى لها الجبين _ تفوه بها الشمري في رسالته، قوله: [نتعاون على ما نتفق عليه، ونؤجل ما نفترق فيه حتى زمن يسمح لنا فيه بالتنازع دون خسائر]اهـ، فأما نقاط التلاقي والاتفاق فهي الدفاع عن الوطن، وتقوية أواصر ووشائج القومية العربية لتقوية الجبهة الداخلية، وأما ما افترقنا فيه _ وهو الإسلام _ فلا بأس أن نؤجله إلى وقت يكون النزاع فيه بأقل خسائر ممكنة.
فيا لله العجب.. أجعل الإسلام مسألة اجتهادية يباح تأخيرها والاجتماع من دونها؟ إنّ خِلَافَنَا الحقيقي مع الملاحدة القوميين _ خَلَفُ أبي جهل وأبي لهب وعقبة بن أبي معيط _ هو خلاف في أُس الإسلام وأصله، فأي كتاب أو سنة استند عليها الشمري حتى يتفوه بعظيم القول وجسيم العبارة.
فإن قال: إنما هي للدعوة وتأليف الناس، وقد راسل النبي -صلى الله عليه و سلم- ملوك العالم كسرى وقيصر وملك القبط وغيرهم، ورسالتي من هذا الباب فلم العتاب.
قلنا له: إن دعوة النبي صلى الله كانت دعوة واضحةً صريحة (أسلم تسلم)، أما أنتم فخطابكم شمل الإسلاميين والقوميين، بمعنى أنكم تعتقدون إسلام القوميين ولا ترون كفرهم مع إقراركم أنهم قد رفضوا الإسلام ردحاً من الزمن، ولم يتخلوا عن هذا الرفض إلى يومنا هذا.
وأيضاً لما راسل النبي -صلى الله عليه و سلم- هؤلاء الملوك لم يطلب منهم رص الصفوف، وبحث نقاط التلافي والاختلاف، وتأجيل الخلاف إلى وقت أفضل، لكنه دعاهم بدعاية الإسلام (اسلموا تسلموا).
ولو سلمنا له أن هذه الرسالة من باب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، فأيهم أولى بالتقارب ورص الصف والتخطيط المشترك، إخوانهم المجاهدون الذين يقاتلون معهم في نفس الخندق، أم الملاحدة القوميون!!!.
وحتى يتضح الحال، ويتبين الليل والنهار، أذكر مقارنة بسيطة تكشف مكامن الخلل، وتوضح ما وقع من زلل. ففي الوقت الذي أعلن فيه السواد الأعظم من المجاهدين دولة العراق الإسلامية، صرح الجيش الإسلامي _ المقاومة الشريفة _ أنه ذاهب لمفاوضات مع عباد الصليب.
وفي الوقت الذي يسعى فيه المجاهدون لتوطيد أركان الدولة الإسلامية التي تتبنى الإسلام عقيدة ومنهج حياة لتكون نواة الخلافة الإسلامية التي وعدنا الله بها، يصف الشمري الدولة التي يسعى الجيش الإسلامي لإقامتها بقوله: [إن بناء السلام يحتاج إلى خطوات طويلة وسليمة باتجاه الهدف المنشود وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في هذا الشأن فستجدنا أكثر جدية منها ومستعدون لأي نوع من المفاوضات سرية كانت أو علنية بشرط المصداقية ولا نمانع من وجود وسطاء (ذوي مصداقية دولية) في هذا الشأن ويمكن تبادل الرسائل الرسمية ولا نعترض أن تكون سرية.كل هذه الإجراءات تشكل رغبة صادقة من اجل الوصول للسلام على قاعدة المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.وبخصوص البرنامج السياسي فهو يمتاز بالمرونة والواقعية والتدرج في الوصول لدولة حديثة ذات صبغة مؤسسية تكون فيها الخصوصيات الاثنية والعرقية عامل قوة وليس عامل ضعف تستند في شرعيتها على ثوابت الأمة] [4].
وفي الوقت الذي دعا فيه أبطال الدولة الإسلامية بقية المجاهدين إلى التوحد والائتلاف، رفض الجيش الإسلامي هذه الدعوة متوجهاً إلى الملاحدة القوميين يبغي التوحد والائتلاف معهم.
وفي الوقت الذي يُطَارَد فيه المجاهدون ويُشَرَدَونَ في كل مكان، في نفس الوقت يسرح ويمرح متحدث الجيش الرسمي في عَمَان راعية اليهود والصليب، والحارس الأمين، والكلب المطيع.
إن دعوى الجيش الإسلامي اتباع منهج السلف إنما هو ادعاء باللسان، أما في الواقع فهو اتباع لمنهج الإرجاء، [وما أخفى امرؤ شيء في صدره الا أظهره الله على فلتات لسانه]، والأيام كفيلة بكشف المزيد والمزيد، وإن غدا لناظره لقريب.
ويعلم الله أني ما كتبت هذه الكلمات عن الجيش الإسلامي إلا بعد تردد طويل، لكن لما التبس الأمر على كثير من المسلمين، وسكت عن تبيينه أهل الشأن الصادقين، آليت على نفسي أن لا أكتم ما أدين الله به.
وأما القوميون العرب فإني أدعوهم بدعاية الإسلام اسلموا تسلموا، فإن أبيتم فاعلموا أنكم صاغرون لا عزة لكم إلا بالإسلام، ولا فلاح لكم في الدنيا والآخرة إلا بطاعة ربكم واتباع نبيكم -صلى الله عليه و سلم- ، قال تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ).
وأما الرافضة فواقعهم وما يشاهده العالم يغني عن كتابة المجلدات.
لكن ما يدعو للتأمل أن الرافضة منذ زمن _ وهذا دأبهم _ يقتلون أهلَ السنة، ويغتصبون نساءهم، ويحرقون مساجدهم، ويهجرونهم من دورهم، وإذا قام المجاهدون بالرد بالمثل..
علت أصوات علماء السوء.. هؤلاء تكفيريون.. هؤلاء يقتلون المسلمين!!.
وبعد أن أحس الحكام بالخطر الرافضي الداهم انقلبت الآراء وتغيرت الفِكَر، فترى علماء السوء قد حدوا ألسنتهم، وأجمعوا أمرهم، فحذروا الرافضة وتوعدوهم بالرد ما لم يكفوا بأسهم عن أهل السنة.
فيا لله العجب أكان الشيخ أبو مصعب رحمه الله ومن معه تكفيريون، وممن يستحلون دماء الرافضة المسلمين _ بزعمهم.
واليوم حين رجع علماء السوء عن قولهم الأول إلى عداوة الرافضة والتحذير منهم، أصبحوا بين أمرين أحلاهما مر: إما أنهم رموا _ قديماً _ الشيخ أبا مصعب ومن معه بالتكفير زوراً وبهتاناً، أو أنهم تحولوا من منهج الاعتدال الانبطاحي إلى المنهج التكفيري _ بزعمهم _، بمعنى أنهم ضلوا بعد أن كانوا من المهتدين.
والحقيقة أن هؤلاء العلماء تبعٌ لحكامهم، حيث داروا.. داروا معهم، لا يملكون من أمرهم شيئاً، يصدق عليهم قول الأول: وما أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشد.



الملاحظات
1. الغلو والتوسع في التكفير حتى يشمل جملة من العلماء والمشايخ.
2. فكرة الخلافة، ووجوب البيعة، وأن من لم يبايع له من المجاهدين والجماعات الجهادية فميتته جاهلية.
3. فقدان الشعبية، وعدم الاكتراث بالرصيد الشعبي.
4. توسيع دائرة الخصوم، والخروج من أرض المعركة إلى ساحات أخرى.
5. التوسع في العمليات الاستشهادية، وجعلها هي الأصل.
6. استهداف الرافضة على العموم في الأسواق والمساجد بما في ذلك النساء والصبيان.
7. خلق عداوات وخصومة مع الجماعات السنية ( الحزب الإسلامي _ الجماعات الجهادية الأخرى _ هيئة علماء المسلمين ).
8. عدم وجود نظرة مستقبلية لما بعد الحرب سواءً في الجانب السياسي أو الجانب المدني.

تفنيد الملاحظات ورد الشبهات
من المعلوم أنكم شيخنا الفاضل لم تذهبوا للعراق، ولم تشاهدوا واقعه عن قرب، وهذه الانتقادات في تصوري لم تصلكم ثم تصدر عنكم إلا بإحدى وسيلتين:
الأولى: الإعلام العلماني الكافر.
الثانية: عن طريق رجل مباشر.
فإن كانت الأولى هي المصدر فلا ينبغي لمسلم فضلاً عن عالمٍ أن يكون مصدره الإعلام الكافر، وأنتم تعلمون أن هذا الإعلام مسخرٌ بالليل والنهار لحرب الإسلام والمسلمين وخاصة المجاهدين على جميع الاتجاهات وفي كل الأصعدة.
و إن كانت الثانية هي المصدر فقد قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
فهذه الآية نزلت في صحابي من صحابة رسول الله -صلى الله عليه و سلم- ، حيث أمر الله رسوله -صلى الله عليه و سلم- بالتثبت من خبر الصحابي، والقصة مشهورة في كتب التفسير وهي سبب نزول الآية، إذاً فالواجب الشرعي هو التَبَيُن والتثبت من الأخبار.


الملاحظة الأولى:
الغلو والتوسع في التكفير حتى يشمل جملة من العلماء والمشايخ.
أقول وبالله التوفيق:
لم يثبت عن الشيخ أبي مصعب حفظه الله أنه كفّر مشايخ بأعيانهم كابن باز وابن عثيمين مثلاً، لا في شريط مسجل ولا في كتاب و لا في رسالة، فكيف عرفتم أن الشيخ أبا مصعب كفر جملة من المشايخ ؟ إلا إن كان ذلك عن طريق الوحي، ومن المعلوم أن الوحي الرحماني قد انقطع بوفاة النبي -صلى الله عليه و سلم- . والتكفير من أصول الدين وهو شطر لا إله إلا الله، بل لا يقوم الدين إلا بتكفير من حاد الله ورسوله -صلى الله عليه و سلم- قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: [لا يقوم الدين إلا بتكفير وقتال]. فما حد التكفير عندكم؟ وما هو الغلو الذي وصل إليه المجاهدون؟!!! أرجو التوضيح.
أما رمي الكلمات على عواهنها فهذا مما لا ينبغي.
والدعاوى أصحابها أدعياء ما لم يكن لها بينــــات.
إن من علماء الأمة أئمة مضلون، يكتمون الحق، ويلبسونه بالباطل، ولا يتبعون هدي ربهم ولا خطى نبيهم، فحادوا عن الأمر الإلهي في قول الله تعالى: ( وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/42، يقول الشيخ السعدي _ رحمه الله تعالى _ في تفسير هذه الآية: [ثم قال ( وَلَا تَلْبِسُوا ) أي: تخلطوا ( الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ ) فنهاهم عن شيئين, عن خلط الحق بالباطل, وكتمان الحق. لأن المقصود من أهل الكتب والعلم, تمييز الحق, وإظهار الحق, ليهتدي بذلك المهتدون, ويرجع الضالون, وتقوم الحجة على المعاندين. لأن الله فصل آياته, وأوضح بيناته, ليميز الحق من الباطل, ولتستبين سبيل المجرمين. فمن عمل بهذا من أهل العلم, فهو من خلفاء الرسل وهداة الأمم. ومن لبس الحق بالباطل, فلم يميز هذا من هذا, مع علمه بذلك, وكتم الحق الذي يعلمه, وأمر بإظهاره, فهو من دعاة جهنم, لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم, فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين] [5]، وقال النبي -صلى الله عليه و سلم- : (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلين) فمن أعظم صور التحريف والتلبيس في عصرنا الحاضر إفتاء بعض علماء السوء _ لا كثرهم الله _ بجواز دخول الصليبين لجزيرة العرب بحجة الاستعانة، وتجريم قتالهم وجهادهم بحجة أن ولي الأمر أمنهم، وأنهم قوم معاهدون مستأمنون، وأن من قاتلهم فهو خارجي مارق. فجزيرة العرب قلعة الإسلام التي أوصى النبي -صلى الله عليه و سلم- في آخر حياته بتطهيرها من كل مشرك فقال: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) وقال: (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)، فامتثل الصحابة _ رضوان الله عليهم _ أمر رسول الله -صلى الله عليه و سلم- فطهروها بجهادهم ورووها بدمائهم، ثم جاء هؤلاء فأعطوا أبا رغال الصبغة الشرعية ليفتح بلاد الحرمين لعباد الصليب، فغدت جزيرة العرب _ مهد الإسلام وقلعته الحصينة _ قواعد عسكرية ينطلق منها الأمريكان ليغزوا بلاد الإسلام. إن هذا التحريف والتلبيس لهو أعظم خيانة في تاريخ الأمة، خيانة لا يقل قدرها بحال من الأحوال عن خيانة الرافضي ابن العلقمي.
ومن علماء الأمة، علماء يدافعون عن طواغيت الزمان _ الذين خانوا الله ورسوله -صلى الله عليه و سلم- ، الذين باعوا الدين والعرض والأرض، الذين والوا الكفار ونصروهم، وعادوا أهل الإيمان وحاربوهم، الذين شرّعوا من دون الله وتحاكموا إلى كل طاغوت _ ويتقربون إليهم بالنيل من أعراض المجاهدين وتسفيههم وتضليلهم، ويدعون الناس لطاعة سلاطينهم، واتباع طرقهم، ويقولون للناس: هؤلاء _ أي الطواغيت _ أهدى سبيلاً، فيصدق على أمثال هؤلاء قول الله تبارك وتعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً)النساء51.
وفريق آخر من العلماء تخلفوا عن الجهاد المتعين، فهم في أحسن أحوالهم قاعدون أشباه للخوالف، يصدق عليهم قول الله تعالى: ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ )التوبة 86 / 87 . قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: [ يقول تعالى - في بيان استمرار المنافقين على التثاقل عن الطاعات, وأنها لا تؤثر فيهم السور والآيات. ( وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ ) يؤمرون فيها بالإيمان باللّه, والجهاد في سبيل اللّه. ( اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ ) يعني: أولي الغنى والأموال, الذين لا عذر لهم. وقد أمدهم اللّه بأموال وبنين, أفلا يشكرون اللّه ويحمدونه, ويقومون بما أوجبه عليهم, وسهل عليهم أمره. ولكن أبوا إلا التكاسل, والاستئذان في القعود ( وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ). قال تعالى ( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ ) كيف: رضوا لأنفسهم, أن يكونوا مع النساء المتخلفات عن الجهاد. هل معهم فقه أو عقل, دلهم على ذلك؟. أم ( طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) فلا تعي الخير, ولا يكون فيها إرادة لفعل ما فيه الخير والفلاح؟. فهم لا يفقهون مصالحهم. فلو فقهوا حقيقة الفقه, لم يرضوا لأنفسهم بهذه الحال, التي تحطهم عن منازل الرجال ]. [6]
فنحن وإن سمينا هؤلاء القاعدين بالعلماء، فإنما سميناهم من باب التسمية الاصطلاحية التي تعارف عليها الناس، وإلا كيف يكون عالماً فقيهاً من رضي بالقعود وآثر الحياة الدنيا وزخرفها، وتخلف عن الجهاد المتعين باللسان والسنان، أم كيف يكون فقيهاً عالماً بما يصلح الأمة، وهو معرض عن ما يُصلحهُ وينفعهُ في الدارين من جهاد للطواغيت، وصدعٍ بالحق، وإظهارٍ للدين، وصدق الأمام السعدي رحمه الله حين قال: [ فهم لا يفقهون مصالحهم. فلو فقهوا حقيقة الفقه, لم يرضوا لأنفسهم بهذه الحال, التي تحطهم عن منازل الرجال ].
ألم يصف الله تبارك وتعالى _ في كتابه _ القاعدين بقوله: (وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون )، وبقوله (وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون)، فنفى الله عنهم صفة الفقه والعلم وإن كانوا من المحسوبين على العلم وأهله، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (رب فقيه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).
فالميزان الحقيقي للعلم هو العمل لا كثرة الجمع، ورحم الله الراهب الأول صاحب العلم الجم الذي ثبت على دينه حتى قتل، يوم أن قال للغلام الصغير _ الذي عَلِمَ القليل لكنه بلّغَ ما عَلِمَ ودعا الناس إلى عبادة رب العباد _ إنك اليوم خير مني.
واعلم رحمك الله أن من تذبون عنهم من العلماء ليسوا بكرماء على الله إلا إذا امتثلوا شرعه، واتبعوا أمره، واجتنبوا ما نهى عنه وزجر، فإن حادوا عن الطريق وانتكسوا وارتكسوا، فهم من أتباع _ بلعام بن باعوراء _ عالم بني إسرائيل صاحب الدعوة المستجابة الذي خسر الدنيا والآخرة.
ومن المسلمات الشرعية أنه لا أحد فوق الحكم الشرعي _ أي ليس من موانع التكفير البشت والعمامة واللحية _، فمن وقع في الكفر، وتوفرت فيه الشروط، وانتفت عنه الموانع، فهو كافر بعينه كائناً من كان ولا كرامة، وانظر إلى بلعام كيف كان من أصحاب موسى إلا أنه لما تنكب الطريق وانتكس أركسه الله وزاده ضلالاً على ضلاله.
ونحن مع ذلك ننزل العلماء الربانيين منزلتهم، ونقدرهم قدرهم، ولا نبخسهم حقهم، وإن خالفونا في بعض المسائل الاجتهادية، ولا نقدس العلماء كتقديس الرافضة لمقدميهم، والمتصوفة لشيوخ طرائقهم، فالدليل عندنا هو المقدس، وهو ميزان الحق وغيره تبعٌ له.
وأما مقالة [لحوم العلماء مسمومة، وهتك أستار منتقصيهم معلومة] فلا ينبغي أن تنزل إلا على الربانيين من العلماء، أما سدنة الحكام، ورهبان السلاطين، فهي منهم بريئة، وعن أمثالهم بعيدة، والرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
إن أعراض العلماء الربانيين والمجاهدين الصادقين _ الذين يصدعون بالتوحيد، ويُشَرَدُونَ من أجله، ويُؤسرون عند تبليغه وتبيينه، ويُقَاتِلُونَ لإعلائه، فيَقَتُلُونَ ويُقْتَلُون _ لهي أعظم حرمة من علماءٍ رضوا بأن يكونوا أبواقاً للطواغيت، وسدنة للحكام، روى يوسف بن يعقوب عن أشياخه قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا أذى المجاهدين فإن الله يغضب للمجاهدين كما يغضب للأنبياء والرسل ولا طلعت شمس ولا غربت على أحد أكرم على الله من مجاهد) رواه ابن عساكر مسنداً من حديث علي بنحوه.

فعجباً لزمانٍ غدا فيه القعود عن الجهاد من الحكمة والتأني والرشاد، وغدا الجهاد من الجهل والتهور والحماقة.



الملاحظة الثانية:
فكرة الخلافة، ووجوب البيعة، وأن من لم يبايع له من المجاهدين والجماعات الجهادية، فميتته جاهلية.
_ أقول وبالله التوفيق:
هذه الملاحظة هي من الظلم بل من الظلم المحض.
وسأبين لكم شيخنا الفاضل _ بإذن الله _ نبذةً مختصرةً من تاريخ الشيخ أبي مصعب قبل وبعد دخوله العراق حتى يتضح الحق، وبالله التوفيق وعليه السداد.
بعد أن خرج الشيخ أبو مصعب من أفغانستان بعد السقوط توجه إلى إيران، ومكث فيها فترة بعيداً عن أنظار المخابرات، وكان بينه وبين قادة تنظيم القاعدة آنذاك تنسيق وترتيب قوي ووثيق، وبعد أن قامت إيران بحملة اعتقالات واسعة على المجاهدين دخل الشيخ العراق.
بقي الشيخ في العراق فترةً حتى جاء الاحتلال فهب الشيخ للجهاد، وهذه عادة الذين لا يرضون الضيم لأمتهم، ولا يرضون القعود ككثيرين.
فكان الشيخ وحوله بضعة عشر رجلاً يجاهدون مع من يجاهد، وكانوا طليعة من أوائل طلائع الجهادي العراق، وفي هذه الأثناء التحق الشيخ أبو أنس بركب الشيخ أبي مصعب ورفاقه.
ثم سلك هذا الركبُ درب الجهاد المبارك، فكثرت العمليات وبدأ جسم المجموعة ينمو ويكبر، والتحق بالركب وفي هذا الدرب مجاهدون ومجاهدون.
بعدها قال الإخوة _ وعلى رأسهم الشيخ أبو أنس رحمه الله _ لا بد لنا من رجل نبايعه، فاختار الإخوةُ الشيخَ أبا مصعب لِمَا رأوا فيه من أهلية وصلاح نحسبه والله حسيبه، فرفض الشيخ أبو مصعب البيعة، وبعد إصرار شديد من الإخوة قبل الشيخ تلك البيعة، إلا أن الشيخ بعد أن قبل البيعة بدأ بالبحث عن رجل خير منه يبايعه وينطوي تحت إمرته.
ثم تلت هذه المرحلة من الجهاد المبارك مراحل حاسمة في تأريخ العمليات في العراق، حيث نفذ الإخوة عمليات مباركة ضد هيئة الأمم الملحدة، وضد الإيطاليين، و البولنديين، أما الأمريكان فكان لهم النصيب الأوفى، والكفل الأعظم من هذه العمليات، واستعرت الحرب.
ومن ثم تبنت جماعات بعضاً من تلك العمليات زوراً وبهتاناً, فأصر الشيخ أبو أنس على وضع اسم للجماعة، حفاظاً على ثمرة الجهاد المبارك، ولئلا يقطف ثمرات هذا الجهاد بعثي خبيث، أو علماني مرتد، فكان هذا الاسم >جماعة التوحيد والجهاد<. وفي هذه الأثناء أيضاً، كان الشيخ أبو مصعب يبحث عن رجلٍ خير منه ليبايعه ويدخل تحت إمرته، فتسربت أخبار أن الشيخ أبا مصعب ينوي مبايعة الشيخ أسامة حفظه الله. فرح لهذا الخبر أقوامٌ، وكذّبه آخرون ثم جاء البيان. جماعة التوحيد والجهاد تعلن البيعة للشيخ الإمام أسامة وتغير اسم الجماعة إلى ( تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ). وفي هذه الأثناء ادعى كثيرون أن هذه البيعة بعيدة عن الحقيقة، أو بمعنى آخر أنها مجرد ادعاء فكانت الصاعقة. شريط مسجل بصوت الإمام أسامة بن لادن يقر أبا مصعب بالبيعة، ويؤمّره على العراق. فزاد فرح المؤمنين، وألجم _ وزاد حزن _ المكذبين. فانضمت بعد هذه البيعة مجاميع كثيرة للتنظيم، حتى أن مجموعات كبيرة انفصلت عن صلب جماعاتها وانضمت للتنظيم لما رفضت هذه الجماعات التوحد تحت راية واحدة من أفغانستان إلى العراق. ومن الأمثلة على ذلك؛ انضمام مجاميع من أنصار السنة في ديالى _ كمجاميع سلمان باك _ بعد أن دعوا أمير الجماعة للانضمام إلى التنظيم، فقال لهم: [إنه طلب البيعة من الشيخ أسامة إلا أن الشيخ دعاه للتوقف والتريث] _ على حد تعبيره _، فلم تصدق هذه المجاميع قوله فنقضوا البيعة، وبايعوا الشيخ أسامة ودخلوا تحت إمرة الشيخ أبي مصعب. وأما الملاحظة فسأرد عليها بإذن الله من عدة أوجه:
الوجه الأول: أن الشيخ أبا مصعب لم يقبل بيعة الإخوة له ابتداءً، ولم يقبلها إلا بعد ضغط شديد منهم خاصة من الشيخ أبي أنس الشامي.
الثاني: بَحْثُ الشيخ أبي مصعب المستمر لرجلٍ خير منه يبايعه، ولو كان يبحث عن بيعةٍ لنفسه لما أَعَطَى البيعة للشيخ أسامة ابتداءً. الثالث: كان الشيخ أبو مصعب في تلك الفترة _ أعني فترة طلب البيعة من الشيخ أسامة _ يمتلك تنظيماً قوياً له مميزات تميزه عن باقي التنظيمات، هذه المميزات كالتالي: 1. قوة التنظيم في العراق وهذا ما لم يكن يمتلكه أي تنظيم آخر حتى الآن، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. 2. كثرة الملتحقين من المجاهدين _ الأنصار _ من داخل العراق. 3. كثرة الملتحقين من المجاهدين الوافدين _ المهاجرين _ من خارج العراق، وهذه الميزة لم يتميز بها إلا تنظيم الشيخ أبي مصعب ومن بعده أنصار السنة، أما الآن فلا أعلم ملتحقاً إلا ويلتحق بتنظيم القاعدة، والقبول بيد الله يهبه من يشاء من عباده. 4. أما الدعم المادي فكان على أشده وكانت الأموال في وفرة طيبة. 5. من المعلوم أن الشيخ أبا مصعب عندما بايع الشيخ الإمام أسامة بن لادن حفظه الله ورعاه، بايعهُ في وقتٍ كان فيه تنظيم التوحيد والجهاد في أوج قوته، وهذه نقطة تحسب للشيخ أبي مصعب وليست عليه، إذ لو كان يريد الإمارة فهي في الحقيقة تحت يمينه، تنظيم قوي يحلم به كل من كان يعشق الإمارة. لكن الرجل لم يكن هذا شأنه، إنما كان شأنه وراء ذلك كله. شأنه توحيد كلمة المسلمين على العقيدة الصحيحة، ونصرة المسلمين في بقاع الأرض، وتحكيم دين الله في الأرض، وفك أسر أخواتنا السجينات في معتقلات أبي غريب اللواتي تنتهك أعراضهن صباح مساء _ ولا حول ولا قوة إلا بالله _ هذا شأنه وديدنه وما يصبوا إليه، فما شأنكم أنتم؟. الرابع: أن الشيخ أبا مصعب والمسئولين في التنظيم _ المكلفين بأخذ البيعة من المجاهدين _ حين أعطوا صفقة أيديهم وثمرة فؤادهم للشيخ أسامة، من ذلك الحين وهم يأخذون البيعة للشيخ أسامة حفظه الله. فكيف يدعو الشيخ أبو مصعب لنفسه بالبيعة وأتباعه يأخذونها لغيره.!!! الخامس: وأما قولكم: [فكرة الخلافة _ وجوب البيعة _ وأن من لم يبايع....... الخ]. فهذه المقالة خالية من الصحة تماماً، فو الله الذي لا إله إلا هو، والذي سأقف بين يديه يوم القيامة، أن الشيخ أبا مصعب _ فيما نعلم من أحواله _ لا يوجب البيعة على أحد من المجاهدين سواءً كانت للشيخ أسامة أو كانت له. بل الشيخ أبو مصعب يحث أتباعه على بر وصلة جماعات كجماعة عصائب العراق، وقال الشيخ بالنص ( أحسنوا إليهم فإنهم قريبون منّا )، وقال عن أنصار السنة ( أحسنوا إليهم فهم إخواننا ) أو كما قال. وكل هذه المقولات أنا شاهد عليها، وتلقاها الأخوة بالسمع والطاعة وعملوا بها _ ولله الحمد والمنة _. وفي نفس الوقت فهناك مساعٍ حثيثة من الإخوة في التنظيم لتوحيد الصف وجمع الكلمة، امتداداً من أيام الشيخ أبي انس رحمه الله تعالى وإلى يومنا هذا. فقد أثمرت هذه الجهود فشكّل المجاهدون في الآونة الأخيرة ( مجلس شورى المجاهدين )، يضم ست جماعات منها تنظيم القاعدة، وكتائب الأهوال، وجيش الطائفة المنصورة، ثم انضمت جماعتان لمجلس الشورى فأصبح المجموع ثمان جماعات. وأحب أن أذكر هنا أن جماعة الجيش الإسلامي _ المحسوب على التيار السروري _ وجيش المجاهدين _ المحسوب على نفس التيار _ وكذا أنصار السنة رفضوا الانضمام إلى مجلس شورى المجاهدين، وأسأل الله أن يوحد الصف، ويجمع الكلمة. ومن الإنصاف في هذا المقام أن أذكر أمراً.. وهو أني قد سمعت هذه المقولة من أحد المسئولين في التنظيم _ رحمه الله _ لكنه لم يقل بوجوب البيعة للشيخ أبي مصعب، ولكنه قال بوجوبها للشيخ أسامة بن لادن والملا محمد عمر حفظهما الله ورعاهما. ومع هذا فإن هؤلاء الأفراد أو المسئولين لا يمثلون منهجية التنظيم، وليسوا متحدثين رسميين باسمه، إنما يعبرون عن آرائهم وأطروحاتهم الشخصية، وفرق بين أطروحة فرد ومنهجية جماعة. السادس: الشريط الصوتي للشيخ أبي مصعب حفظه الله ( من جندي على خط النار إلى أميره المفضال الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله ورعاه ). وهذا ردٌ صارخ على كل من ادعى. السابع: شريط الشيخ أبي مصعب ( فسيكفيكهم الله ). ذكر الشيخ في الشريط أن العمليات التي قام بها التنظيم في لبنان ضد اليهود الصّهاينة كانت بتوجيه من شيخ المجاهدين الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله ورعاه، وهذا برهان واضح جلي لكل من التبس عليه الأمر. الثامنة: أن أمير المنطقة الغربية لتنظيم القاعدة في العراق لم يكن مبايعاً عند استلامه إمارة المنطقة الغربية، ولم ينكر عليه الشيخ أبو مصعب بل سلمه هذه المسؤولية لما رأى من صدق الرجل وصلاحه وأهليته _ نحسبه والله حسيبه _، بل هذا الأمير كان يعد في السلم القيادي على أنه الرجل الثالث في تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، وهذا الأمير هو أبو الليث النجدي الذي قتل مع الشيخ عبد الله الرشود في عملية إنزال للأمريكان بمنطقة الربط بالقائم، أسأل الله أن يتغمدهم بواسع رحمته. التاسع: الشريط المرئي الذي ظهر فيه الشيخ أبي مصعب حيث قال فيه: [ أميرنا وولي أمرنا الشيخ أسامة بن لادن ]. [7] العاشر: الشيخ أبو مصعب ليس كما تظنون رجلاً شغوفاً يحب الإمارة، بل هو رجل لو قلت له اتق الله فاضت عيناه. ومن المعلوم أن هذه الإمارات إنما هي مناصب دينية فمن لم يطلبها وأخذها بحقها أعانه الله عليها، ومن طلبها وكِلَ إليها، ثم هذه الإمارات ليست من السهولة بمكان أن يتحملها بشر، فهذه الإمارات عليها من المسؤوليات العظيمة من حفظ الدين، والدماء، والأعراض، والأموال، ولها تبعات من قتل، ومطاردة، وأسر، وتشريد. والأصل فيكم شيخنا الفاضل تجاه إخوانكم المجاهدين هو إحسان الظن، فكيف إن كان الأمر يتعلق بأئمة المجاهدين وقادتهم، ولا ينبغي لمن تخلف عن الركب، ورضي بالقعود بعيداً عن ساحات المعارك، لا يعلم معنى كلمة معارك، ولا يدرك معنى الدماء والأشلاء، ولا الهم والابتلاء، وانتهاك الحرمات والأعراض ، وأسر الإخوة والأخوات، وفراق الأحبة، و قصف المنازل والمساجد، ولا يعلم معنى الإنّزَالات، لا ينبغي له بحالٍ من الأحوال أن يتكلم على المجاهدين وهو في أقاصي الأرض بدون حجة ولا بينة بل محض ادعاء. هؤلاء المجاهدون _ نحسبهم والله حسيبهم _ الذين هم خيرة أهل الأرض جملةً، والطائفة المنصورة تحقيقاً، باعوا الدنيا يوم ركض خلفها من ركض، وسلكوا الطريق يوم تنكب عنه من يشار إليهم بالبنان. ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن من يريد إصلاح أخطاء المجاهدين _ ولا بد أن لهم أخطاء _ فهذه الساحة مفتوحة ترحب بكل عالم رباني لا يبتغي إلا الله والدار الآخرة، وكما قال الإمام ابن القيم في خاتمة كتابه (مدارج السالكين): [ والنقص في أصل الطبيعة كامن فبنو الطبيعة نقصهم لا يجحدُ. وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوماً جهولاً؟ ولكن من عُدَّت غلطاته أقرب إلى الصواب ممن عدت إصابته ] اهـ. الملاحظة الثالثة: فقدان الشعبية، وعدم الاكتراث بالرصيد الشعبي. أقول وبالله أستعين وعليه أتوكل: فمِمَّا رأيناه ولمسناه من المجاهدين الموحدين بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أنهم يولون اهتماماً كبيراً بالرصيد الشعبي، وأود أن أنبه على أن هذه الملاحظة في حقيقة أمرها إنما هي من باب [ خلق خصومات ]، وكان الأولى بكم الترفع عنها وعدم ذكرها، وسأرد بعون الله وحده على شطريّ هذه الملاحظة كلاً على حدةٍ. الشطر الأول: فقدان الشعبية. بادئ ذي بدء فالمجاهدون في أقطار الأرض _ ولله الحمد _ لهم من الرصيد الشعبي النصيب الأوفى بين عموم المسلمين من أصحاب الفطر السليمة التي لم تختلط بشبهات رهبان الحكام وغيرهم، هذا إذا ما قارناهم _ أي المجاهدين _ ببقية الجماعات الأخرى السياسية والمؤسساتية، وفي نفس الوقت لو سلمنا لكم جدلاً أن التنظيم في العراق ليس له شعبية، فوجب عليكم معرفة الأسباب التي أفقدت التنظيم جزءً أو أجزاءً من شعبيته، واعلم _ رحمك الله _ أن فقدان هذا الجزء أو تلك الأجزاء لم يكن بسبب طريقة تعامل التنظيم مع المجتمع، كيف وهم يتعاملون مع المجتمع من منطلق عقيدة على منهاج النبوة. وأما أسباب فقدان الشعبية فهي كالتالي: 1. المجاهدون في التنظيم _ نحسبهم والله حسيبهم _ من أكثر المجاهدين مواجهة للأمريكان والمرتدين والعملاء، ويتضح هذا الأمر جلياً في كثير من المواجهات العامة القوية في شتى المدن. فالتنظيم _ بفضل من الله ومنّة _ قام بمواجهات عامة مع عبّاد الصليب وأذنابهم من المرتدين، في الفلوجة والرمادي والقائم والموصل وبعقوبة والمدائن وسلمان باك، بخلاف التنظيمات الأخرى. ومن المعلوم أن هذه المواجهات تؤثر سلباً على الرصيد الشعبي، لأن أي جهاد لا بد أن تكون له تبعات، وعباّد الصليب وأذنابهم من المرتدين يتبعون في مثل هذه الحالات سياسة الأرض المحروقة، فيقتل عباد الصليب من المسلمين ما الله به عليم، ويدمرون منازل الآمنين، وهذا مما يؤثر سلباً على شعبية المجاهدين، ولا يتهم المجاهدين ويعيبهم ويدعي أنهم سبب قتل المسلمين وأسرهم وتشريدهم إلا منافق مطموسٌ على قلبه، أو مؤمن ضعيف إيمانه كره الموت وأحب الحياة الدنيا ورضي الذلة والهوان. وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموعة الفتاوى _ كتاب الجهاد _ مقالات لمنافقي زمانه، فمنهم من يقول ما حدث لنا من قتل وتدمير فبسبب المجاهدين، ومنهم من يقول غر هؤلاء دينهم، ومنهم من يقول الهزيمة من نصيبكم ولا طاقة لكم بالقتال، إلى آخر تلك المقولات. نقلت بتصرف واختصار. وليعلم القاصي والداني أن الجهاد لا يقدم أجلاً ولا يقطع رزقاً، ولكنها النفوس والله قل يقينها، وضعف إيمانها، وكاد ينفد زادها إلا أن يتغمدها ربها بواسع رحمة منه وفضل. وإن ما جرى للمسلمين من قتلٍ وأسرٍ وتشريدٍ وتدميرٍ إنما هو زكاة من زكوات الجهاد، ولن يقوم للإسلام قائمة حتى يسترخص المسلمون نفوسهم في سبيل ربهم. قال الشيخ أبو محمد المقدسي فك الله أسره: [ وبالجهاد لتحقيق التوحيد ودحر الشرك والتنديد ... بالجهاد وحده يحفظ الدين وتحقن الدماء وتصان الحرمات وتحفظ البيضة ويحمى السبيل. قال تعالى: ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ). نعم ( فيقتلون ويقتلون ). والعرب تقول: القتل أنفى للقتل. ويقول شاعرهم: بسفك الدما يا جارتي تحقن الدما وبالقتل ينجو الناس من غبة القتل. قال تعالى: ( فشرد بهم من خلفهم ) ]. اهـ تبصير العقلاء بفتنة أهل التجهم والإرجاء ص 101/102. وقال الصديق الأكبر رضي الله عنه: ( اطلب الموت توهب لك الحياة ). والمجاهدون في تنظيم القاعدة هم من أكثر المجاهدين حرباً على العملاء والمرتدين، وبالتالي لابد أن تكون لهذه الحرب تبعاتٌ وعداواتٌ من أهل وعشائر هؤلاء العملاء. وهنا لا بد أن أقسم خريطة العراق إلى ثلاثة أقسام، لتتضح الصورة أكثر ويَقرُبَ النظر بشكلٍ أكبر. فالقسم الأول من خريطة العراق: جنوب العراق. هذه المنطقة أغلبية سكانها من الرافضة، وهم جملة الحرس الوطني والشرطة العملاء، وهم السبب الرئيس الأول والأخير في انحسار الجهاد وضعفه في هذه المنطقة، وأهل السنة وخاصة المجاهدون في هذه المنطقة يعانون الأمرّين _ البريطانيين والرافضة _ ومع هذا كله فللمجاهدين صولاتٌ وجولاتٌ، وما عمليات ميناء البصرة، والقاعدة البولندية، والقاعدة الإيطالية عنا ببعيد. القسم الثاني: شمال العراق. وهذا المنطقة هي عبارة عن خليط من الأكراد، والعرب السنة، ونسبة من عبدة الشيطان (اليزيديين)، ونسبة من النصارى، وعدد بسيط من الرافضة. فأما مناطق الأكراد فلا تكاد تجد فيها جهاد أو مجاهدين إلا ما شاء الله من عمليات نوعية، والأمريكان في هذه المناطق يسرحون ويمرحون في ظل الحماية الكردية، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأما المناطق التي يتواجد فيها العرب السنة بكثرة _ المنطقة الشمالية الغربية _ كتلعفر والموصل، فرحى المعارك فيها تدور، ولهيب النيران يضطرم، والقتل استحرّ في عبّاد الصليب وأذنابهم من المرتدين، والحمد لله معز المؤمنين. القسم الثالث: منطقة وسط العراق. أ‌. الوسط الشرقي: أقصد بهذه المنطقة أبا غريب وبغداد ابتداءً وديالى على حدود إيران انتهاءً، وهذه المنطقة هي عبارة عن خليط من العرب السنة والرافضة، وأكثر من فيها من الحرس الوثني والشرطة والعملاء من الرافضة، وقليلٌ من حثالة أهل السنة، وأكثر أهل السنة في هذه المناطق مع المجاهدين قلباً وقالباً، إلا من طمس الله بصيرته وأعمى فؤاده. ب‌. الوسط الغربي: وأقصد بهذه المنطقة الفلوجة المحادّة لأبي غريب شرقاً إلى القائم المحادّة لسوريا غربًا، وهذه المنطقة هي منطقة العرب السنة، وهي خالية من الرافضة المشركين إلا النزر اليسير. وهنا سؤالٌ يطرحُ نفسه: هذه المنطقة _ الأنبار _ خالية من الرافضة فمن أين يأتي العملاء إذاً؟ وجواب هذا السؤال يحتاج إلى شيءٍ من التفصيل. أقول وبالله التوفيق: هذه المنطقة من أعجب ما رأيت، فهي أشبه ما تكون بمكة يوم بزغ فجر الإسلام، يوم كان النبي -صلى الله عليه و سلم- يدعو المشركين، ولا يؤمن إلا الضعفاء. وما أشبه الليلة بالبارحة. فلم ينفر للجهاد إلا ضعاف القوم، أما الوجاهات فهم من فئة القاعدين، بل بعضهم من فئة المرتدين العملاء، وكثير من العشائر التي تعرف بالقوة والبأس قد تواطئوا _ إلا من رحم الله _ على موالاة الكفار والعمالة لهم، والتجنّد في صفوف الحرس الوطني والشرطة. وهنا أنبه على أمرٍ مهمٍ: وهو أني لا أقصد من كلامي هذا تكفير عموم المسلمين، وأحذر من أن يحمّل الكلام أكثر ممّا يَحتَمِل، لكنني أقارن بين من نصر النبي -صلى الله عليه و سلم- من الضعفاء، وبين من نصر الدين في هذا الزمن من الضعفاء، وبين من خذل وعادى الدين في عهد النبي -صلى الله عليه و سلم- من الشرفاء، وبين من خذل الدين وعاداه في هذا الزمن ممن يدّعون أنهم شرفاء. ومما رأيناه من أولئك العملاء الذين تواطئوا على هذا الأمر الحقير، أنهم يتوارثون العمالة صاغراً عن صاغرٍ، حتى يقتل العميل من هذه العشائر فيرثه أخوه، ثم يقتل فيرث من بعده ابن عمه وهكذا دواليك، وهذه العشائر القوية التي تدعي الشرف وتواطأت على العمالة، هم عبارة _ في الأغلب _ عن فخذ واحدٍ تقريباً في كامل منطقة الأنبار ( كالجغايفة _ البو محل _ البو نمر )، وفيها عشائر أخرى كالسلمان في القائم مثلاً [8]، ولهذه العشائر مميزات وصفات _ إلا من رحم الله منهم _ وهذه الصفات كالتالي: 1. العمالة المطلقة للأمريكان والتجند بكثرة في صفوف الحرس الوطني والشرطة. 2. العداوة الظاهرة للمجاهدين والتي تصل إلى حد القتل والقتال في بعض المناطق، والتخطيط المستمر لاغتيال رموز المجاهدين. 3. قلة المجاهدين في هذه العشائر، فلا تكاد ترى من القبيلة إلا مجاهداً أو مجاهدين أو ثلاثة أو أربعة لكن أنعم بهم من رجال، فهم الأسود في عرينهم _ نحسبهم والله حسيبهم _. 4. هذه العشائر كانت لها السلطة ومقاليد الحكم والعمالة بمرتبة الشرف في بداية الاحتلال، فمنهم محافظ الأنبار، ومنهم القائم مقام، ومنهم مدراء الشرطة وقادة الحرس الوطني، ومنهم رؤوس العملاء، ثم ظهر الجهاد والمجاهدون _ الذين كانوا من القوم المستضعفين _ فقتلوهم شر تقتيل، وشردوهم شر تشريد، فارتفعت عقيرة القوم الخائنين، كيف لا وقد سلبت مقاليد الحكم من أيديهم. و أود في هذا المقام أن أذكر نُبَذَاً مختصرةً عن الأدوار البطولية التي قامت بها بعض من تلك العشائر _ القوية الشريفة بزعمهم _ خدمة للأمريكان، وبمباركة من الحزب الإسلامي. عشيرة السّلمان في القائم: قال لي أحد الصالحين المجاهدين من هذه القبيلة _ وذلك عندما ضعف المجاهدون في منطقة القائم بسبب الهجمات المتكررة عليهم من الأمريكان والمرتدين _ أن 95% من القبيلة هم من الحرس الوطني، وكانوا يخفون عمالتهم خوفاً من المجاهدين وتربصاً بهم الدوائر، فعندما ضعفت قوة المجاهدين، أظهروا ما كانوا يخفون من قبل. وتابع الأخ قائلاً: حتى أنه ظهر عملاء من القبيلة لم نكن نتوقع في يوم من الأيام أنهم من زمرة العملاء. عشيرة البو محل في القائم: هذه القبيلة شكلت جماعة أسموها [ كتائب الحمزة ] أشرف على إنشائها الجيش الأمريكي والحزب الإسلامي، شعار هذه الكتائب الأول والأساسي والرئيس [ القضاء على السلفية ]، ويصرحون علناً وبشكل دائم أنهم يعدون العدة لقتل وقتال المجاهدين ( السلفيين )، بل كانوا يصرحون مراراً وتكراراً بهذه العبارات أمام المجاهدين، ومع هذا فقد دعمهم مجاهدوا تنظيم القاعدة في القائم وأمدوهم بالسلاح في بداية ظهورهم، وبعد أن تقووا كانوا بشكل دائم يحاولون التحرش بالتنظيم فمرات يقومون بالانتشار في طويبة وعلى مداخل حصيبة وينصبون نقاط تفتيش _ سيطرات _ بغية اعتقال أي سلفي، إلا أن الإخوة في التنظيم وتحاشياً للصدام معهم يختفون من الشوارع، ليس خوفاً من هذه الكتائب ولكن حقناً للدماء، مع العلم أن الإخوة بالتنظيم أكثر عدداً وأقوى عدة، ثم في الكمائن الليلة كان يخرج الإخوة في فترة من الفترات بشكل دائم في حصيبه بمنطقة القائم لنصب كمائن للأمريكان، ولم يكن يخرج غيرهم لا في السابق ولا في اللاحق، فبدأ مقاتلوا كتائب الحمزة بالخروج ليس لضرب الأمريكان ولكن للتحرش بالإخوة، فكانوا يضيقون عليهم بعض أماكن الكمائن، وكانوا يوقفون الإخوة ويستجوبونهم في الشارع، من أنتم؟ وماذا تريدون؟ كل هذا استفزاز ليجرون الإخوة إلى حرب هم والأمريكان يريدونها، مع العلم أن أهل حصيبة أجمع يعلمون أن الإخوة يخرجون ليلياً في واجب كمائن ضد الأمريكان، ومع كل هذا كان الإخوة يتحاشون الاصطدام معهم. واستمر مسلسل التحرشات حتى وصل الحال بمقاتلي كتائب الحمزة بسب بعض الإخوة من مجاهدي التنظيم وتقبيحهم، وسب الشيخ أبي مصعب، وتلقيب الإخوة بأبشع الألقاب، ومع هذا تحاشى الإخوة في التنظيم الاصطدام معهم، بل أتذكر أن أحد قادتهم تكلم في الشيخ أبي مصعب وأنا حاضر ونال منه، فما كان من الإخوة إلا أن تركوهم وأعادوا أدراجهم، وفي إحدى تلك الليالي والأيام قام بعض مقاتلي كتائب الحمزة برمي قنبلة يدوية في فناء منزل أحد الإخوة من التنظيم إلا أنه لم يُصب أحد من أهله بأذى، وعلم الإخوة بالأفراد الذين قاموا برمي القنبلة، ومع كل هذا تجنب الإخوة الاصطدام بكتائب الحمزة، مع العلم أني لم أر عملية واحدة قام بها مقاتلوا كتائب الحمزة ضد الأمريكان، وفي أثناء تلك الفترة وصلت الإخوة في التنظيم تقارير سرية سربت من وزارة الداخلية العراقية بأن كتائب الحمزة عبارة عن شرطة سرية، هدفها ضرب المجاهدين من الخلف عند مهاجمة الأمريكان أو لواء الذيب للمجاهدين في القائم، وأيضا كثير من الاعترافات التي أدلى بها العملاء كانت تؤكد ذلك، وفي هذه الفترة شن خطباء المساجد التابعين للحزب الإسلامي حملة إعلامية ضد المجاهدين في التنظيم، حتى كفر بعض الخطباء مجاهدي التنظيم المهاجرين _ المجاهدين الوافدين من خارج العراق _ ووصفوهم بالفساد والإفساد، وقتل الأبرياء، والتساهل في الدماء. ومع خطورة ما يحاك بالإخوة من مكر، ومع علم الإخوة في القائم بأن كتائب الحمزة شكلت مجموعات متخصصة لاغتيال مجاهدي التنظيم في القائم، وأن هذه المجموعات عندها قوائم بأسماء أهم الإخوة القياديين ثم الذين يلونهم وهكذا تباعاً، إلا أن الإخوة كانوا مترددين في البدء بقتالهم لما يخشونه من تفاقم للأزمة، ومن تشتيتٍ لجهودهم في التركيز على قتال الأمريكان، وخوفهم من ضعف الرصيد الشعبي بسبب الحرب التي قد يجدون أنفسهم مضطرين لخوضها دفاعاً عن أنفسهم وعن الدين، وإلا فإن العدو لن يألُ جهداً في القضاء عليهم، وقد حث أحد المسئولين الشرعيين حث الإخوة على مبادرتهم بالقتل والقتال قبل أن يبدؤوا باغتيال الإخوة وقتالهم، إلا أن المسئولين العسكريين [9] كانوا لا يزالون مترددين ولا يريدون التسرع بأي عمل، مع العلم أن الإخوة كانت لديهم أدلة قاطعة وبراهين قوية على أن هؤلاء القوم عبارة عن شرطة سرية في القائم، لكن لم يبدؤوهم بقتال. ثم مرت أيام استيقظ فيها الإخوة على فاجعة اغتيال اثنين من الإخوة في التنظيم طالتهم يد الغدر والخيانة من هذه الكتائب، وأحب أن أنبه أن مقاتلي الكتائب ما كانوا من النوع الذي يستخفي بأفعاله، بل قبل أن يبدؤوا بمسلسل الاغتيالات كانوا يقولون: _ للمجاهدين في مدينة حصيبة _ إننا سنقتلكم ونغتالكم ونصفي جميع السلفيين. لك أن تسألني: ما هو دليلك على هذه الأقوال؟ أقول: أنا كنت حاضراً متابعاً للأحداث عن كثب من بدايتها وحتى سقوط حصيبة بأيديهم، ثم نُقِلتُ إلى منطقة أخرى وكنت أيضاً متابعاً للأحداث بشكل دائم حتى سقوط القائم أجمع، ثم استلام الأمريكان وكتائب الحمزة لزمام الأمور وعودة الأخيرة _ المجاهدة للمجاهدين _ من كتائب [شرطة سرية] إلى شرطة وحرس وثني، وأيضاً من اعترافات بعض العملاء _ ممن يعملون مع الأمريكان ضد المجاهدين _ الذين تم اعتقالهم لاحقاً. بعد أن تمت عملية الاغتيال هذه بدأ الإخوة بالبحث عن حلول للخروج من هذه الأزمة ومنها القصاص العادل من الخونة، إلا أن رد الإخوة في القائم تأخر كثيراً حتى استفحل الأمر، فبدأ بعض الإخوة يخلون أهاليهم من مدينة حصيبة من شدة ما لاقوه من تحرش وتعد وتضييق، وبعدها بأيام وفي سوق حصيبة تم اغتيال مسئول كتائب الحمزة [الشرطة السرية]، والذي كان مديراً سابقاً لشرطة حصيبة في بداية الاحتلال، وما وصلني من أخبار مؤكدة من أمراء منطقة القائم أنهم تفاجئوا باغتيال مسئول الكتائب هذا، وما كانوا على علم بذلك، وفي تحليلي الشخصي أن المسئولين في التنظيم أرسلوا مجموعة من خارج القائم لتنفيذ العملية، ولم تصلني في الحقيقة أي معلومة رسمية تؤكد هذا التحليل. المهم بعدها قام مقاتلوا الكتائب بالاستنفار، وقاموا بإغلاق مداخل المدينة وبدؤوا بأسر من وجدوا من المجاهدين أو أياً من أقاربهم، وبدؤوا بمحاصرة بيوت المجاهدين وإهانة عوائلهم وحرق بيوتهم بعد نهبها، وحاصروا في ذلك اليوم أمير المجاهدين في مدينة حصيبة في بيته، وحاصروا معه أخاه الأكبر، وحاولوا اقتحام المنزل، إلا أن المجاهدين الذين كانوا متواجدين ساعتها في حصيبة هبوا لنصرته وفكوا عنه الحصار، ثم أخلى الإخوةُ الأميرَ وأخاه من المنزل، ثم عاد مقاتلوا الكتائب فحرقوا بيت الأمير، علماً أن هذا الأمير هو من عشيرة البو محل، وكثير من كتائب الحمزة يُعَدونَ أعماماً له أو أخوالا،ً إلا أن الحقد الدفين على أهل التوحيد أعماهم عن صلة الرحم وذوي القربى، ثم بعد ساعات معدودة جاء لمقاتلي كتائب الحمزة مدد من الحرس الوطني من منطقة العكاشات، فاشتبك الإخوة معهم حتى نفدت ذخيرتهم ثم انحازوا، علماً أن عدد الإخوة _ الذين كانوا في المدينة في ذلك الوقت _ كان قليلاً، وذلك لخروج كثير من الإخوة من المدينة بسبب التضييق الذي وقع عليهم من كتائب الحمزة، ثم انضم لنصرة هذه الكتائب كثير من أفراد الحرس الوطني من عشيرة السلمان القاطنين بمدينة حصيبة، حيث كانوا من قبل مختفين خائفين من المجاهدين فلما ضعفت شوكة المجاهدين خرجوا مجاهرين بردتهم مناصرين لإخوتهم. ومن الأحداث التي جرت في هذه الأثناء، أن مقاتلوا كتائب الحمزة عمدوا إلى أحد المجاهدين _ في المدينة واسمه بدر _ وإلى أخيه فقتلوهما مباشرة ومثلوا بجثة أخينا بدر، وأخونا هذا كان من أفاضل الإخوة سمتاً، وأخلاقاً، وديناً، ومعاملةً، وصبراً، وجهاداً، غير أن كتائب الحمزة من مدة وهم يتوعدونه بالقتل حتى أخلى أهله من حصيبة إلى منطقة أخرى، ثم عاد إلى المدينة في ذلك اليوم الذي قُتَلَ فيه ليخلي بقية الأمتعة، والحمد لله على كل حال. وأما الإخوة من التنظيم الذين كانوا خارج مدينة حصيبة _ والذين كانوا السواد الأعظم _ فوصلتهم نداءات الاستغاثة عبر الجوالات من الإخوة والأهالي _ الآمنين _ المحاصرين داخل المدينة، فما كان منهم الا أن لبوا النداء محاولين فك الحصار عن إخوتهم وأهاليهم، وإذا بالطائرات الأمريكية تحلق فوق رؤوسهم فاشتبكوا مع الطائرات المروحية وأسقطوا منهن واحدة، وأتذكر أنه في ذلك اليوم كانت طائرتا F16 تحلقان على مستوى منخفض فترة من الزمن، ثم غابت هاتان الطائرتان، ثم إذ بنا نسمع في الأخبار سقوط طائرتي F16 في حادث تصادم فلله الحمد على إذلالهم. وبعد هذه المرحلة من سقوط حصيبة، حاول الإخوة عدة مرات الدخول إلى المدينة وفك الحصار فما استطاعوا، وذلك أنه في كل مرة يقوم المجاهدون بعمليات فك الحصار واسترجاع المدينة من الشرطة السرية، كان الأمريكان يتدخلون مباشرة في المعركة ويضربون المجاهدين من الخلف، فحاصر الأمريكان في المرة الأولى منطقة الجزيرة [الربط والبو عبيد والبو حردان]، وأيضاً حاصروا مدينة العبيدي، ودام الحصار قرابة سبعة أيام، فأما في العبيدي فبفضل الله قتل الإخوة من الأمريكان في اليوم الأول من هذا الحصار أكثر من خمسين علج واسقطوا طائرة F16 ثم انحازوا، وأما الإخوة الذين في القائم، فمن جهة الكرابله دمر الإخوة في خلال السبعة أيام ما لا يقل عن تسع آليات بسلاح الـ C5 حيث أن أماكن تمركز الآليات كان أبعد من المدى المؤثر لسلاح الـRBG7، وكذلك فإن تمركزها كان في منطقة زراعية مكشوفة بعيدة عن البنيان بين الكرابلة والجزيرة بالقرب من جسر الربط، وأسقط الإخوة كذلك ثلاث مروحيات. وأما من جهة الجزيرة فقد دُمِرت للأمريكان بعض الآليات عن طريق الألغام، والشاهد أنهم خرجوا من هذا الحصار مدحورين مهزومين بفضل من الله وحده، ثم كثف الأمريكان عمليات القصف والإنزالات على المجاهدين، حتى قتلوا في أيام قلائل ما لا يقل عن خمسة وأربعين مجاهداً من خيرة المجاهدين في تلك المنطقة ومن بينهم الشيخ أبو الليث النجدي والشيخ عبد الله الرشود فرحم الله الجميع. ويوم آخر حدث اشتباك بين المجاهدين و بين مقاتلي كتائب الحمزة وفي نفس الليلة قام الأمريكان بعمليتي إنزال في منطقة الخوابرة فداهموا مجموعة من المنازل، وقتل في هذه الإنزال أربعة إخوة أنصاري وثلاثة مهاجرين، ثم قصفت طائرات الـ F16 البيوت المداهمة، وقتل في القصف رجل وزوجته فرحم الله الجميع. وفي الصباح تم محاصرة منطقة الكرابلة بالكامل واشتبك الإخوة في خلال اليومين الأولين مع الأمريكان وأثخنوا فيهم _ ولله الحمد _ ثم لما كثف العدو من ضرباته الجوية انحاز المجاهدون من المنطقة في صباح اليوم الثالث. ولذا فإن أي جيش مهما كان حجمه وقوته لا يمكنه خوض أي معركة إلا وظهره في مأمن، أما أن يخوض معركة في الأمام ويأتيه عدو آخر من الخلف يضرب مراكزه الخلفية وخطوط إمداده، فهذا أمر صعب لا تتحمله أعتى الجيوش. ومما سبق أريد التأكيد على ثلاثة أمور مهمة للغاية: الأول: أن ظاهرة كتائب الحمزة لم تكن ظاهرة عفوية، بل كان معد ومخطط لها من قبل بالتعاون المشترك بين الحزب الإسلامي والجيش الأمريكي هذا من جانب، ومن جانب آخر لم تكن هذه الظاهرة مقتصرة على القائم فحسب، بل كانت خطة معدة لكامل الأنبار من الرمادي إلى القائم، غير أن الإخوة في باقي المدن عالجوا الأمر بسرعة قبل أن يستفحل، والإخوة في القائم تأخروا في العلاج. الثاني: أن الإخوة المجاهدين في التنظيم ما بدؤوا كتائب الحمزة بقتل ولا قتال، وأُشهد الله على ذلك، بل زيادة على ذلك مد الإخوة المجاهدون تلك الكتائب بالسلاح في بداية ظهورها، ولكن بعد أن بدؤوا بمسلسل الاغتيالات وقتل الإخوة وحصار المنازل وانتهاك الحرمات حدثت المعاملة بالمثل، مع العلم أن العميل يجب قتله ابتداءً لعمالته. الثالث: أن الإخوة في التنظيم ليسوا الوحيدين الذين قاتلوا كتائب الحمزة، فأنصار السنة وكتائب الأهوال وتنظيم القاعدة في هيت جميعهم شاركوا في قتل وتشريد هذه الكتائب، بل أول من قتلهم في هيت أنصار السنة، أخبرني بذلك أحد أمراء الأنصار في البغدادي وهيت، وقد أصدروا في ذلك الوقت بياناًٍ مشتركاًٍ يجلي الأمور ويكشف الخبايا لتك الكتائب بعد أن تم القضاء عليها في هيت بفضل الله وحده. وأما القائم، فصحيح أن تنظيم القاعدة قاتل كتائب الحمزة بمفرده، إلا أن الإخوة في الجماعات الأخرى كعصائب العراق والتي تعد ثاني أكبر جماعة بعد التنظيم في القائم أمدوا التنظيم بالسلاح، وتعاونوا تعاوناً كلياً مع الإخوة، وآووا إخوة من المحاصرين داخل حصيبة، وأخرجوهم من داخل الحصار، وأيضا جماعة حركة الجهاد الإسلامي في حصيبة كانوا على اتصال وثيق بالإخوة في التنظيم، حتى أن الإخوة أمدوهم بالسلاح حين قالوا أنهم سيقاتلون كتائب الحمزة من داخل حصيبة. وأريد أن أنبه أن قادة هذا النوع من الكتائب في كل مدن الأنبار كانوا من رؤوس العملاء وكبارهم، وأيضا كانوا من العملاء الرئيسيين لدى الأمريكان، حيث أن الأمريكان يجندون في كل منطقة عملاء يكون دورهم تجنيد عملاء جدد، وإدارة شبكة العملاء في المنطقة. ولم نر من البومحل مجاهداً إلا قليلاً من الصادقين الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ولم نَخبُر كثيراً منهم إلا لصوصاً وقطّاعاً للطرق _ إلا من رحم الله _ امتلكوا الثروات الطائلة من السلب والنهب وما خفي كان أعظم. وقد أخبرني أمير المجاهدين في التنظيم بمدينة حصيبة _ بعد أن منّ الله عليه وخرج من الحصار هو وأخوه _ قائلاً: أغلب كتائب الحمزة من أعمامي وأخوالي، بل قال أحد أخوالي أنه لو وَجَدَ أمي لقتلها. اهـ وانظر شيخنا الفاضل سيقتل أخته لا لذنب إلا لأن ابنها مجاهد موحد سلفي يقاتل من كفر بالله ويقول ربي الله. وكان مقاتلوا كتائب الحمزة إذا رأوا صاحب لحية من العوام أمسكوا به وسألوه، هل أنت من السفليين؟ _ ويقصدون بالسفليين أي السلفيين _ فإذا قال لهم: لا لست سلفي. تركوه، وإن قال لهم: نعم. أخذوه. وقبل أن أختم الحديث عن هذه الكتائب أضيف قصة لسجلهم الأسود، ففي خضم هذه الأحداث اختطفوا أحد الإخوة المجاهدين ثم قتلوه وكتبوا على صدره سنقتل السلفيين واحداً واحداً، ثم أرسلوا جثته إلى المجاهدين. عشيرة الجغايفة في حديثة: هؤلاء القوم تواطئوا كمن سبقهم من السلمان والبو محل على العمالة للأمريكان، فهم الحرس الوطني والشرطة والعملاء بحديثة _ إلا من رحم الله منهم _، لكن ولله الحمد شردهم المجاهدون كل مشرد، وبإذن الله وحده لن تقوم لهم بعد اليوم قائمة، ولم نر منهم إلا أفراداً قليلين من أهل التوحيد والجهاد، نسأل الله لنا ولهم الثبات. عشيرة البو نمر في جبة والبغدادي: هاتان المنطقتان _ جبة والبغدادي _ يضرب بهما المثل في العمالة بالعراق، هاتان المنطقتان _ خاصة جبة _ لا يدخلها المجاهد إلا خائفاً متخفياً بدينه وإلا قتل. لا تجد في هؤلاء القوم _ البو نمر _ إلا رجلاً في الحرس الوطني أو عميلاً انغمس في بحر العمالة، يخرج العملاء كل يوم من منطقة جبة إلى قاعدة البغدادي _ قاعدة من أكبر القواعد الأمريكية في العراق _ بعدة سيارات، وكل عميل مسلح ظاهرين بعمالتهم لا يخافون أحداً. سألت أحد أمراء جماعة أنصار السنة _ في البغدادي وهيت وهو من أبناء منطقة البغدادي _ عن زراعة الألغام في البغدادي ومدى فعاليتها فقال: بعد أن منّ الله علينا بالجهاد في العراق وإلى وقتنا الحالي لم ننجح في زراعة لغم من الألغام، إلا لغماً واحداً زرعناه الساعة الحادية عشر مساءً، وفجرناه الساعة الثانية صباحاً على الأمريكان، وذلك لكثرة العملاء الذين يبلّغون عن مثل هذه الألغام. اهـ أما العشائر الأخرى أو العشائر الضعيفة أو الصغيرة ففيها الناس على أقسام: 1. منهم العميل والحرس الوطني والشرطة. 2. ومنهم من يبغض المجاهدين لاعتقادهم أن المجاهدين هم السبب في كل مصيبة تصيبهم. 3. ومنهم المنعزل عن الناس المشتغل بنفسه وقوته وقوت عياله. 4. ومنهم من يؤوي المجاهدين، ويناصرهم، ويكرمهم ما استطاع، وهؤلاء رأينا منهم الكثير الكثير. 5. ومنهم المجاهد الصابر الصادق، الذي خرج بنفسه وماله لا يبتغي إلا الله والدار الآخرة _ نحسبه والله حسيبه _ فلا تكاد ترى بيتاً من بيوت المجاهدين إلا وفيه قتيلاً أو جريحاً أو طريداً أو أسيراً ولسان حالهم يقول: هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت إن لهؤلاء الأبطال تضحيات لا يمكن أن تقارن إلا بتضحيات الرعيل الأول أصحاب النبي -صلى الله عليه و سلم- ، فكم رأينا منهم عزةً وجهاداً، صبراً وجلاداً، اجتهاداً ومثابرةً، كرماً وشجاعةً، إنها بحق تضحيات تكتب بماء الذهب، وتسجل في صفحات التاريخ البيضاء لتكون نبراس للأجيال القادمة. وهنا مسألة كثيراً ما يدندن حولها المخذِّلون _ أشباه الخوالف _ وهي الدماء الدماء، وحرمة الدماء، والتساهل بالدماء. واعلم رحمك الله أن الله _ جل جلاله _ هو الذي حرم دماء المسلمين، كما أنه هو الذي أحل دماء الكفار والمرتدين، فالمجاهدون _ ولله الحمد _ لا يعمدون إلى قتل عميل أو شرطي أو جندي إلا بعد ظهور بينة صريحة في حقه، وما رأينا من المجاهدين تعطشاً لسفك الدماء كما يدعي المخذلون، فكم من رجلٍ اعتقله المجاهدون لشبهة تدور حوله، فلما تبينوا من أمره واتضح حاله تركوه وأكرموه، بل وأعطوه من المال ما الله به عليم. واعلم رحمك الله أن أي جهادٍ وقتالٍ لا بد أن يقع فيه أخطاء، وهذه الأخطاء لم نر منها بفضل الله تعالى إلا الشيء الذي لا يرتقي لمرتبة القليل، وقد ذكر الشيخ أبو مصعب حفظه الله ورعاه هذه النقطة في رسالة [دعوا عطية الله فهو أعلم بما يقول] وفصلها تفصيلاً طيباً. ومن المعلوم أن سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه قتل قبيلة بأكملها ولم يتبرأ الرسول -صلى الله عليه و سلم- من خالد ولكن قال: ( اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد )، لكنَّ علماء السوء اليوم _ إلا من رحم الله _ قد تبرؤوا من المجاهدين وأعمالهم جملة وتفصيلاً، واتهموهم زوراً بهتاناً بأنهم يقتلون المسلمين ويسفكون دماءهم. وبعد ما تقدم من تقسيمات تتضح لنا أمور: 1. خروج الرافضة والنصارى واليزيديين والأكراد العلمانيين من قائمة التأييد والرصيد الشعبي، وذلك للاختلاف العقدي والعداء المباشر لأهل الإسلام. 2. خروج أغلب أفراد العشائر السابقة الذكر في محافظة الانبار _ الذين تواطئوا على العمالة وحرب الإسلام _ من قائمة التأييد والرصيد الشعبي، ولم يبق منهم إلا أفراد قليلون صادقون مؤيدون لله ورسوله -صلى الله عليه و سلم- وعباده المجاهدين. 3. خروج العملاء والشرطة والحرس الوطني والمبغضين للجهاد والمجاهدين في العشائر الأخرى والعشائر الضعيفة أو الصغيرة من قائمة الرصيد الشعبي، ولم يبق إلا الصادقون من المؤمنين الذين والوا الله ورسوله والمؤمنين. ويلاحظ مما سبق أن أنصار الجهاد والمجاهدين قليلون، وهؤلاء هم الرصيد الشعبي للمجاهدين، ومع قلة الرصيد إلا أن لهذا الرصيد مؤثرات أخرى تؤثر فيه وتنقص من حجمه، وهذه المؤثرات نحن بصددها الآن: 2. من أسباب فقدان الشعبية: الإعلام الموجه. لا يخفى على لبيبٍ في هذا الزمن، أن الإعلام بجميع صوره المرئية والمسموعة والمقروءة وحتى شبكة الإنترنت مسخرةٌ لأمر رئيسي وهو القضاء على الإسلام، وطمس معالمه، ومحو شعائره، وتشويه خط الجهاد الأصيل، ونشر العلمنة والديمقراطية. ومما يعيه كل عاقل أن الطواغيت _ في كل زمان وفي أي مكان _ لا يسمحون لأحد من أهل التوحيد والجهاد بخطبة أو محاضرة أو مناظرة يظهر بها دينه، ويعيب فيها الطواغيت وملتهم. فضلاً عن أن يسمحوا له بقناة، أو إذاعة، أو حتى على صفحة في شبكة الإنترنت. واعلم رحمك الله أن الطواغيت _ وهذا دأبهم _ لا يسمحون من الإسلام إلا ما يخدم مصالحهم ومناصبهم، فإذا ظهر منه ما يضرهم، استنفروا جندهم وأغاروا عليه في ليلة ظلماءَ قبل أن يظهر نوره للناس، ولكن أنّى لهم ذلك قال تعالى: ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) التوبة32. وأما دور الإعلام الموجه فهو من الخطورة بمكان حتى أثر على كثيرين، لا أقول من العوام بل حتى على كثير ممن ينتسبون للعلم والدعوة ولا حول ولا قوة إلا بالله. فمثلاً قناة كقناة الجزيرة والتي توصف بالحيادية، هي في حقيقة أمرها صنيعة صنائع الأمريكان، وضعت لنشر الديمقراطية والقومية والعلمنة في أوساط المجتمع المسلم، فمنها يقبل الكثير وهنا مكمن الخطر. وعلى سبيل المثال تجدهم في نشراتهم يقولون: خبر عاجل ... جريح من الأمريكان، وعشرات القتلى والجرحى من العراقيين في انفجار سيارة مفخخة. وإنّ النّاظر من عموم المسلمين للخبر في الوهلة الأولى ليتعجب من هول المطلع.. ويتساءل. هل فرض الجهاد للدفاع عن الإسلام وأهله أم لقتل المسلمين؟ وحقيقة الخبر قتلى من الأمريكان لا يعلم عددهم إلا الله، وقتلى من أذنابهم من الحرس الوطني والشرطة [هؤلاء هم القتلى العراقيين المدنيين].!!! فلماذا يحرص الإعلام على ذكر القتلى العراقيين دون ذكر هويتهم؟ وما المقصود من ذلك؟ وما المقصود من ذكر قتلى من المدنيين العراقيين بصورة دائمة وفي كل عملية؟ أليس المقصود هو إضعاف الرصيد الشعبي للمجاهدين. 3. من أسباب فقدان الشعبية: تشويه صورة الجهاد والمجاهدين والعداء المباشر لهم وخاصة تنظيم القاعدة من علماء سنة _ زعموا _ ينتمون لهيئة علماء المسلمين والحزب الإسلامي. تنبيه: سأفصل هذه النقطة في الملاحظة السابعة. 4. من أسباب فقدان الشعبية: تشويه صورة التنظيم داخل العراق وخارجه من بعض الجماعات الجهادية، كالجيش الإسلامي وحلفائه من السروريين وأتباعهم من جماعات ورجالات ينتسبون إلى العلم والدعوة. تنبيه: سأفصل هذه النقطة في الملاحظة السابعة. 5. من أسباب فقدان الشعبية: السنن الإلهية. إن النّاظر في سنن الرب جل وعلا ليعجب أشد العجب من حكمته الباهرة، وقدرته الظاهرة، وقوته وعزته القاهرة، فالله جل جلاله ما ذكر الكثرة في القرآن إلا وذمّها قال تعالى:(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)الأنعام:116، وقال تعالى:(وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)يوسف:103، وقال تعالى:(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ)يوسف:106، فهذه الكثرة التي عنها تبحثون، و بها تزنون، وبوجودها أو عدمها تمدحون أو تذمون. وإن الناظر البصير لسيرة الأنبياء والمرسلين ليجد أن أتباعهم الأقلون المستضعفون قال -صلى الله عليه و سلم- :( ويأتي النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد )، وقال ابن كثير رحمه الله: [ قال _ هرقل عظيم الروم _ فأخبرني عن أتباعه من هم؟ فقلت _ أبي سفيان رضي الله عنه _ الأحداث والضعفاء والمساكين، فأما أشرافهم وذووا الأنساب منهم فلا] [10]، وقال رحمه الله: [_ قال هرقل عظيم الروم _ وسألتك عن أتباعه فزعمت أنهم الأحداث والمساكين والضعفاء وكذلك أتباع الأنبياء في كل زمان] [11]، وقال الشيخ عبد الله عزام رحمه الله: قليلٌ هم الذين يحملون هذه المبادئ، وقليل من هذا القليل الذين يبلغون هذه المبادئ، وقليلٌ من قليلٍ من قليلٍ الذين يضحون من أجل تبليغ هذه المبادئ، فهم قليلٌ من قليلٍ من قليلٍ[12]. اهـ وسبب هذه القلة في الأتباع هي سنة الله في ابتلاء العباد، فهو لا يدعهم هملاً بل يرسل لهم رسلاً، ثم يبتليهم ببعضهم، ثم يميز الخبيث من الطيب قال تعالى: (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)آل عمران179، وقال تعالى: ( لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) الأنفال 37، وقال رسول -صلى الله عليه و سلم- عن ربه عز وجل: ( إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك )، ومع هذا القلة فهم المنصورون بإذن الله، قال الله تعالى في محكم التنزيل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد7. واعلم رحمك الله أن الرصيد الشعبي لتنظيم القاعدة أكثر بكثيرٍ _ بفضل الله تعالى _ من رصيد الجيش الإسلامي والإخوان المسلمين وغيرهم من التنظيمات داخل العراق وخارجه. وتلك ليست دعاية أُسَوِقُهَا لتنظيم القاعدة، فسل من في حيك ومدينتك، وسل مَنَ حولك عن أئمة الجهاد وقادته، وستعلم ضخامة الرصيد الشعبي _ ليس في العراق فحسب ولكن في العالم أجمع _ الذي يتمتع به أولئك الأبطال. الشطر الثاني: عدم الاكتراث بالرصيد الشعبي. أولاً: اعلم أن هذه الكلمات من التجني والظلم الشديد، فليحذر الإنسان من الظلم وخاصة ظلم أولياء الله المقربين _ نحسبهم كذلك _، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ) المائدة :8، وإني أدعوكم أن تتجنبوا الإكثار من ذكر الملاحظات التي ليس لكم فيها برهان، ولا لكم عليها مستند، وإن لم تستطيعوا أن تفعلوا فعل المجاهدين، فكونوا كما قال الشاعر: فاعكس ضياء الشمس إذ لم تسـ تطع أن تستغل مدارج العلياء وإلا فليكسر القلم. ثانياً: إن أعمال التنظيم ومساعيه في دعوة الناس وإخراجهم من العمى والضلال، والسعي في توحيد كلمة المسلمين ليس في العراق فحسب ولكن في جميع أرجاء العالم واضحة بينة، والواقع يشهد بذلك. ويتجلى هذا واضحاًٍ من تحركات الشيخ أبي مصعب والشيخ أبي أنس رحمه الله في السابق، وتحركات الشيخ أبي مصعب في هذه الأيام، فرجل يسعى لتوحيد جهود أهل الإسلام من العراق إلى أفغانستان، كيف لا يهتم بأمر أهل الإسلام داخل العراق ويسعى لتوحيد صفهم، وما مجلس الشورى عنّا ببعيد. و إذا لم تكن تعلم. فاعلم أن اللجنة الشرعية التابعة للتنظيم _ في عهد الشيخ أبي انس الشامي وإلى هذا اليوم _ تسعى لدعوة المسلمين وتبصيرهم بدينهم وذلك بعدة وسائل. الجلوس مع شيوخ العشائر وتذكيرهم بالله وبواجب النصرة للدين والجهاد في سبيل الله. الخطابة يوم الجمعة إذا سمح الوضع الأمني. نشر شريط الكاسيت النافع. نشر أفلام عمليات المجاهدين. نشر الكتب والمطويات _ بشكل دوري _ في جميع أبواب الدين. نشر البيانات بشكل دوري وتوضيح الالتباس بقدر الإمكان. تدريس أبناء المسلمين، وإقامة حلقات تحفيظ القران في الأماكن الآمنة. توزيع الحجاب الإسلامي بين نساء المسلمين، وتبصير المسلمين بأحكام الحجاب والاختلاط. حتى ظهر نور الإسلام في محيا كثير من المسلمين، فالقاعد توجه للجهاد، والغافل فر إلى الله بعد أن كان من الآبقين، بل تجد النساء يتسابقن على ارتداء الحجاب الإسلامي، والالتزام بشرائع الواحد الديان، فأين أنتم ودعوتكم من مثل هذه الدعوة مع الجهاد في سبيل الله، فأي حرمان هذا الحرمان. واعلم رحمك الله أن الذي يضحي بنفسه نصرة لدين الله، ودفاعاً عن المسلمين وأعراضهم، لهو أحرى أن يبذل ما يستطيع في دعوة الناس للتوحيد. وأن كل جبان رعديد بخل بنفسه عن رب العالمين، ولو اعتلى أعلى مناصب الدين، وأشار إليه فريق من المؤمنين، فإنه لا يبذل المستطاع في دعوة الناس للتوحيد. ثالثاً: اعلم رحمك الله أنه لا ينبغي للموحد أن يداهن في عقيدته وأصل دينه، بل لابد أن يظهر التوحيد إظهاراً لا يخاف فيه لومة لائم، وكما قال الله تعالى عن إبراهيم وهو في مكان الضعيف من قومه: (كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة :4، لا كما يفعله كثيرون من العلماء. يكفر الطواغيت ويظهر العقيدة إظهاراً لا يخشى فيه لومة لائم.!!! في المجالس الخاصة طبعاً. أما الخطب العامة والمحاضرات فإنه يدعو لولي أمره الطاغوت.!!! و إذا سُئل قال: مداراةًً لهم، وخوفاً من بطشهم، ثم بعد ذلك هو لا يخالط الأحداث ولا يتعايش مع واقع الجهاد، فيحكم على الأمور عن طريق الرسائل أو أية وسيلة أخرى، ثم لا تجد منه إلا التشنيع. وكما وصف الشيخ أبو قتادة فك الله أسره حال هؤلاء القوم في شريطه الصوتي والذي بعنوان ( المصطلحات _ الجزء الثاني ) حيث قال: [ كمن يجلس ليمارس الجلد ينشأ هنا جهاد، وتنشأ هنا مصيبة، وتنشأ هنا مشكلة، وتنشأ هنا قضية، فيأتي الناس إليه. أولاً هذا الشيخ يرفض أن يتعامل بالحكم الشرعي، بل هو يطلق العبارات ويوسعها، كما هو شأن العباءة التي إذا لبسها السمين كانت عليه جيدة، وإذا لبسها النحيف كانت عليه جيدة، فهو يستخدم من العبارات كما يستخدم أنواع الألبسة الفضفاضة التي لا تميزه، ويرقب من بعيد ليرى أين تسير. أهذا جهادٌ قد آتى أكله، حين إذٍ هو مسعر حربٍ، ورجلٌ قادته فيه، وصاحب الرأي الذي أخرجه، وإذا أُوذي الناس بهزيمة قدرها الله على فاعلها بسبب عدم القدرة مثلاً، أو بسبب معصيةٍ مثلاً، أخرج عصاه من تحت عباءته يمارس الجلد على المسلمين ]. اهـ أما كان الأحرى بهؤلاء وأمثالهم أن يعتزلوا الناس والتحديث، وإذا لم يستطيعوا أن يقولوا الحق فلا يقولوا الباطل. وأما أنت يا حامي حمى التوحيد، فلا تستوحش من قلة السالكين، ولا تغتر بكثرة الهالكين، وأظهر شعائر الدين، وحارب الطواغيت وأرباب القوانين. قال الشيخ أبو محمد المقدسي في كتابه ( ملة إبراهيم ): [ ويقول الشيخ سليمان بن سحمان في ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان ص76، 77: إظهار هذا الدين تصريح لهـم بالكفر إذْْ هم معشر كفــار وعداوة تبدو وبغض ظاهــر يا للعقول أما لكم أفكـــار هـذا وليس القلب كاف بغضه والحـب منه وما هو المعيار لكنما المعيار أن تأتي بـــه جهـراً وتصريحاً لهم وجهار ]. اهـ وقال فك الله أسره في ( ملة إبراهيم ): [ ورحم الله من قال: يظنون أن الدين لبيك في الفــلا وفعــل صلاة والسكوت عن الملا وسالم وخالط من لذا الدين قد قلا وما الدين إلا الحب والبغض والولا كذاك البرا من كل غاوٍ وآثمِ ويقول أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله تعالى: "إذا أردت أن تعرف محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى ازدحامهم في أبواب المساجد، ولا في ضجيجهم بلبيك، ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة، فاللجا اللجا إلى حصن الدين والاعتصام بحبل الله المتين، والانحياز إلى أوليائه المؤمنين، والحذر الحذر من أعدائه المخالفين، فأفضل القرب إلى الله تعالى، مقت من حاد الله ورسوله وجهاده باليد واللسان والجنان بقدر الإمكان" اهـ من الدرر السنية - جزء الجهاد ص238]. اهـ، وقال العالم الأديب سيد قطب _ رحمه الله رحمة واسعة _ في فصل [(معالم في الطريق)(نقلة بعيدة _ ص 602)]: [ لن نتدسس إلى الناس بالإسلام تدسساً، ولن نربت على شهواتهم وتصوراتهم المنحرفة، سنكون معهم صرحاء غاية الصراحة، هذه الجاهلية التي فيها خبث والله يريد أن يطيبكم]. اهـ وهنا أمرٌ عظيم، فمتى أظهر المسلم التوحيد، سقط عنه ذلك التأييد والرصيد، كما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مكة الملاحظة الرابعة: توسيع دائرة الخصوم، والخروج من أرض المعركة إلى ساحات أخرى. أقول وبالله التوفيق وعليه التكلان: هذه الملاحظة مردودة من وجهين: الوجه الأول: الشرعي: فمن المسلمات الشرعية أن الأرض لله، أمر عباده أن يقيموا فيها حكمه، واستخلفهم فيها، فتنكب الطريق من تنكب، حتى حكمت الأرض بالكفر والعياذ بالله. وذكر أهل العلم أن ديار الإسلام إذا حكمت بالكفر وتغلب عليها الكفار، تحولت من دار إسلام إلى دار كفر وحرب ولا اعتبار لساكنيها. قال سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى: إذا ما تغلب كافر متغلب على دار إسلام وحل بها الوجل وأجرى بها أحكام كفر علانيا وأظهرها فيها جهاراً بلا مهل ‍ وأوهى بها أحكام شرع محمد ولم يظهر الإسلام فيها وينتحل فذي دار كفر عند كل محقق كما قال أهل الدراية بالنحل وما كل من فيها يقال بكفره فرب امرئ فيها على صالح العمل وعلاوةً على هذا فبلاد الإسلام ترزح تحت وطأة احتلال عسكري وسياسي وفكري. وأراضي الإسلام واحدة لا يفرقها حدود، ولا يقطّع أواصرها عرقيات، بل أرض الإسلام من شرقها إلى غربها أرض واحدة رابطها الإسلام. وأما الحدود فهي من صنيعة القدماء من عباد الصليب _ الإنجليز والفرنسيين _ فقسموا بها البلاد ، وفرقوا العباد. وشرعنا يحرم هذه الحدود أيما تحريم، فبهذه الحدود تفرق المسلمون شيعاً ووالوا فيها وعادوا، فمن أجل الوطن يقاتلون، وللتربة يناضلون، وعن الجنس ينازلون ويصولون، والله تعالى يقول: ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )، فمن ظن أن الجهاد محصور بحدود العراق فهو مخطئ أيما خطأ، فأهل التوحيد والجهاد لا يرون لتلك الحدود اعتباراً فنظرتهم لبلاد الإسلام كنظرة أبي بكر وعمر وعقبة بن نافع وطارق بن زياد، ومن نظر غير نظرة هؤلاء فليعلم أنه قد ضل سواء السبيل وأخطأ المسير. إن الجهاد لا يحده حدود، ولا تعيقه عوائق، لكنها الأولويات فلو أن أهل التوحيد والجهاد قاتلوا أهل الصين لشركهم لم يكن عليهم أدنى تثريب، بل هم في جهاد ما داموا يبتغون إعلاء كلمة الله، وأهل التوحيد والجهاد هم أعلم المسلمين بأمور الحروب وأولوياتها، والشاهد أنه ليس هناك توسيع إلا إذا كان الجهاد محرماً في تلك البلاد، ولا دليل على هذه المقولات، ولا حجة لهذه التأويلات. والموحدون من أهل الجهاد يعملون وفق منهج الله وشرعته لا يحيدون عنه يمنة ولا يسرة، فما اعتبره الشارع مصلحة فهم ساعون لتحقيقها، وما اعتبره الشارع مفسدة فهم ساعون لإزالتها. وكثيراً من المحسوبين على العلم والدعوة استصلحوا واستحسنوا بعقولهم مالم يأذن به الله، فسعوا لتحكيم شرع الله _ زعموا _ بالطرق غير الشرعية أو الكفرية. فالمصالح والمفاسد باب واسع يجب ضبطه بالشرع ووزنه بميزانه، وأن لا يترك الحبل على الغارب وإلا فسد الدين والدنيا. إن الاستصلاح والاستحسان _ في الشرع _ فيما لم يأذن به الله هو اتهام واضح جلي على أن الدين ناقص، وأن عقول المستصلحين أكمل وأحكم، فأصحاب الاستصلاح والاستحسان _ غير المنضبط بالشرع _ اتبعوا أهواءهم وطوعوا الشرع لعقولهم، حتى جعلوا دخول البرلمانات ومضاهاة الله تبارك وتعالى في التشريع من أهم الوسائل للوصول إلى تحكيم شرع الله _ بزعمهم _، وآخرون جعلوا النهضة العمرانية والعلمية[13] هي الطريق الأمثل والأسلم لإقامة شرع الله في الأرض _ بزعمهم _، ونحن لا ننكر أن هذه النهضة قد تكون سبب من الأسباب المادية لإقامة شرع الله إذا وظفت التوظيف الصحيح، لكنها لا تكفي لإقامة شرع الله، فالله عز وجل افترض علينا هذا الدين، وأمرنا باتباعه والعمل به وحمايته ومن ثم نشره، ففرض الجهاد بنوعيه الدفاعي و الهجومي _ الطلبي _ ليعُمَ الإسلام أرجاء المعمورة، وأرشدنا الله عز وجل إلى أسباب النصر الإيمانية في الغزوات فقال تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الأنفال:45، وأمرنا بطاعته عز وجل وطاعة نبيه والسمع والطاعة لأمرائنا وأن لا نتنازع فيما بيننا وإلا بؤنا بالفشل، وبُلينا بذهاب الريح فقال: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال:46، وأمرنا تبارك وتعالى بالصبر فقال: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). وأرشدنا إلى أسباب النصر المادية وذلك في قوله تبارك وتعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) الأنفال:60، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن القوة الرمي) مفسر لمعنى القوة في آية (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ). ومتى ما توكلت الفئة المؤمنة على الله حق التوكل، وسعت في تحقيق الأسباب الإيمانية والمادية واستنفدتها حتى لم يبق إلا سبب السماء، نزل الموعود الأكيد والقول الصادق من رب العزة: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ). إن أعظم مصلحة وجب على المسلمين تحقيقها في الأرض هي رفع راية التوحيد وإقامة شرع الله، وإن أعظم مفسدة وجب على المسلمين إزلتها من الأرض هي الشرك والمشركين بعد أن تبلغهم الحجة - وقد بلغت -، وهذه المصلحة لا تتحقق وتلك المفسدة لا تزول إلا بالطرق والوسائل الشرعية التي نص عليها الشارع، فلا يتحقق التوحيد ولا يزهق الكفر والتنديد إلا بالدعوة والقتال الذي افترضه الله على عباده، أما الحلول السلمية الانبطاحية، أو البرلمانات التشريعية الكفرية فلا يقوم عليها ولا يعتليها إلا الكفر والتنديد. الوجه الثاني: العسكري: بعد أن تبين بطلان الملاحظة من الجانب الشرعي نبين بإذن الله بطلانها من الجانب العسكري، ولا بد لنا من مقدمة في الجانب العسكري ليتضح لنا هذا البطلان. فمما يعلمه كل عسكري أن الحروب تنقسم إلى أربعة أقسام: 1. حرب عصابات [حرب تقليدية غير نظامية]. 2. حرب نظامية تقليدية. 3. حرب نظامية غير تقليدية [وهي الحروب التي تستخدم فيها أسلحة نووية أو بيولوجية]. 4. حرب باردة. فأما حرب العصابات فهي سلاح المستضعفين بعد الإيمان بالله _ عز وجل _ والتوكل عليه، وهذه النوع من الحروب حين يطبق على الواقع فإن أكبر قوة على وجه الأرض لتعجز كل العجز عن القضاء على قوة ضعيفة تستخدم هذا الأسلوب، وحرب العصابات من الأسباب المادية للنصر، فإذا استخدمها المؤمن حق الاستخدام بعد التزود بالتقوى والتوكل على الله، فإنه لا يقف أمامه كافر ولا مرتد، ومتى ما تحول عنها باء بالفشل إلا أن يشاء الله، خاصة في ظل التفوق الجوي للعدو، وقد قال تبارك وتعالى: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) وحرب العصابات _ في هذا الزمن _ تعد من أسباب النصر المادية، وعلى المؤمن تحقيق أسباب النصر الإيمانية والمادية حتى يمنّ الله بنصره على عباده المؤمنين. ولحرب العصابات مراحل وهي ثلاث: المرحلة الأولى: مرحلة الاستنزاف: ومن مميزات هذه المرحلة: 1) انتشار العدو في رقعة كبيرة من الأرض. 2) المجاهدون على شكل مجموعات وأطقم صغيرة الحجم، تضرب مفاصل العدو ثم تتلاشى ليس لها شكل أو لون أو مكان. 3) حركة العدو نظامية ( دوريات العدو داخل المنطقة المحتلة على شكل روتين يومي في أوقات معلومة ). 4) حركة المجاهدين غير نظامية ليس لها وقت ولا طريقة معينة، متنوعة الشكل والمكان والعمليات. 5) في هذه المرحلة يحاول العدو نصب فخاخ لضرب المجاهدين وكشف هويتهم ليتمكن من القضاء عليهم. وأما طرق العدو في نصب الفخاخ العسكرية للمجاهدين فهي كالتالي: أ‌- إظهار الضعف ليُظهر المجاهدون قوتهم. ب‌- الانسحاب من بعض المناطق الغير مهمة بالنسبة للعدو، ليأمن المجاهدون ويبدأوا بإظهار أنفسهم وقوتهم وأماكن تمركزهم حتى يظنوا أن العدو قد ترك المنطقة بشكل نهائي، وهذا الانسحاب قد يكون انسحاباً تكتيكياً من العدو بمعنى أنه سيعود ولكن بأسلوب جديد، مع العلم أن العدو في فترة انسحابه التكتيكي وعند غيابه عن المنطقة بالتواجد العسكري فإنه موجود بشكل آخر وهو العمل الاستخباراتي، ففي هذه الفترة يكثف من زرع العملاء، ونشر أكبر شبكة ممكنة منهم، مع العمل على جمع المعلومات بشكل يؤهله للقضاء على عناصر المجاهدين ورموزهم. 6) في هذه المرحلة يفقد العدو توازنه ويتخبط مع ارتفاع وتيرة الهجمات، فيبحث عن الانتقام من عدوه فلا يجد أحداً، ثم يعمد إلى القتل العشوائي وذلك لأمور: أ‌. إرهاب الناس وتقليل المناصرين قدر الإمكان. ب‌. إضعاف مستوى الرصيد الشعبي لدى المجاهدين قدر الإمكان. وبعد أن يقتل عشوائياً يعمد إلى الاعتقالات الجماعية العشوائية، واعتقال المشتبه بهم وذلك لأمور: أ‌. جمع أكبر قدر ممكن من الخيوط الموصلة للمجاهدين. ب‌. إرهاب الناس وتقليل المناصرين قدر الإمكان. ج. إضعاف مستوى الرصيد الشعبي لدى المجاهدين. 7) على المجاهدين في هذه المرحلة أن لا يغتروا بمظاهر ضعف العدو وانسحابه من بعض المناطق، بل عليهم أن يُبْقُوا تشكيلاتهم العسكرية كما هي، وعليهم الاستمرار بنفس الأسلوب القديم [الضرب ثم التلاشي] مع رفع وتيرة العمليات ضد العدو، ونشرها في أكبر رقعة من الأرض هذا من جانب، ومن جانب آخر لابد عليهم من مواصلة استهداف عملاء العدو، فبهم يعمل العدو ويتمكن، وبدونهم يؤسر العدو في قواعده من حيث لا يشعر، وإذا خرج من قواعده تخبط لا يلوي على شيء، وتخطفه المجاهدون كما يُتَخَطّفُ الطير. وقد رأينا مدناً في العراق استمرت على هذا الأسلوب وهذه المميزات، فلا زالت إلى الآن تنعم بالأمن والأمان، ومدناً أخرى لم تطبق بعضاً مما سبق فوقعت في الفخ المعد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. بعض قواعد هذه المرحلة: 1. فصل الجسم عن الرأس: المقصود بهذه العبارة ضرب خطوط إمداد العدو، وتقطيع جسمه وفصله قدر الإمكان عن مركز قيادته، فكلما كان انتشار العدو أكبر كانت فرص ضربه وتقطيع خطوط إمداده أكثر، فالأردن مثلاً خط إمداد رئيسي للأمريكان وكذا الكويت وتركيا، وإيران خط إمداد للرافضة المشركين. 2. مدة المرحلة: من المعلوم عند العسكريين أن مرحلة الاستنزاف إذا طالت فترتها فلابد أن تكون ما بعدها من مراحل أقصر زمناً، وإذا قصرت هذه المرحلة فلابد أن تطول ما بعدها من المراحل. وقد يكون قصر هذه المرحلة مؤشراً خطيراً للمجاهدين، وقد يكون انتقالهم من هذه المرحلة انتقالاً غير سليم، وقد يكون هذا الانتقال فخاً محكماً أعده العدو للمجاهدين فوقعوا فيه من حيث لا يشعرون. 3. اضرب في المكان والزمان الذي تريده: يجب على رجل حرب العصابات أن يحدد مكان ضرب العدو ويختاره بدقة، من حيث قوة التأثير وحجم الخسائر. فإذا كانت العملية كميناً فعليه اختيار المنطقة المناسبة لنصب الكمين، والساتر المناسب له، و خط الانسحاب الآمن. وإذا كانت العملية استشهادية فعليه اختيار أضعف ثغرة يمكن الوصول منها للعدو، مع تحديد المكان المناسب في الهدف للتنفيذ بدقة، بعد أن يعرف أهم الأوقات التى يفتر فيها العدو، عندها يأتي دور القاعدة التالية. 4. عنصر المفاجأة [ المباغتة ]: هذه القاعدة من أحد أهم أسباب النصر المادي في المعارك، بعد الإيمان بالله والتوكل عليه، فبها يُبهت العدو، ويعمى بصره، ولا يدري ماذا حل به، فالمجاهد حين يحدد الزمان المناسب، مع المكان المناسب، بالسرية المناسبة، بالسرعة المناسبة، فإنه في هذه الحالة يحقق عنصر المفاجأة [ المباغتة ]، ويرسل هدية من اللحم الطازج للإدارة الأمريكية، والفضل لله من قبل ومن بعد. 5. تعلم فن التلاشي والفرار: إن حرب العصابات مبنية بالأساس على ضرب العدو ذي الجسم الضخم في المفاصل من قِبَلِ جسم صغير ضعيف ليس له قوة، إلا أن نقاط ضعف الجسم الضخم تكمن في ثلاثة أمور: (اختيار المفاصل كهدف لإسقاط العدو _ عنصر المباغتة _ فن التلاشي وسرعة الانحياز). فلو بقي الجسم الصغير بدون انحياز بعد ضربه للجسم الكبير، فإن هذا كفيل أن يجعله هدفاً سهلاً ولقمة سائغة للجسم الكبير. وأيضاً فإن تلاشي الجسم الصغير بعد الضرب يكسبه أمرين: الأول: ضرب الجسم حسياً في حالة الاشتباك وهذا هو الاستنزاف البشري والعسكري والمادي. والثاني: ضرب الجسم معنوياً بعد الانحياز، ويتمثل ذلك في الغضب العارم الذي يكتسبه العدو حين لا يدري ممن ينتقم، وهذا الغضب إذا استمر بدون انتقام فإنه يتحول مع الوقت إلى انكسار في روح العدو المعنوية ومن ثم يترك القتال. وهذان العنصران هما من أهم أسباب هزيمة الجيوش القوية في المعارك [الاستنزاف الاقتصادي _ كسر رغبة العدو في القتال]. 6. احذر مفاوضة الأعداء: أولاً: من كان صاحب عقيدة، لا يهزه أسر، ولا يخيفه قتل، فلم المفاوضات. ثانياً: حين يدخل رجل العصابات هذا النفق المظلم فقد بدأ بسلسلة التنازلات التي لا تنتهي إلا.. بالانسلاخ من الدين، أو العودة والتوبة ولكن .. بعد أن كُشِفت الأوراق للعدو. ولذا فإن المفاوض لن يصل مع العدو إلى نتيجة ما لم يقدم تنازلات، وهذا مما لا ينبغي على المجاهد فعله، بل هي الخيبة والخسارة في الدنيا والاخرة، وعلى المجاهد أن يقدم رضى الله وطاعته على رضى غيره، وليتذكر قول الله عز وجل: ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) البقرة : 120. فمهما قدم من تنازلات فلن يرضى عنه العدو. أساليب العدو _ في هذه المرحلة _ لإسقاط الجهاد وأهله: 1) المفاوضات: يحاول العدو جر المجاهدين والجماعات المقاتلة إلى طاولة المفاوضات للتخلي عن السلاح، فالعدو في أول المعركة لا يرضى ولا يقبل بأي حال من الأحوال التفاوض مع الإرهابيين، لأنه في هذه المرحلة يجرب الحل العسكري فإذا فشل انتقل إلى المفاوضات وذلك لأمور: أ. تفريق صفوف الجهاد وأهله، فالذي في قلبه مرض يتوجه إلى المفاوضات، والثابت على دينه القابض على الجمر يبقى على ثباته. ثم يحاول العدو ضرب المتساقطين بالثابتين، واستخدام المتساقطين كأداة بقدر الإمكان لضرب الثابتين، شعروا أم لم يشعروا. ب. كسب الوقت، وكشف الأوراق: في هذا الوقت من بدء المفاوضات يزيد العدو من نشاطه الاستخباراتي لكسب مزيد من المعلومات عن مراكز المجاهدين، وكشف أوراقهم، وفي كل الأحوال إذا نجحت المفاوضات فقد تم الذي أراده العدو من إيقاف عجلة الجهاد أو جزء منها مع انتكاسة من انتكس، وإذا فشلت المفاوضات فقد كشفت الأوراق، وليستلم المفاوض المخدوع بقية الضربات، وأيضاً فإن المفاوضات تكسب العدو مزيد من الوقت ليلتقط أنفاسه، ويرتب صفوفه، ويغير تكتيكاته، ومن ثم يعود للقتال بشكل جديد. ويجب على أهل التوحيد والجهاد أن لا يردوا على العدو مجرد الرد عند طلبه المفاوضات، فالمفاوضات هي ثاني مصائد العدو بعد الانسحاب التكتيكي، بل عليهم تكثيف عملياتهم وهذا خير رد. وليحذر اللبيب من مغبة المفاوضات، فإنما هو الانسلاخ من الدين، ونقضه عروة عروة، وليعلم كل من أراد ولوج هذا النفق المظلم، أنها النهاية.. والنهاية القريبة (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضَِ) الرعد : 17. فإذا استمر ركب الجهاد على خطه الأصيل، وحافظ على السببين الإيماني والمادي انتقل العدو إلى فخ آخر عظيم _ بعد أن فشل الحل العسكري، ثم فشل أول حل سياسي ( المفاوضات ) _ وهذا الفخ هو. 2) تشكيل جماعة أو جماعات قتالية لها صبغة جهادية في الظاهر موالية للعدو في الباطن: يعمد العدو لتشكيل جماعة لها طابع جهادي وذلك لضرب المجاهدين، ولإضعاف تركيز عملياتهم تجاه المحتل والعملاء، فإذا ظهرت جماعة من هذا النوع بدأت أولاً بتوجيه ضربات خفيفة للعدو وذلك لكسب التأييد الشعبي، ثم بعد هذه المرحلة تبدأ هذه الجماعة بالعمل ضد المجاهدين في خطين مهمين: الأول: جمع المعلومات عن المجاهدين وأماكن تمركزهم وتزويد العدو بها. والثاني: محاولة التحرش بالمجاهدين والتخطيط لعمليات اغتيال للمجاهدين ورموزهم. ومع شدة التحرش تبدأ هذه الجماعات بالتلويح بالسلاح، وأنهم سيقاتلون المجاهدين التكفيريين الذين يقتلون الأبرياء _ويقصدون بالأبرياء الشرطة والحرس الوطني والعملاء _ ثم ما إن تحصل أدنى مشكلة مفتعلة من هذه الجماعة مع أهل التوحيد، إذا بهم يرفعون السلاح وتبدأ الحرب التي لم تكن في الحسبان، فهؤلاء القوم كانوا في يوم من الأيام يقفون في صف المجاهدين، وفجأة وبدون مقدمات إذا بهم في موقف العدو المناوئ لأهل التوحيد. هذه المصيدة التي صنعها العدو هي من أخطر المصائد وذلك لأمور: 1. قبل أن تبدأ المعارك بين الجماعة العميلة وجماعات الجهاد تعمل الجماعة العميلة جاهدة لتشويه صورة المجاهدين وتدعي أن الموحدين يقتلون الأبرياء _ أي الشرطة والعملاء _، وفي هذه الفترة تكسب الجماعة العميلة ولاء كل شرطي وجندي وعميل وكل مبغض للجهاد وأهله. 2. ثم عند بدء المعارك بين أهل التوحيد والمرتدين [ الجماعة العميلة ] يقول هؤلاء المرتدون لجماهير العامة: انظروا كيف أن هؤلاء التكفيريين يقاتلون المسلمين ويقتلونهم _ ويقصدون بذلك أنفسهم _ وليس للمجاهدين خيار إلا أن يقاتلوا المرتدين وينصروا الدين، أو يتركوهم إرضاءً للعامة وحفاظاً على التأييد والرصيد الشعبي فيسقط الدين، وتندثر معالمه، ويقتل أهل التوحيد حتى لا يبقى منهم إلا أسيرٌ أو طريدٌ، فيختار أهل التوحيد إرضاء المعبود حتى لو سخط العبيد، فيقل التأييد والرصيد حتى لا يبقى مع أهل التوحيد إلا من كان على عقيدتهم ومنهاجهم. 3. وفي أثناء القتال يضطر أهل التوحيد عند قتالهم لأهل الردة أن يحولوا تكتيكهم العسكري من حرب عصابات إلى حرب شبه نظامية، فتكشف مراكز المجاهدين وطرق تحركهم و تعرف هوياتهم، ثم بعد هذه المرحلة يأتي دور العدو. 4. بعد أن كان المجاهدون جسماً مختفياً يضرب العدو ويتلاشى أصبح جسماً ظاهراً واضح المعالم، فعندما يخوض المجاهدون معارك مع المرتدين يأتي العدو المحتل ويضرب قواعدهم الخلفية وخطوط إمدادهم ثم يكثف العدو عملياته العسكرية ضد المجاهدين فالجسم مكشوف، والفرصة قد حانت، والمرتدون يتربصون، ثم يشتد البلاء. فيكثف المرتدون من عملياتهم فيضطر المجاهدون لمواصلة قتالهم ودفع غائلتهم، فيعود العدو ليضرب المجاهدين من الخلف، فيقع المجاهدون في كماشة حتى يتم الاستنزاف الكامل لهم. 5. بعد سقوط المجاهدين وسيطرة المرتدين على هذه المناطق، إذ بهؤلاء المرتدين وفي لمحة بصر يتحولون من مدعين للجهاد إلى رجالات شرطة وجيش يحمي العدو ويقيم دولته. و بعد كل ما سبق فإن تعدى أهل التوحيد والجهاد هذه الابتلاءات، وكتب الله لهم النصر على عدوهم، انتقل العدو إلى مصيدة جديدة أشد خطراً مما سبق، مع التنبيه أن العدو قد يستخدم هذه المصيدة والتي تليها في آن واحد. والمصيدة التالية هي: 3) تحريك العملاء والخونة من مشايخ القبائل ورجالات الدين: هذا الأسلوب من أخطر الأساليب، و أنكاها بالمجاهدين، فمشايخ القبائل ورجالات الدين لهم أتباع يتأثرون بهم، وهنا مربط الفرس. وهذا الأسلوب على شقين: أ‌. حملة دعائية قوية بعدة وسائل تطلق من العدو _ لتشويه المجاهدين والتقليل من رصيدهم الشعبي _ وهذه الوسائل كالتالي: - إعلام مرئي. - إعلام مسموع. - إعلام مقروء. - منشورات ملقاة جواً عبر الطائرات. ب‌. تهييج شعبي يثيره ويتبناه رجالات دين منافقين ومشايخ قبائل خونة لإحداث ثورة شعبيه ضد المجاهدين، مع رفع شعارات ( هم سبب الدمار )، ( هم قتلة الأبرياء ). وهذه المرحلة تعتبر مرحلة مخاض للجهاد وأهله، فإما أن يولد الجهاد ميتاً فيقطف الثمرة أهل الكفر والعلمنة، وإما أن يولد حياً وضاءً يقطف ثمرته أهل التوحيد والجهاد، فينعمون بهذه الثمار، ويتفيئون ظلال الدين. فإذا اندحر العدو في هذه المرحلة، وتجاوز المجاهدون كل العقبات، انتقلوا إلى المرحلة الثانية من مراحل حرب العصابات. المرحلة الثانية من مراحل حرب العصابات: مرحلة المساواة: مما يعلمه كل عسكري أن المجاهدين لن يصلوا إلى هذه المرحلة إلا بعد اندحار العدو الأمريكي أو سقوطه بالكلية، ولن يصل المجاهدون إلى هذه المرحلة إلا بعد سيل من الدماء الطاهرة، ومهجٍ إلى الله صاعدة، ودعواتٍ لله صادقة، فبغيرها والله.. لا وصول . ومن أبرز مميزات هذه المرحلة: 1. سيطرة المجاهدين على أجزاء من أرض المعركة. 2. قوة أهل الجهاد المتزايدة. 3. للمجاهدين مراكز ثابتة، كما أن للعدو مراكز وقواعد ثابتة. 4. تقلص جسم العدو الملحوظ وانكسار معنوياته بسبب الاستنزاف العسكري والبشري والمادي الذي لحق به. وعلى المجاهدين في هذه المرحلة توخي الحذر، فربما عاد العدو مرة أخرى بعد انسحابٍ دَبّرهُ مسبقاً. ومن الواجب على أهل الجهاد أن يُبقوا تشكيلاتهم العسكرية وأطقمهم القديمة على ما هي عليه، وبنفس الأسلوب الماضي _ الاستنزاف _ مع ضم عناصر جديدة. ومهمة العناصر الجديدة إقامة الحرب شبة النظامية ضد العدو، والسبب من ذلك أنه لو قُدِرَ أن العدو داهم هذه المناطق بقواته العسكرية الضخمة، فعلى المجاهدين العودة للعمل تحت ظل المرحلة الأولى، وعلى المجاهدين أن لا يواجهوا العدو وجهاً لوجه، وإذا ما استمر أهل التوحيد والجهاد على العمل بنفس الوتيرة فإن العدو سيصيبه اليأس والانكسار المعنوي، ومن ثم سيضطر لإخلاء بعض المناطق فعلياً. وقد يعرض العدو التفاوض _ في هذه المرحلة _ وعلى المجاهدين رفض تلك المفاوضات بالكلية لأنهم بحمد الله في صعود، والعدو في نزول. المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل حرب العصابات: مرحلة الحسم. أبرز مميزات هذه المرحلة: 1. اليأس والإحباط الشديد وانكسار الروح المعنوية للعدو، بسبب الاستنزاف البشري والفشل العسكري. 2. ضعف اقتصاد العدو وذلك بسبب الاستنزاف المادي. 3. انسحاب العدو المتتابع من الأرض. 4. المعنويات المرتفعة، والانتصارات المتتابعة، مع القوة الظاهرة للمجاهدين. بعد ما سبق من توضيح في طرق وأساليب حرب العصابات التي يخوضها أهل التوحيد والجهاد، اعلم أن استراتيجية القاعدة في حربها ضد أمريكا وحلفائها وأذنابها تعتمد على أمرٍ رئيسي ( اضرب الرأس يسقط ثم يسقط الجسم ). واعلم أن العالم بالنسبة للقاعدة كدولةٍ واحدة يحكمها سيد واحد هو الحاكم الأمريكي، فمتى سقط الحاكم سقطت دولته. ومن فهم هذه الكلمات علم أن الأرض ساحة معركة لا يُستثنى منها شبر، بل على المجاهدين تشتيت الأمريكان ونشرهم في كل العالم، وضرب خطوط إمدادهم، وضرب اقتصادهم، حتى يتم استنزافهم بشكل كامل. واعلم رحمك الله أن من استراتيجية القاعدة القيام بعمليات رادعة لمن يقف في صف الأمريكان واليهود ويدخل في خندقهم، ويتجلى هذا واضحاً في عمليات مدريد ولندن والرياض والأردن وإندونيسيا والمغرب وغيرها من العمليات. وهنا أنبه على أمر مهم: فعمليات المجاهدين الأخيرة في الأردن لم تأت من فراغ بل كانت وفق برنامج محكم، ودراسة صحيحة، وذلك للأسباب التالية: 1. الأردن حارس اليهود المطيع، فمن أراد الجهاد ببيت المقدس فعليه اختراق سد الأردن العظيم. 2. تعتبر الأردن المركز الرئيسي للمخابرات الأمريكية CIA والموساد اليهودي فيما يسمى الشرق الأوسط، وكثير من قادة القاعدة الذين تم اعتقالهم في باكستان هم رهن الاعتقال في الأردن. 3. الأردن خط إمداد رئيسي للجيش الأمريكي والحكومة العميلة في العراق. 4. دخول أجزاء من الجيش الأمريكي في بداية غزو العراق من قبل الأردن. 5. تعتبر الأردن المقر الأول والآمن لتدريب الشرطة العراقية. ونظراً أن الذي يبعد عن أرض الحدث لا يمكنه أن يحكم على الوضع، ولا يستطيع أن يعرف المتغيرات، وبالتالي لا يمكنه تنزيل الحكم على الواقع الحربي الذي ليس له به معرفه ولا دراية، فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ولا يمكن للمفتي والحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم، أحدهما فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط بها علما، والنوع الثاني فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه، أو على لسان رسوله -صلى الله عليه و سلم- في هذا الواقع، ثم يطبق على الآخر ) اهـ أعلام الموقعين 1/ 78. والقاعدة الفقهية تقول: الحكم على الشيء فرع عن تصوره. فكيف تحكمون على أمرٍ لا تعلمون تفاصيله، ولا تعلمون منه إلا ما علق في آذانكم من وسائل الإعلام العلماني، أو ما وصلكم من أخبارٍ نقلها من هو أجهل منكم بالحدث، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. الملاحظة الخامسة: التوسع في العمليات الاستشهادية وجعلها هي الأصل. أقول وبالله التوفيق وعليه التسديد: أولاً: مشروعية العمليات الاستشهادية. فمما نعلمه أنكم تفتون بجواز ومشروعية العمليات الاستشهادية، وهذه النقطة لا خلاف عليها بيننا وبينكم. ثانياً: لابد لنا أن نعرف لماذا ركز المجاهدون على العمليات الاستشهادية؟ وهل المجاهدون في التنظيم ليس لهم من العمليات إلا العمليات الاستشهادية؟ أم أن لهم عمليات أخرى كالكمائن والاقتحامات والاغتيالات والألغام والمدفعية والصواريخ إلى آخر تلك العمليات؟ أسئلة تحتاج إلى تفسير وتوضيح، وبإذن الله تعالى نوضح هذا اللبس من عدة نقاط. 1. طبيعة الأرض: من المعلوم أن تضاريس العراق عبارة عن سهول وصحاري وَقَلَّ أن تجد فيها جبال إلا في الشمال حيث الأكراد، وتلك الجبال في الغالب تحت سيطرة المرتدين من أهل كردستان. وهذه السهول وتلك الصحاري قل أن تجد فيها أشجاراً فضلا أن تكون فيها غاباتٌ، فغالبية أرض العراق غير صالحة للقتال (بأسلوب حرب العصابات) إلا في المدن، أو على ضفاف الأنهار التي فيها مزارع النخيل وغيرها. 2. إذا علمنا أن المناطق الصالحة للقتال هي المناطق المأهولة، فوجب علينا أن نوضح حال سكان هذه المناطق. فأما الأكراد فقل أن تجد فيهم مجاهداً _ إلا ما رحم ربي _ وإذا أراد المجاهدون القيام بعمليات داخل مناطق الأكراد فلا تكون هذه العمليات إلا نوعية من حيث الهدف وطريقة التنفيذ، قليلة من حيث العدد، وبالجملة فتواجد المجاهدين في هذه المناطق قليل جداً. وأما حال الرافضة فهو كحال الأكراد وزيادة فالرافضة عملاء بالمجان. وأما أهل السنة فمن خلال الواقع المشاهد، ومن خلال الأحداث التي مرت بنا، فمناطق السنة ليست كلها صالحة لنصب الكمائن وزراعة الألغام، فالمناطق التي يكثر فيها العملاء، والقبائل التي تتبنى أمر العمالة يصعب على المجاهدين نصب كمائن أو زراعة ألغام فيها، فربما بلغوا الأمريكان فلم يأتوا، وربما بلغوهم فقاموا بالتفاف على المجاهدين، وربما بلغوهم فتعاملوا مع المجاهدين بالقصف الجوي. وأخلص مما سبق أن المناطق التي يقطنها موالون للعدو لا يستطيع المجاهدون العمل بداخلها إلا عن طريق عمليات نوعية وسريعة كالعمليات الاستشهادية. ومما سبق يتضح لنا أن أرض العراق لا يصلح منها للقتال إلا المدن والمناطق المأهولة وضفاف الأنهار التي تكثر فيها الأشجار، ثم هذه المناطق المأهولة ليست كلها صالحة للقتال والسبب في ذلك أهل المناطق، فإذا كان أهل المنطقة مواليين للعدو أو يكثر فيهم العملاء فتواجد المجاهدين في هذه المنطقة وعملهم فيها يمثل خطورة كبيرة عليهم _ أي المجاهدون _ من حيث الاعتقالات، والقصف الجوي، بل والاغتيالات، فكم من مجاهد بل وسني قتل في مناطق الرافضة؟ وكم من مجاهد قتل واعتقل في مناطق الأكراد؟ وكم من مجاهد قتل أو اعتقل في مناطق سنة يكثر فيها عملاء أو تواطأ أهلها على العمالة؟. 3. سلاح المجاهدين: سلاح المجاهدين الأساسي كالتالي: أ‌. الكلاشن كوف: هذا السلاح لا يزيد أن يكون سلاح شخصي للدفاع عن النفس، وقد أبدى عدم فعالية في الحرب مع الأمريكان. ب‌. البيكا: سلاح رشاش جيد الفعالية إلا أن له عيوب، وتأثيره محدود ومقتصر على الأفراد والهمرات، أما الآليات والدبابات فليس له فيها أدنى تأثير. ج. القناصة: سلاح عملي فعال إلا أن تأثيره على المشاة والهمرات فقط. د.RBG7: قاذف صاروخي مضاد للدروع والأفراد، وهذا السلاح فعال في الهمرات والمشاة إلا أن تأثيره ضعيف وغير فعّال في الدروع والدبابات الأمريكية الحديثة. هـ. C5: هذا السلاح في أصله عبارة عن صاروخ يطلق من المروحيات، لكن المجاهدين استخدموه كسلاح مضاد للدروع والدبابات، ويطلق من الكتف، وهذا السلاح مؤثر في الهمرات والدروع والدبابات إلا أنه قليل الوجود غالي الثمن في بعض المناطق. و. SAM7: سلاح مضاد للطائرات فعال في الطيران المروحي، إلا أنه نادر الوجود غالي الثمن. ز. الألغام: هذا السلاح من أجمل الأسلحة، وأكثرها فتكاً بالعدو، إلا أن هذا النوع من الأسلحة ليس من السهل استخدامه في كل زمان وفي أي مكان، وذلك لأمور: طبيعة الأرض التي يزرع فيها اللغم: فليست كل أرض صالحة لزراعة الألغام، فربما زُرِع لغم في مكان لا يمر فيه العدو، وربما كان اللغم بمنطقة يكثر فيها العملاء فبلغوا عن مكانه، وربما يتولى _ أي العملاء _ نزع الألغام وتنظيف الطريق لأسيادهم وقد رأينا منهم الكثير. وأيضاً فإن بعض الأماكن كبغداد وغيرها، قد يحتاج المجاهدون لأقل من دقيقة لزراعة اللغم، وذلك لئلا يكشف مكان اللغم، وقد ينصب العدو كمائن لزارعي الألغام بعد أن يدرس العدو الأماكن التي تُزرع فيها الألغام، فترتفع درجة خطورة وصعوبة زراعة الألغام، وبعد كل هذا الجهد قد لا يؤثر اللغم التأثير المطلوب في الهدف، وبالجملة فإن الألغام لا تشل حركة العدو بشكل كلي. ح.سلاح المدفعية ( الهاون والصواريخ ): فالمجاهدون في تنظيم القاعدة _ ولله الحمد _ يمطرون الكفار وأذنابهم بالقذائف والصواريخ ليل نهار في أوكارهم ومخابئهم وأماكن أمنهم، فإذا خرجوا لم يجدوا إلا الموت، وإذا عادوا إلى قواعدهم لم يجدوا إلا الموت. واعلم رحمك أن العدو الأمريكي قد زاد من تدريع آلياته فلم يعد يؤثر فيها سلاح RBG7 والبيكا إلا في الهمرات، ومن عاش الحروب مع الأمريكان وحلفائهم يعلم أنهم لا يستخدمون في الأماكن الخطرة إلا الدبابات والدروع وقليلاً من الهمرات، فمنطقة الأنبار في الغالب لا يتعاملون معها إلا بالدبابات والدروع، فإذا هاجمهم المجاهدون بالأسلحة الخفيفة كالكلاشن والبيكا وRBG7 لم تؤثر فيهم أدنى تأثير، فإذا قلنا إذاً نستخدم الألغام، فكيف إذا هاجم الأمريكان مدينة من المدن وداهمها من مكان لا يتوقعه المجاهدون، أو من طريق لم يرصده المجاهدون من قبل؟ وهل سيستطيع المجاهدون زرع الألغام بهذه السرعة؟ وهل الوقت يسعفهم؟ وهل زرع اللغم في هذا المكان مناسب؟ وهل الألغام ستحد من حركة العدو بشكل فعلي؟ خلاصة ما سبق... أن المجاهدين لم يستخدموا سلاح الاستشهاديين توسعاً، أو لتحصيل مصلحة راجحة، أو تساهلاً بالدماء، ولكنها الضرورة والضرورة الملحة، إما صداً لعدوانٍ، أو اقتحاماً لا يتم ولا يكون فيه إثخان إلا بالعمليات الاستشهادية، أو في أماكن لا يستطيع المجاهدون نصب كمائن فيها أو زراعة ألغام. واعلم رحمك الله أن الإخوة في تنظيم القاعدة من أكثر المجاهدين تنفيذاً للعمليات الاستشهادية، ومن أكثرهم زراعةً للألغام، ومن أكثرهم مواجهةً للأعداء واغتيالاً للعملاء، ومن أكثرهم ضرباً بالمدفعية وإطلاقاً للصواريخ، ومن أكثرهم اقتحاماً لقواعد العدو ومراكز الشرطة العميلة. فقل لي بربك... من الذي أغار على سجن أبي غريب تلك القلعة المنيعة ثلاث مرات. وقل لي بربك... من الذي اقتحم مراكز الشرطة بحديثة والقائم والموصل وبعقوبة وغيرها. وقل لي بربك... من الذي واجه الأمريكان وجهاً لوجهٍ في الفلوجة وبعقوبة والموصل والرمادي والقائم وحديثة وغيرها. إلا المجاهدون في تنظيم القاعدة ولا فخر، والفضل لله من قبل ومن بعد وكما قال الشاعر: وأيامنا مشهورةٌ في عدونا لها غررٌ معلومةٌ وحجولُ واعلم أن التنظيمات الأخرى لم تترك العمليات الاستشهادية تورعاً منها، أو عزوفاً عنها، ولكن الحقيقة أن الاستشهاديين يرفضون التوجه لأي جماعة أو تنظيم ولا يتوجهون إلا لتنظيم القاعدة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وكم طَلَبَت جماعات كأنصار السنة والجيش الإسلامي من تنظيم القاعدة استشهاديين، وكم مرة يقول قادة فيهم نحن لا ينقصنا إلا العمليات الاستشهادية. وأختم الرد على هذه الملاحظة بكلمات. أقسم بالله الذي رفع السماء بلا عمد أنه لولا الله ثم العمليات الاستشهادية لانطفأت شعلة الجهاد في العراق أو كادت تنطفئ، وأنه لولا الله ثم العمليات الاستشهادية لانتهك الأمريكان والرافضة أعراض المسلمين في بيوتهم داخل حجر نومهم.. ولكنكم قومٌ لا تعلمون!!!. الملاحظة السادسة: استهداف الرافضة على العموم في الأسواق والمساجد بما في ذلك النساء والصبيان. أقول وبالله التوفيق وهو المسدد لكل خير: أما رؤوس الرافضة فلا خلاف بين أهل العلم في كفرهم، واستباحة دمائهم، وأموالهم، وأما عوامهم فما عادوا عواماً كما تظنون، ومن الحيف العظيم أن يسوّى بين عوام الرافضة وعوام أهل السنة، فعوام أهل السنة ما زالوا على أصل الدين والتوحيد، وإن أذنب منهم أحدٌ فهو في عداد العصاة المذنبين، وهو في دائرة الإسلام ما لم يرتكب ناقض من نواقض الدين، فكل بني آدم مذنب وخطاء حتى الصالحين، إلا من عصم رب العالمين، قال صلى الله عليه وآله وسلم ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ). وأما عوام الرافضة فلم يعد فيهم أصل الدين، كيف وهم يكفّرون الصحابة وعلى رأسهم الشيخين، كيف وهم يتهمون أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها بالفاحشة وقد برأها القرآن عبر السنين. والروافض لا يرون الرسالة أنزلت على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بل هي في أصلها لعلي رضي الله عنه، لكنه [خان الأمين خان] يقصدون جبريل عليه السلام الذي قال الله تعالى عنه: (ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) التكوير : 20، وأيضاً فإن التقية من صميم عقيدة الروافض، غير أنهم جاهروا بمعتقداتهم وأعلنوها وما عادوا يخشون فيها أحداً، حتى ظهرت كفرياتهم عبر الشاشات والمحطات، وغدوا أصحاب غلبة وشوكة ومنعة، فممن يخافون؟ ولماذا يتسترون؟ و من عقائد أولئك العوام: - طوافهم بالقبور علانية، واستغاثتهم بعلي، والحسين، وفاطمة الزهراء _ رضي الله عنهم _، وبباقي أئمتهم، ولا يوجد عامي من عوامهم إلا وهو يدعو ويستغيث بآل البيت من دون الله [يا علي، يا حسيناه] وهذا أصل من أصولهم يظهرونه ويعلنونه في كل مكان، ولا شك أن هذا كفرٌ أكبر مخرج من الملة. - إتباع تشريعات مرجعياتهم الكفرية، والتقيد بتعاليمها من تحليل وتحريم ونبذ الكتاب والسنة وراء ظهورهم، واعتقادهم أن القرآن ناقص، وأن الصحابة قد أخفوا ثلثيه، ولهم قرآن غير كلام الله عز وجل يسمونه [مصحف فاطمة]، وأحاديث مكذوبة غير أحاديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. - ولاؤهم الظاهر لأعداء الإسلام والمسلمين، ومناصرتهم لهم، وعمالتهم المجانية، فإذا قتل من الحرس الوطني عشرة تبرع بالانضمام مائة، بل هم يعدون هذا الأمر أمراً تعبدياً لإقامة الدولة الشيعية المنتظرة. قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [ وكثير منهم (الرافضة) يواد الكفار من وسط قلبه أكثر من موادته للمسلمين. لهذا لما خرج الترك الكفار من جهة المشرق فقاتلوا المسلمين وسفكوا دمائهم، ببلاد خرسان والعراق والشام والجزيرة وغيرها، كانت الرافضة معاونة لهم على قتل المسلمين، ووزير بغداد المعروف بالعلقمي هو وأمثاله كانوا من أعظم الناس معاونة لهم على المسلمين، وكذلك الذين كانوا بالشام بحلب وغيرها من الرافضة كانوا من أشد الناس معاونة لهم على قتل المسلمين. وكذلك النصارى الذين قاتلهم المسلمون كانت الرافضة أعوانهم. وكذلك إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم، فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى، ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم ] اهـ[14] وأُشهِدُ الله أن ما قاله شيخ الإسلام _ قدس الله روحه _ قد رأيناه رأي العين. - لا يرقبون في سني إلا ولا ذمة، فهم يقتلون أهل الإسلام، ويذرون أهل الأوثان، ويستبيحون دماء المسلمين تقرباً إلى الله ويقولون: اقتل سني تدخل الجنة. - تربية صغارهم على بغض ولعن وتكفير الصحابة وعلى رأسهم الشيخين رضي الله عنهما. - إيمانهم بعصمة الاثني عشر إماماً، وأنهم حجة الله في أرضه، وإيمانهم بولاية الفقيه، ولذا فإن رافضة العراق هم طائفة الجعفرية الاثني عشرية. هذا مختصر من معتقدات عوام الرافضة بالعراق، وما تركته أكثر مما كتبته، وهو غيض من فيض، وما خفي كان أعظم. ومما سبق اتضح لفضيلتكم أمر الرافضة ومعتقداتهم، وإن كنتم بعد هذا التبيين تعدون عوام الرافضة مسلمين فهلا تدبرتم قول الله عز وجل: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) القلم : 35. أما استهداف الرافضة في الأسواق والمساجد.. فاعلم رحمك الله أن المجاهدين ما بدؤوهم باستهداف أو قتال، وقد قال الشيخ أبو مصعب حفظه الله في رده على مقابلة الشيخ أبي محمد المقدسي فك الله أسره، والتي بثتها قناة الجزيرة: [ أما قتالنا للروافض فقد صرحنا مراراً _ ولا سيما الشريط الآنف الذكر _ أننا لم نبدأهم بقتال، ولا صوبنا لهم النبال، وإنما هم بدأوا بتصفية كوادر أهل السنة، وتشريدهم، واغتصاب مساجدهم ودورهم، وما جرائم فيلق بدر عنا ببعيد ]. وأما مساجد الرافضة فهي ليست كمساجد أهل السنة، فهم يسمونها حسينيات، ويصورون عليها تصاوير لعلي والحسين رضي الله عنهما وباقي أئمتهم، ولا يدخل هذه الحسينيات أحد من أهل السنة، ولا يتعبد الروافض فيها كتعبد أهل الإسلام في مساجدهم، بل لهم فيها قبور يطوفون بها، ويتمسحون بعتباتها، ويدعونها من دون الله رغباً ورهباً. أضف إلى ذلك أن كثيراً من هذه الحسينيات أضحت غرف عمليات لحرب وتشريد وتعذيب أهل الإسلام، وهذا بشهادة الجيش الأمريكي التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية مؤخراً عن فضائح فرق الموت الرافضية وطرق عملها. ومع كل هذا الشرك والإلحاد والظلم والإفساد، لم يستهدف المجاهدون تلك الحسينيات إلا بعد أن استهدف الروافض عشرات المساجد بالحرق و التدمير، وقد قال الله تعالى: ( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ )الشورى : 41. ثم إن المجاهدين لو استهدفوا تلك الحسينيات ابتداءً لكان أسوتهم وقدوتهم في ذلك إبراهيم الخليل ومحمد عليهما أفضل الصلاة وأتم التسليم حين كسرا الأصنام. وأما مساجد الحلة التي تكلمتم عنها فهي عبارة عن حسينيات كما أسلفنا، ويقدر عدد الروافض المشركين في الحلة بـ70%، وأهل السنة بـ30%، بينما تعداد الروافض في معقلهم الرئيسي البصرة يقدر بـ65%، وتعداد أهل السنة يقدر بـ35% [15]. وأما قولكم [ بما في ذلك النساء[16] والصبيان ] فإذا قررنا أن الروافض طائفة كفر وردة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال عن ذراري الكفار: (هم منهم). والحديث في مسلم عن تبييت الكفار. وأيضاً فإن أهل التوحيد والجهاد لا يعمدون لقتل نساء وصبيان الروافض _ لو صح كلامكم _ ابتداءً، إنما يكون قتلهم تبعاً لا قصداً، فالمجاهدون غير قادرين على التمييز بين النساء والصبيان وبين المقصودين بالقتل، ويدل على ذلك حديث الجيش الذي يخسف الله به في البيداء قالت أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (وفيهم المكره والذي ليس منهم) قال صلى الله عليه وآله وسلم: (يبعثون على نياتهم). ومن المعلوم أن الله جل وعلا قادرٌ على التمييز بين الجيش ومن ليس منه ولم يميز ربنا جل جلاله، ولله في ذلك حِكَمٌ علمها من علمها وجهلها من جهلها، فأنّى للمخلوق الضعيف أن يميز بين المقصود بالقتل من غيره، وأيضاً فإن من المعلوم من الدين بالضرورة أن الله عز وجل لا يظلم مثقال ذرة، فكيف بأعدل العادلين أن يأخذ البريء والمجرم في آن واحدٍ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فلا ينبغي للمجاهدين أن يعطلوا الجهاد خوفاً من أن يهدر دم مسلم، بل عليهم قدر الإمكان أن يتجنبوا ذلك قدر المستطاع، فما خرج عن الاستطاعة فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وقال شيخ الإسلام في مجموعة الفتاوى _ كتاب الجهاد _ في مسألة الترس { 28 _ 546 / 547: [ وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تَتَرَّسُوا بمن عندهم من أسرى المسلمين، وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا، فإنهم يقاتلون؛ وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم‏.‏ وإن لم يخف على المسلمين ففي جواز القتال المفضي إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء‏.‏ وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا كانوا شهداء، ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيداً، فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن قُتِلَ من المسلمين يكون شهيدًا، ومن قتل وهو في الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام كان شهيدًا‏.‏ وقد ثبـت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏يغزو هذا البيت جيش من الناس، فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم‏)‏‏.‏ فقيل‏:‏ يا رسول الله، وفيهم المكره‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏يبعثون على نياتهم‏)‏‏.‏ فإذا كان العذاب الذي ينزله الله بالجيش الذي يغزو المسلمين ينزله بالمكره وغير المكره، فكيف بالعذاب الذي يعذبهم الله به أو بأيدي المؤمنين، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ‏}التوبة : 52. ونحن لا نعلم المكره، ولا نقـدر على التمييز‏.‏ فإذا قتلناهم بأمر الله كنا في ذلك مأجورين ومعذورين، وكانوا هم على نياتهم، فمن‏ كان مكرهًا لا يستطيع الامتناع فإنه يحشر على نيته يوم القيامة، فإذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يقتل من عسكر المسلمين‏ ]. اهـ وفتوى شيخ الإسلام هذه في حق المسلمين وهي من باب أولى في الرافضة المشركين. وهنا أنبه ... على أن أهل التوحيد والجهاد وخاصة التنظيم، قد أصدروا بيانات تحذر المسلمين من مغبة الاقتراب من أماكن تواجد الأمريكان والمرتدين. وقد بثت قناة الجزيرة في نهاية سنة 2005م تقريراً للقوات الأمريكية، حيث ذُكِرَ في التقرير عدد الهجمات التي شُنت على الجنود الأمريكان، وعدد القتلى والجرحى منهم، وعدد القتلى من العراقيين، فذكر التقرير أن عدد القتلى من العراقيين يناهز 26000، ثم ذكر التقرير أن 90.5% من القتلى العراقيين قتلوا على يد القوات الأمريكية، وأن 9.5% من القتلى العراقيين قتلوا على يد المقاومة. مع التنبيه ... أن التقرير ذكر القتلى العراقيين بما في ذلك الحرس الوطني، والشرطة، والعملاء، والبشمركة الكردية، والرافضة، وأهل السنة. وهذا التقرير ردٌ فاضح وصريح على دعاوى الإخوان ومن يحذوا حذوهم من أتباع سرور، الذين يُروجون دعاوى وإشاعات على أهل التوحيد بأنهم لا يتورعون في دماء المسلمين، ويؤخذون البريء والمجرم في آن واحد. وقد أصدرت هيئة علماء المسلمين تقريراً يقول: أن معدل من يقتل من أهل السنة على أيدي الرافضة الوثنيين أسبوعياً ما يعادل 700 قتيل، وارتفع العدد إلى 1100 قتيل في الأسبوع. فلو أخرجنا من هذه النسبة _ 9.5 % _ مَنْ قُتِلَ على أيدي الرافضة المشركين والبشمركة الكردية، ولو أخرجنا منها أيضاً من قتل من العملاء والشرطة والحرس الوطني على أيدي الموحدين من التنظيمات الأخرى، فكم سيبقى لتنظيم القاعدة من هذه النسبة نصيب؟ وهل من قتله التنظيم من العراقيين نساء وأطفال ومدنيين، أم أنهم من الحرس الوثني والشرطة والعملاء، ومن البشمركة الكردية والروافض المشركين؟ لن أجيب.. وسأترك الإجابة لفضيلتكم. وأما أحداث تفجير قبة سامراء[17] وما تبعها من أحداث، فقد صرح حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين في قناة الجزيرة حيث قال: إن من قام بتفجير قبة سامراء عناصر من الحكومة لأغراضٍ سياسيةٍ. وصرح رئيس الوقف السني بسامراء في قناة الجزيرة قائلاً: إن جيش المهدي دمر وأحرق قرابة 126 مسجداً، وفيلق بدر دمر قرابة 46 مسجداً، وقتل من أهل السنة في هذه الأيام القلائل مالا يقل عن 300 قتيل لكن نحن مستعدون للعفو، والصفح، والمسامحة، لئلا تنشب حرب طائفية. اهـ ثم بعد ذلك جاء رد أهل الإيمان والفداء، لا رد أهل النفاق والاستجداء، قال الله تعالى في محكم التنزيل: ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )، وقال تعالى: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل). الملاحظة السابعة: خلق عداوات وخصومات مع الجماعات السنية [ الحزب الإسلامي _ الجماعات الجهادية الأخرى _ هيئة علماء المسلمين ]. أقول وبالله أستعين، وعليه أتوكل، وأسأله الهداية والسداد: إن كلمة [ خلق عداوات وخصومات ] لهي الخصومة بعينها، وإن هذه الكلمة لهي الظلم والبهتان، فأنتم تصورون المجاهدين في التنظيم وكأنهم وحوش يقتلون هذا، ويتخاصمون مع ذاك، ويختلفون مع أولئك، تصورونهم كأنهم قوم لا يريدون توحيد صف المسلمين وجمع كلمتهم. إن هذه الكلمة لهي من الرجم بغير علم، وكما قيل [ كلامٌ لين وظلمٌ بين ] وهذه الكلمة ليس لها مستندٌ إلا من إعلامٍ كافرٍ، أو ناقل جاهل وَجَبَ التبيُنُ من خبره. إن المشكلة الحقيقية.. لهي في أولئك القاعدين من العلماء، الذين أبوا تحميل أنفسهم تكاليف الجهاد المبارك وتبعاته، الذين يرون في أنفسهم المتحدث الرسمي باسم الأمة، والوصي الوحيد لها، فإذا قام جهاد في بلد من البلدان ترفعوا أولاً عن المشاركة في ذلك الجهاد لأنه ليس من مقامهم، ثم يقومون بإرسال الرسل ليطلعوا على حال الجهاد وأهله وقادته، هل هناك تكفير؟ هل يوجد تقصير؟ هل المجاهدون صالحون للجهاد أم غير صالحين؟ ثم بعد أن يعود الرسل يقومون بإرسال النصائح والتوجيهات، ويبذلون تلك الإرشادات وكأنها صدقات، ثم هذه الإرشادات تخالف الواقع أشد خلاف، لأنها في وادٍ والجهاد وأهله في واد، فإذا لم يطعهم أهل الجهاد، ويدخلوا تحت أمرهم، شنوا الغارة تلو الغارة عليهم، وحذّروا منهم العباد، ووصفوهم بأبشع الألقاب، وحذروا منهم الأغرار، وأوصوا أتباعهم بالقعود وحفظ الروح، كيف وهي روح واحدةٌ لا تُبذَلُ إلا في جهادٍ كجهادِ النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وصحبه الكرام رضي الله عنهم، أو أوصوهم بانتظار المهدي حتى يخرج ليقاتلوا معه، أو أوصوهم بالعلم الشرعي والإعداد الإيماني، وأما الإعداد المادي العسكري فليس له وقت الآن، إلى آخر تلك الشبهات والتلبيسات. هؤلاء العلماء عَلِمُوا من أنفسهم الضعف على تحمل أمانة الجهاد المبارك، وعجزوا عن تبيين ذلك، وخافوا أن يهجرهم الخلان، أو يتركهم الطلبة والتلاميذ، أو خافوا من الابتلاء إما أسراً أو قتلاً أو تشريداً، فعكفوا على تلبيس الحق بالباطل ولو على حساب الدين، المهم أن تبقى هذه الوجاهات، وأن لا يخسروا تلك الصدارات (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الأنفال : 67. فكيف يقوم على أمثال هؤلاء دين؟ والله تبارك وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيل{38}إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{39})التوبة. أما الحزب الإسلامي وهيئة علماء المسلمين فهما وجهان لعملة واحدة حيث يمثلان جماعة الإخوان المسلمين في العراق، فالأول الجناح السياسي، والثاني الجناح الشرعي، فمعتقد الجماعتين واحد، غير أن الهيئة لم تنغمس في بحر العمالة الذي انغمس فيه الحزب الإسلامي، ولو عَلِمَت أن الانغماس مع الحزب الإسلامي سيفيد أهل السنة بشيء لانغمست. وهذا بعض ما يراه الحزب الإسلامي مما فيه تحريف للدين، ومخالفة لأصول الشريعة، وتقديم للعقل على النقل: _ يرون أن الديمقراطية هي الحل والسبيل للمخرج من هذا المأزق. _ تعطيل الجهاد بالكلية، وصد الناس عنه صدوداً. _ يرون أن الروافض إخوانٌ لهم في الدين والوطن، ولا يرون كفر غلاتهم، وأن دماءهم وأموالهم حرام. _ يرون حق التعايش السلمي لكل المواطنين، فالنصراني والعلماني واليزيدي _ عابد الشيطان _ والرافضي كلهم إخوان الوطن فالدين لله والوطن للجميع. _ مشاركتهم في جميع الحكومات المرتدة السابقة والحالية، ابتداءً من مجلس الحكم الذي تزعمه بريمر وكان عضو الإخوان المسلمين فيه محسن عبد الحميد، واليوم نائب رئيس العراق الديمقراطي الجديد طارق الهاشمي الأمين العام للحزب الإسلامي. _ اعترافهم بجميع الحكومات العربية والإسلامية[18] الطاغوتية، واعترافهم بالجامعة العربية وميثاقها، والأمم المتحدة وميثاقها. _ اتصالاتهم المباشرة بالأمريكان، والتعاون معهم في كل الاتجاهات وعلى كل الأصعدة. _ تحريض الناس على الجهاد وأهله، وخاصة المهاجرين _ المجاهدين الوافدين من خارج العراق _. _ دعوة الناس وحثهم على الالتحاق بالحرس الوطني والشرطة. _ بذلهم أقصى الجهود لإرساء أركان الحكومة المرتدة في الأنبار، والمساعدة في تشكيل فرق من الحرس الوطني والشرطة السرية، والتحريض على ضرب المجاهدين واغتيال رموزهم. _ الاتصال بمشايخ القبائل ومحاولة إشعال ثورة شعبية ضد المجاهدين. _ دعوة الناس للتصويت على الدستور الكفري وإقراره، والمشاركة في الانتخابات. _ تصريحهم الدائم في المنابر والصحف ووسائل الإعلام أن المجاهدين الموحدين _ وخاصة المهاجرين _ كفارٌ، وأن الاستشهاديين من أهل النار. _ تصريحهم المستمر أن الحرس الوثني والشرطة والعملاء مسلمون، وإذا قتلوا فهم مظلومون. _ رفع شعارات بين الناس [ المجاهدون قتلة أبرياء _ مفسدون في الأرض _ هم سبب الدمار ]. _ ولاؤهم البيّن للحكومة المرتدة، وعمالتهم المطلقة للأمريكان، وعداؤهم الصريح لأهل التوحيد والجهاد. _ إقرار كفر الروافض، ومباركة طوافهم بالقبور واستغاثتهم بها، وذلك في كثيرٍ من بيانات وخطابات الحزب الإسلامي. ويطيب لي في هذا المقام أن أذكر قصة لرجلٍ من قادة الحزب الإسلامي، هذا الرجل رئيس الحزب الإسلامي في القائم، ويدعى الملا حبيب، هذا الملا خطب في أحد الأيام بالجامع الكبير في المدينة خطبة عصماء، تكلم فيها عن الدماء، ثم عرّجَ على أهل التوحيد والفداء، فكفرهم وخص المهاجرين _ المجاهدين الوافدين من خارج العراق _ بمزيد تكفير، ثم أباح الدماء، دماء أهل التوحيد والفداء. ثم مرت أيام.. فنصب المجاهدون في تلك المدينة كميناً ليلياً للأمريكان، فقدر الله مجيء الأعداء ووقع ما لم يكن في الحسبان. أتى الأمريكان بمدرعات لا تؤثر فيها أسلحة المجاهدين، فاشتبك جند الرحمن مع جند الشيطان، والّتف العدو على المجاهدين فقُتِلَ أحدهم، وانحاز المجاهدون. ثم داهم الأمريكان بعض بيوت المجاهدين بعد أن امتلأت سماء المدينة بضجيج الطائرات، واعتقلوا مجموعة من أهل الجهاد. وفي اليوم الثاني.. بحث الإخوة وفتشوا عند تلك البيوت المُدَاهَمَة، فوجدوا صخرة صغيرة اصطناعية بداخلها شريحة إلكترونية حددت الموقع تحديداً جيداً للأمريكان. فاشتبه المجاهدون في شابٍ مرَ في تلك الليلة _ ليلة الكمين _ من نفس المكان فاعتقلوه، وأغمضوا عينيه، وقالوا: نحن الحرس الوطني. قال الشاب مباشرة: أنا منكم، أنا أعمل مع الأمريكان. فقال له الإخوة: نحن مجاهدون من تنظيم القاعدة... فصدم الشاب. ثم بدأ التحقيق ومعه بدأت الاعترافات. اعترف الشاب أنه هو من ألقى الشريحة عند بيوت المجاهدين. واعترف أنه يعمل مع الأمريكان كعميل ضد المجاهدين، واعترف بأنه عضو في الحزب الإسلامي، وأن الذي أفتى له بالعمل مع الأمريكان هو ذاك الخطيب الملا حبيب. فأقيم عليه الحد، ولقي مصيره، وأخذ جزاءه ولله الحمد والمنة. وأما هيئة علماء المسلمين، فهم عبارة عن مجموعة من الخطباء والمؤذنين، وأدعياء للعلم الشرعي من علماء التصوف والإرجاء، فعقيدة القوم في أغلبها خليط بين الإرجاء والتصوف، وأما منهجهم وفكرهم فإخواني عقلاني، وأما المخالفات الشرعية لهذه الجماعة فهي كالتالي: _ يرون أن الديمقراطية هي الحل والسبيل للمخرج من هذا المأزق. _ تعطيل الجهاد بالكلية وصد الناس عنه صدوداً. _ يرون أن الروافض إخوانٌ لهم في الدين والوطن، ولا يرون كفر غلاتهم، وأن دماءهم وأموالهم حرام. _ يرون حق التعايش السلمي لكل المواطنين، فالنصراني والعلماني واليزيدي _ عابد الشيطان _ والرافضي كلهم إخوان الوطن فالدين لله والوطن للجميع. _ اعترافهم بجميع الحكومات العربية والإسلامية الطاغوتية، واعترافهم بالجامعة العربية وميثاقها، والأمم المتحدة وميثاقها. _ تأليب الناس على الجهاد وأهله وخاصة المهاجرين _ المجاهدين الوافدين من خارج العراق _. _ دعوة الناس وحثهم على الالتحاق بالحرس الوطني والشرطة. _ تجويز دخول العملية السياسية ما دام فيها مصلحة لأهل السنة _ بزعمهم _. _ تصريحهم الدائم في المنابر والصحف ووسائل الإعلام أن الاستشهاديين من أهل النار. _ تصريحهم المستمر أن الحرس الوثني والشرطة والعملاء مسلمون وإذا قتلوا فهم مظلومون. _ رفع شعارات بين الناس [ المجاهدون قتلة أبرياء _ مفسدون في الأرض _ هم سبب الدمار ]. _ إقرار كفر الروافض ومباركة طوافهم بالقبور واستغاثتهم بها، وذلك في كثيرٍ من بيانات وخطابات هيئة علماء المسلمين. وما يدعو للتأمل أن الرافضة المشركين يكثرون القتل في أمثال هؤلاء مع أنهم لا يكفرون الروافض، بل ينسبون إليهم أخوة الدين والوطن، ويصفون المجاهدين غير العراقيين بأنهم رأس الشر ومنتهى الفساد. فيا لله العجب.. كيف طمست البصائر، وانتكست الفطر، فهؤلاء الموحدون المجاهدون _ الذين يقاتلون لنصرة الإسلام، ورفع راية الله عز وجل، والدفاع عن المستضعفين _ هم القتلة المجرمون، والمرتدون المفسدون، ومن يختلق الخصومات، ويخترع المشكلات. وأما المخذولون الذين والوا النصارى والمرتدين، أولئك هم أهل الدين، والصادقين المخلصين. وأما الرافضة المشركون فهم الإخوة المقربون وإن قتلوا وعذبوا أهل السنة!!. فهذا واقع القوم الذي يصدق عليه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (سنوات خداعات). وحقيقة الأمر ما قاله شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: [ ومن صرح بالتوحيد كُفِرَ واستبيح دمه وماله في الحل والحرم ]. ومع كل ما سبق لم يتعرض المجاهدون في التنظيم لهذا الحزب ولا لتلك الهيئة، بل انشغلوا بقتال الأمريكان والمرتدين، وما رأينا من الإخوان المسلمين في العراق إلا العداء والبغض للموحدين من المجاهدين، والنصرة والموالاة للحكومة المرتدة والأمريكان، ومع أنهم يخفون تعاونهم مع الأمريكان في بعض الأحيان، إلا أن الله يفضحهم في أغلب الأوقات، قال الله تعالى: ( وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ )محمد :30، ولنا في تعاملهم مع الأمريكان أدلة وبراهين، وأما تعاونهم مع الحكومة المرتدة فظاهرٌ لكل ذي عينين بل هم أحد أركان تلك الحكومة المرتدة. جماعة الجيش الإسلامي في العراق: كانت علاقة هذه الجماعة بتنظيم القاعدة في بادئ ظهورها علاقةً طيبةً خاصة بعد معركة الفلوجة الأولى، وبعد سقوط المدينة في المعركة الثانية بقيت العلاقة كما هي، ومع مرور الأيام بدأت المفارقات العقدية تطفو على السطح بين هذه الجماعة ومثيلاتها والتنظيم وأمثاله. أما الأخطاء والزلات العقدية لهذه الجماعة ومثيلاتها فتتمثل في الأمور التالية: 1. اعتقادهم أن الرافضة طائفة إسلام، وأنهم بنو عمومتهم، ولا يرون قتالهم، ولا حمل السلاح عليهم، حتى لو قتلوا من أهل السنة وأثخنوا فيهم. ويرون أنّ في جيش المهدي الذي يقوده مقتدى الصدر رجالاً وطنيين يحبون الوطن، وبالتالي فالجيش الإسلامي يقدّر لهم هذه المواقف. 2. عدم وضوح عقيدة الولاء والبراء والمفاصلة الكاملة لأهل الشرك والكفران، ويتجلى ذلك واضحاً من اعترافهم الضمني بجامعة الدول العربية وبمواثيقها، وثنائهم على الوطنيين الشرفاء، وضبابية منهجهم في الحكام العرب. 3. حمايتهم لمراكز التصويت على الدستور الكفري. 4. إقرارهم مشروعية الانتخابات، وترك الخيار للشعب في أن يمارس حقه الانتخابي والتصويت على الدستور، والدعوة للتصويت بلا للدستور، ولا يخفى ما في هذه الدعوة من إعطاء الصبغة الشرعية للانتخابات ولواضعي الدساتير الكفرية. 5. تصريحهم بأنهم لا يستهدفون الكفار لكفرهم كالصحفيين، بل يحترمون المهني الذي يحترم مهنته، فهم لا يقتلون إلا العسكري بزعمهم، وهذا قول الخانعين من أبناء الإسلام في هذا الزمان، والله عز وجل أمر بقتال كل مشركٍ لشركه، وكل كافرٍ لكفره لا لحرابته لأهل الإسلام، قال الله تبارك وتعالى: ( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )التوبة5، فأمر الله بقتال الكافرين ليُعْبَدَ الله وحده، ويحكّم في الأرض شرعه وأمره. 6. تكريسهم لقطرية القضية، وتحدثهم الدائم عن العراق والعراقيين، والوطن والوطنيين، وكأن القوم أثرت عليهم حدود سايكس بيكو. 7. قبولهم بمبدأ المفاوضات على الطريقة الأمريكية المبنية على أنصاف الحلول وتقريب وجهات النظر، وموافقتهم على دخولها والمشاركة فيها. 8. القول بأنه ليس بينهم وبين أحد من العراقيين خصومة، وكأن العراق في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليس فيه علماني، أو رافضي، أو عميل، أو مرتد، أو عابد شيطان، إلى آخر تلك الفرق والأديان. 9. تصريحهم بأنهم لا يستهدفون إلا الأمريكان ولا يستهدفون غيرهم، وهذا من الخلل العقدي البين، فكيف لا يُقَاتَلُ الروافض المشركون، والأكراد العلمانيون، الذين صالوا على الدين والنفس والعرض والمال والأرض، كيف لا يقاتل من التحق بالحرس الوطني والشرطة، كيف لا يُقَاتَلُ _ عيون الأمريكان _ العملاء؟!!! وتوثيقاً لما سبق من بيان، أذكر مقتطفات نقلتها بالنص من مقابلة أجراها الصحفي ياسر أبو هلالة مراسل الجزيرة مع المتحدث الرسمي للجيش الإسلامي إبراهيم الشمري، والتي بثتها قناة الجزيرة في برنامج [لقاء اليوم]. قال الصحفي ياسر أبو هلالة مراسل الجزيرة: لكن كان هناك نوع من العمل السياسي، والتنسيق بينكم وبين .. أو أنتم والجماعات الأربعة، الجيش الإسلامي، وكتائب ثورة العشرين و... كان موقف أول شِيء بلا للدستور، وبعدها كان موقف غير رافض للانتخابات بشكل عملي، ألا يعتبر هذا النوع من المشاركة السياسية. قال الدكتور إبراهيم الشمري المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسلامي: لا.. رفض الدستور هذا شُخِّصَ لدينا أنه منكر من المنكرات العظيمة التي يجب دفعها بكل الوسائل، المقاومة لها وسائلها وهي استخدام السلاح، لكن الشعب عليه أن ينكر هذا المنكر بوسيلة الرفض، وهذا ما دعونا له، نحن منسجمون مع ثوابتنا في هذه المسألة ثوابتنا الشرعية، أما مسألة الانتخابات فهذا الموقف الوحيد الذي كان فيها أنه لا تضرب أماكن الانتخابات لأنها ستحدث ثورة، وسيذهب البريء والمجرم في وقت واحد، ونحن تعاملنا بواقعية تستطيع أن تقول مع هذه القضية، وتركنا للشعب بأن يمارس اختياراته، الكثير من أبناء العراق وخصوصاً أبناء السنة أوذوا أذية بالغة من هذه الحكومة الطائفية حكومة الجعفري، ولذلك كانوا يلومون أنه أنتم تقولون لا ندخل في العملية السياسية، فتركنا لهم أن يدخلوا، وقد كانت النتائج، زورت الانتخابات والكل يشهد بذلك، فهل هذه عملية سياسية ناضجة يدعى لها أبناء الشعب العراقي لكي يدخلها. أقول ومن الله استمد العون وأسأله التسديد: قوله [ لا.. رفض الدستور هذا شخص لدينا ] إلى قوله [ ثوابتنا الشرعية ]. أما الدستور فهو ليس منكر من المنكرات العظيمة فحسب بل هو الكفر بعينه، ولا ينبغي التلاعب بالألفاظ. وأما وسائل المقاومة ووسائل إنكار الشعوب، فليُعلم أن الجهاد فرض عين على كل مسلم، وليس الجهاد لأهل المقاومة، والتصويت لعامة الشعب، فوسائل المقاومة والشعب في رفض الدستور هو الكفر بالدستور وجهاد أهله، ومن قال غير هذا فقد كذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن تخلف عن الجهاد المتعين فهو من القاعدين وله نصيبه من النفاق. وأما دعوتهم الناس لولوج الانتخابات، فمعلومٌ تحريم هذه الانتخابات، وإن كانت دعوتهم الشعب لرفض الدستور وإنكار المنكر فلا ينكر المنكر بمنكر أعظم، ولكن ينكر بالوسائل التي شرعها الله تبارك وتعالى. وهم حين يدعون الناس لرفض الدستور عن طريق الانتخابات فهم يعطون الشرعية لواضعي الدستور وتلك الانتخابات. فلو وضع دستور يوافقهم فسيدعون الناس للتصويت بنعم، فميعوا القضية كمن سبقهم من الإخوان المسلمين. قوله [ أما مسألة الانتخابات ] إلى قوله [ وسيذهب البريء والمجرم في وقت واحد ]. أقول: إن الجيش الإسلامي ومن على شاكلته يدّعُون _ مراراً وتكراراً داخل العراق وخارجه وخاصة بلاد الحرمين _ وينشرون دعايات أن تنظيم القاعدة يسفك الدماء، ويأخذ البريء والمجرم في آن واحد، إلى آخر تلك الإشاعات. والله يشهد أن هذه الدعاوى من الكذب البين على أهل التوحيد، فهم يرومون من هذه الدعاوى قطع التمويل ، ولم يعلم أتباع سرور أن الله قال: ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )الذاريات : 58، ألم يسمع هؤلاء لقول الله تعالى للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: ( أغز نغزك، وأنفق فسينفق عليك، واستخرجهم من حيث أخرجوك )، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ( وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ). وأيضا فإنهم يرومون من هذه الإشاعات تشويه صورة الموحدين، وسحب البساط من تحتهم، وتغيير نظرة الناس عنهم، وتقليص رصيدهم الشعبي. وفصل الخطاب في هذه المسألة: تصريحات الشيخ أبي مصعب حفظه الله بعد الانتخابات حيث قال: [ وقد أحجمنا عن ضرب مراكز الانتخابات خوفاً من أن يقتل مسلم قد لبس عليه ] كلام الشيخ بتصرف. ويقصد الشيخ من هذه الكلمات أن أهل السنة حين شاركوا بالتصويت على الدستور، شاركوا بدعوة من الحزب الإسلامي، وبتلبيس من الجيش الإسلامي، وبعض الجماعات المنتسبة للمقاومة، فلبسوا على المسلمين دينهم، ولذا أحجم التنظيم عن استهداف مراكز الانتخابات. قوله [ ونحن تعاملنا بواقعية تستطيع تقول ] إلى قوله [ أوذوا أذية بالغة من هذه الحكومة الطائفية حكومة الجعفري ]. أقول وبجلاله أستعين: الجيش الإسلامي تعامل بواقعية مع هذه القضية حيث ترك للشعب الخيار أن يختار ما يريد، إما الموافقة على الدستور أو رفض الدستور، إما أن يختار الشعب الإسلام أو يختار الكفر، فللشعب ما يشاء. والشعب قد أوذي أذية بالغة، ولا يدفع هذه الأذية إلا صناديق الاقتراع، فالسنان لا يَدفعُ السنان إنما تدفعه صناديق الاقتراع. قوله [ ولذلك كانوا يلومون أنه أنتم تقولون لا ندخل في العملية السياسية ] إلى قوله [ فهل هذه عملية سياسية ناضجة يدعى لها الشعب العراقي لكي يدخلها ]. أقول: ترك الجيش الإسلامي للناس الخيار في أن يختاروا الكفر أو الإسلام، وسمح لهم بدخول العملية السياسية _ التي يعلم البعيد قبل القريب أن دخول العملية السياسية في العراق هو الكفر بعينه _ خوفاً من أن يلام، أما أهل التوحيد فلا يخافون إلا من ربهم وخالقهم فلا يتنازلون قيد أنملة عن معتقدات الإسلام ولو غضب أهل الأرض أجمعون فأفنوهم و قتلوهم، هذا هو الانتصار يوم تنتصر الروح على المادة، يوم تزهق النفس ثابتةً على الدين موقنة بالنصر والفوز العظيم، ولنا في أصحاب الأخدود أسوة وعبرة وآية. يقول العالم الأديب سيد قطب رحمه الله رحمة واسعة في [معالم في الطريق / نقلة بعيدة 602]: [ لن نتدسس إلى الناس بالإسلام تدسساً، ولن نربت على شهواتهم وتصوراتهم المنحرفة، سنكون معهم صرحاء غاية الصراحة، هذه الجاهلية التي فيها خبث، والله يريد أن يطيبكم]. وأما قوله [ فهل هذه عملية سياسية ناضجة يدعى له الشعب العراقي لكي يدخلها ] أقول: الجيش الإسلامي لا ينكر مبدأ الدخول في العملية السياسية، ولو علم الجيش أن أهل السنة سيحصلون على نتائج سليمة خالية من التزوير، ومقاعد كثيرة في البرلمان التشريعي لدعاهم إلى ذلك، إلا أن العملية في الوقت الحالي لم تنضج بعد، ولم تبلغ سن التكليف. وأهل التوحيد يحرمون دخول العملية السياسية لما فيها من نواقض للدين، فهي صنيعة الصليبيين وأذنابهم، فأي عملية سياسيةٍ ستكون على مقتضى شريعة الإسلام حذو القذة بالقذة، كذبوا وحادوا عن الحق وضلوا وأضلوا. قال الدكتور إبراهيم الشمري: الجيش الإسلامي له واجبه في استهداف الأمريكان، وليلة الانتخابات كانت هناك عمليات قوية على الجيش الأمريكي. أقول: ليس من واجب الجيش الإسلامي قتال المرتدين. قال الدكتور إبراهيم الشمري: أما الحوار مع أصحاب الشأن في الواقع العراقي وهم الأمريكان، نحن لا نرفض التفاوض من حيث أنه تفاوض ليخرج المحتل ... الخ. أقول وبالله أستعين: أما الموحدون فلا يرون للتفاوض طريق، ولا إليه سبيل، إنما هو خديعة إبليس على ضعاف النفوس. إن الإسلام لا يلتقي مع الجاهلية في منتصف الطريق، ولا يتفق معها على أنصاف الحلول، إن الإسلام لا يتبنى إلا المفاصلة الكاملة للجاهلية، وليعلم من انخدع بالمفاوضات أن الأمريكان لن يتركوا البلاد والعباد إلا بعد انسلاخهم من الدين وتحكيم الإنجيل. قال الصحفي ياسر أبو هلالة: حوار القاهرة ثمة من يرى فيه .. الذي رعته جامعة الدول العربية، ثمة من يرى فيه اعترافاً بالمقاومة، وفي المقابل من يرى فيه اعترافاً بالحكومة المؤقتة، كيف تنظرون إلى حوار القاهرة؟ قال الدكتور إبراهيم الشمري: إن الحوار الذي جرى في القاهرة نحن منذ البداية أعلنا موقفنا صريحاً منه، وصدر بيان على الإنترنت في ذلك، أن الحوار في القاهرة إذا كان يُطلب منه أن يجند هؤلاء المجرمين الذين جاؤوا بالاحتلال، ويضفي عليهم صفة الوطنية، فنحن نرفض هذا المؤتمر جملةً وتفصيلاً. وإذا كان يريد أن يصلح ذات الشأن بين المتخاصمين بالعراق، فنحن ليس معنا خصومة مع أي جهة عراقية، خصومتنا هي مع الاحتلال وأذنابه، فعلى المؤتمر... كان على المؤتمر أن يركز على المقاومة والاحتلال، لا أن يأتي بالوطنيين الشرفاء الذين يرفضون الاحتلال، ويجلسهم مع الخونة والعملاء، ولذلك رأينا فيه أنه ولد ميتاً. نحن لا نعترف بهذا بي ... هناك بعض النتائج الطيبة، نتيجة بعض الخيرين الذين حضروا المؤتمر مثل الدكتور حارث الضاري وغيره، والذين طلبوا مطالب شرعية نحن ندعمها، وهي خروج الاحتلال، وإطلاق سراح المعتقلين، ووقف المداهمات، لكن الذي حدث أن المؤتمر كان حبراً على ورق. أقول وبالله أستعين: قوله [ إن الحوار الذي جرى في القاهرة نحن منذ البداية أعلنا موقفنا صريحاً منه ] إلى قوله [ويضفي عليهم صفة الوطنية، فنحن نرفض هذا المؤتمر جملة وتفصيلاً ]. الجيش الإسلامي لم يرفض الحوار والمؤتمر الذي ترعاه جامعة الدول العربية الطاغوتية لأنها هي من ترعاه، ولكن لأن المؤتمر يعطي الشرعية للخونة والعملاء، ولو لم يعطي الشرعية لهؤلاء فلا بأس، وكأن الجامعة العربية لا ترعى إلا الإسلام، أَمَا كان الأحرى بالجيش أن يَكفُرَ بالجامعة ومؤتمراتها. وأما قوله [وإذا كان يريد أن يصلح ذات الشأن بين المتخاصمين بالعراق، فنحن ليس معنا خصومة مع أي جهة عراقية] إلى قوله [ لا أن يأتي بالوطنيين الشرفاء الذين يرفضون الاحتلال، ويجلسهم مع الخونة والعملاء، ولذلك رأينا فيه أنه ولد ميتاً ]. فالجيش ليس معه خصومة مع أحد من العراقيين حتى الروافض المشركين، والأكراد العلمانيين، وعبدة الشيطان اليزيديين، وأفراد الحرس الوطني والشرطة والعملاء. قوله [ لا أن يأتي بالوطنيين الشرفاء الذين يرفضون الاحتلال، ويجلسهم مع الخونة والعملاء، ولذلك رأينا فيه أنه ولد ميتاً ]. إن الجيش الإسلامي يؤصل للوطنية والمواطنة، فأي مواطن عراقي يرفض الاحتلال فهو شريف، حتى لو كان بعثياً أو علمانياً أو رافضياً أو يزيدياً. قال الصحفي ياسر أبو هلالة: كيف تنظر إلى موضوع السيارات المفخخة؟ قال الدكتور إبراهيم الشمري: هناك معلومات أن الكثير من هذه السيارات المفخخة يصنعها الأمريكان، ودوائر المخابرات المرتبطة بها، أو العصابات الدولية المرتبطة بها. نحن ليس من أهدافنا قتل المدنيين الأبرياء، لكن هم يعمدون منذ زمن طويل على تشويه سمعة المقاومة لكي يبتعد عنها الشعب العراقي، لكن الشعب العراقي _ والحمد لله _ شعب ذكي، ويعرف أن هذه الأفعال أن ما وراءها قوات الاحتلال. أقول ومن الله أستمد العون: الجيش الإسلامي يبث دعاوى كاذبة، سواء في العراق أو خارجه _ وخاصة في جزيرة العرب _ أن تنظيم القاعدة هو من يصنع تلك السيارات المفخخة، وأنه يقتل بتلك السيارات البريء والمجرم في آن واحد. وما سبق من كلام لمتحدثهم الرسمي يكذب افتراءاتهم ودعاويهم في داخل العراق وخارجه، وأن هذه السيارات من تدبير الأمريكان وأعوانهم. ونحن نقول: أن تلك السيارات المفخخة إنما هي من صنع أهل التوحيد والجهاد، وأنهم يعملون قدر المستطاع على الابتعاد من أماكن تواجد المسلمين، وأنهم لا يستهدفون إلا الصليبيين وأهل الردة، وقد أصدروا بيانات تدعو المسلمين إلى الابتعاد عن مواقع الأمريكان وأذنابهم وأماكن تواجدهم. قال ياسر أبو هلالة: بالنسبة لعمليات الخطف وخصوصاً خطف الصحفيين، الجيش خطف عدداً من الصحفيين. كيف تدافع عن هذه العمليات؟ قال الدكتور إبراهيم الشمري: المهنيون ومن كل أصنافهم، الصحفيون أو الأطباء أو غيرهم، كلهم ليسوا هدفاً لعملياتنا ما التزموا بمهنتهم بمهنيتهم، ولكن الذي يحدث أن الأجهزة الأمنية للجيش الإسلامي لديها واجب شرعي، وهو رصد كل الغرباء الموجودين للحفاظ على أمن الشعب العراقي سواء الفكري أو العسكري أو الاقتصادي، ولذا فهي تلاحقهم باستمرار، أو ترصدهم على الأقل، وأحيانا يسقط صحفي أو غيره بأيديهم ولكن ما الذي يحدث بعد ذلك... يُحقق مع هذا الشخص من قبل الأجهزة الأمنية، ثم يرفع ملفه إلى المحكمة الهيئة الشرعية فتجري تحقيق آخر معه بناءً على المعلومات التي تعطيها لهم هذه الأجهزة الأمنية، وبعد ذلك تُصدر حكمها، ويُرفع إلى مكتب القيادة العامة للمصادقة، فإذا كان بريء سيطلق سراحه، وإذا كان متلبس بموقف معين مع الاحتلال سيتم التعامل معه على وفق مصالح الجهاد في العراق، فإذاً الصحفيون ليسوا هدفاً. قال ياسر أبو هلالة: لكن قُتِلَ صحفي. إبراهيم الشمري: هذا جاسوس، تبين منذ أول ساعات أنه جاسوس، والأدلة علية كثيرة، ولذلك .. لكن الصحفيين إلى آخرهم .. الفرنسيين أنت تعلم أنهم لم يقتلا. أقول وبالله أستعين: يتضح من كلام الدكتور أن الجيش الإسلامي لا يرى قتل الكفار لكفرهم ولكن لحرابتهم، فإذا دخل العراق صحفي أمريكي أو يهودي، والتزم بمهنته فلا ضير عليه ولا أذى. وحكم الإسلام في أمثال أولئك الصحفيين بيّنٌ واضحٌ، فقد قرر الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد مراحل تشريع الجهاد حتى انتهى الأمر من الله تبارك وتعالى بقتل كل مشركٍ ما لم يدخل في الإسلام، ويمتثل شعائر الدين، وأما أهل الكتاب فإما أن يعتنقوا الإسلام، أو يدفعوا الجزية، أو يقاتلهم أهل الإسلام، هذا في جهاد الطلب فكيف ونحن في جهاد دفع. وأما التفريق بين العسكري والمدني فَمُحدَثٌ في هذا الزمان وليس لمن أحدثه سلف، وما دُمْنَا في حرب مستمرةٍ مع الصليبيين كالأمريكان والبريطانيين فمدنييهم وعسكرييهم محاربون على حدٍ سواء. قال ياسر أبو هلالة: لكن في النهاية كيف يمكن أن تكون هناك مقاومة في العراق غير طائفية؟ بمعنى مقاومة خارج إطار السنة يشارك فيها الشيعة. قال الدكتور إبراهيم الشمري: نحن لا نرفض أن يشارك الشيعة أو الأكراد في المقاومة البلد بلد الجميع فليقاتل كل من جانبه في ... يعطي الاستحقاق الوطني فيما يخصه، نحن لا نرفض أن تكون هناك مقاومة شيعية بالعكس. لكن الذي يحدث أن كل الأجهزة أو المليشيات المسلحة تستهدف أهل السنة الذين خرجت منهم المقاومة، نحن لا نؤمن بالطائفية السياسية، هناك خلاف كبير بين أهل السنة والشيعة لا شك، لكن هذا محصور في الجانب الدعوي ... في الجانب الدعوي، والحوار بالتي هي أحسن، والمجادلة الحسنة، فنحن ندعوهم إلى ما نعتقد أنه صحيح، لا نستخدم ضدهم السلاح، لكن الطرف المقابل هو الذي يوغل في قتلنا وإيذائنا، والاعتداء على رموزنا، ونحن ندعو أبناء عمومتنا من الشيعة العرب أن يكون لهم موقف واضحٌ من هؤلاء، هؤلاء يجازفون بمصيرهم فعليهم أن ينتبهوا لهذه الحال. أقول وبالله أستعين: أما قوله [ البلد بلد الجميع ] فالبلد بلد الله والأرض لله ( إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) سواءً كانوا أكراداً أو عرباً أو أتراكاً أو أوربيين، أما الكردي العلماني، والرافضي المشرك، والسني العميل، فليس لهم بلد ولا أرض، وليس لهم حقٌ في العيش على وجه الأرض، بل جزائهم القتل والتشريد. وأما قوله [ يعطي الاستحقاق الوطني ] إن القوم يؤصلون للوطنية، ويرحبون بالوطنيين، فالبلد بلد الجميع، وكل يأخذ حقه في ظل الوطن، فضابط الموالاة والمعاداة هي الوطنية، وهذا خلل بين في العقيدة. وأما قوله [ نحن لا نؤمن بالطائفة السياسية ] فالجيش الإسلامي لا يؤمن بالطائفية السياسية، فالوطن وطن الجميع، والكل في ظله إخوة، فجعلوا الأخوة مرتبطة بالوطن، وأصبح الولاء والبراء وطنياً قطرياً عراقياً، وليس كما قال الله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ )المائدة : 55، وقوله تبارك وتعالى: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )التوبة : 71. قوله [ هناك خلاف كبير بين أهل السنة والشيعة لاشك ] إلى قوله [ فنحن ندعوهم إلى ما نعتقد أنه صحيح، لا نستخدم ضدهم السلاح، لكن الطرف المقابل هو الذي يوغل في إيذائنا، والاعتداء على رموزنا ]. أقول وبالله أستعين: الجيش الإسلامي ليس بينه وبين الشيعة خلاف إلا في الجانب الدعوي والحوار بالتي هي أحسن والمجادلة الحسنة. إن الروافض بالعراق الذين يسميهم البعض شيعة هم طائفة الإثنى عشرية الجعفرية، فنحن نختلف مع هذه الطائفة اختلافاً جذرياً في أصول الدين، وقد بينّـا بعضاً من عقيدة هؤلاء الروافض في الملاحظة السادسة فلتراجع. وأما حكم هؤلاء الروافض فكما حكم عليهم أئمة الدين الأولون، فإن كانوا في دولة الإسلام مستضعفين فيستتاب الرافضي فإن تاب وإلا قتل، وأما إن كانوا أصحاب قوة وشوكة فيقاتلون قتال الطوائف الممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام، وقد أخرج بعض أئمة السلف الروافض من فرق الإسلام الثلاث والسبعين وعدوا مذهبهم ديناً جديداً يضاهي الدين الإسلامي. إن الجيش الإسلامي يؤصل لثقافة الذل وفقه الخنوع، فإذا قَتَلَ الروافض رموز أهل السنة، وأثخنوا في عامتهم، واغتصبوا حرائرهم، وحرقوا مساجدهم، فالجيش الإسلامي سيقابل السيئة بالحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، ولن يرفع السلاح صوب إخوانه الروافض إخوان الوطن والتربة.!! ألم يأمر الإسلام بدفع الصائل الذي يفسد الدين والدنيا ولو كان مسلماً فكيف بالمشرك؟!! قوله [ ندعو أبناء عمومتنا الشيعة العرب ] إلى قوله [ فعليهم أن ينتبهوا لهذه الحال ]. أقول وبالله أستعين: إن الناظر في سيرة النبي -صلى الله عليه و سلم- بتمعن وتدبر، ليعلم علم اليقين أن الإسلام فرّق بين الأب وابنه، والأخ وأخيه، فالوحي تنزل بمكة ثلاثة عشر عاماً يقرر التوحيد، والمفاصلة الكاملة بين أهل التوحيد وأهل الكفر والتنديد، والولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والعداء للمشركين ولو كانوا من أقرب المقربين. فقاتل النبي -صلى الله عليه و سلم- في بدرٍ وأحدٍ أبناء عمومته من كفار قريش، فقتل أبو عبيدة أباه، وقتل علي الوليد بن عتبة، وقتل حمزة شيبة، فأنزل الله فيهم قوله تعالى: ( لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )المجادلة22. قال الشيخ أبو مصعب حفظه الله: [ المسلم الأمريكي أخونا الحبيب، والعربي الكافر عدونا البغيض ]. واعلم رحمك الله أني منذ أن وطئت قدمي أرض العراق لم أر من تنظيم القاعدة عداوة لجماعة من الجماعات الجهادية وخاصة الجيش الإسلامي، وما علمت من الشيخ أبي مصعب إلا أنه يوصي الإخوة المجاهدين بالصلة الحسنة لكثير من الجماعات الجهادية، فمرةً يوصي المجاهدين بالإحسان لجماعة عصائب العراق، وأخرى يوصيهم بحسن التعامل والجوار مع أنصار السنة، بل كما نعلم من أحواله حفظه الله أنه يسعى جاهداً لتوحيد كلمة المسلمين، وجمع صف المجاهدين، وقد أثمرت هذه الجهود، حيث شكلت مجموعة من التنظيمات الجهادية ومنها تنظيم القاعدة مجلس شورى المجاهدين والذي يرأسه أخونا الشيخ عبد الله رشيد البغدادي. وقبل أن أختم هذه الملاحظة فقد قام الجيش الإسلامي بحملة إعلامية كبيرة داخل العراق وخارجه ليشوه صورة التنظيم، وساعده في ذلك كثير ممن هم على فكره ومنهجه في الداخل والخارج من جماعات ورجال دعوة ومواقع على شبكة الإنترنت، ولم يكتفِ بهذا فأرسل المندوبين إلى جزيرة العرب ليحذروا العباد من تنظيم القاعدة والشيخ أبي مصعب، وما هذه الملاحظات الثمان التي أوردها فضيلتكم إلا نتيجة من نتائج تلك الإشاعات والادعاءات.. وعند الله تجتمع الخصوم. الملاحظة الثامنة: عدم وجود نظرة مستقبلية لما بعد الحرب سواء في الجانب السياسي أو الجانب المدني. أقول وبالله أستعين: أما الموحدون فنظرتهم السياسية هي إقامة دولة الإسلام والخلافة الراشدة التي وعد الله بها عباده المتقين، وأما نظرتهم المدنية فهي قول الحبيب المصطفى -صلى الله عليه و سلم- : (وجعل رزقي تحت ظل رمحي). إن للمجاهدين في قاعدة الجهاد استراتيجيات وبرامج عمل، وإن أردتم الاطلاع على نظرتهم المستقبلية فانفروا إلى ساحات الجهاد لتتبصروا بها، ولا تحرموهم من توجيهاتكم وجهادكم. ثم ما هو دليلكم على هذه الملاحظة؟ وعلى ماذا استندتم؟ ولماذا هذا الظلم والتجني؟ ألم تسمعوا إلى قول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، ولماذا التكلف في ذكر الملاحظات ولم تغبروا أقدامكم يوماً في سبيل الله؟ ولم التكلف وأنتم بعيدون كل البعد عن ساحة المعركة وما يجري فيها من أحداث. ألم تعلموا أن مجاهدي بلاد الرافدين في جهاد يدفعون به عدواً هو أشد عداء وأعظم مكراً بالإسلام، يدفعون عدواً لو تمكن من أرض الرافدين واستباحها فسيأتي الدور عليكم، وسيستبيح أرضكم كما استباح أرض الرافدين، فلا تظنوا أنكم بمنأى عن خطر هذا العدو. ألم تعلموا أن أمم الكفر قد اجتمعت لاستئصالهم وإبادة خضرائهم فما هو واجبكم؟ نصرتهم بالنفس والنفيس، أم البحث عن أخطائهم والتنقيب عنها. إن هذه الملاحظة في حقيقتها لهي من باب [خلق عداوات وخصومات] فابحثوا بالمجهر علّكم تقعون على خطأ من أخطاء المجاهدين، ونحن بدورنا لا ننكر وجود أخطاء في المجاهدين، فأي عملٍ بشري _ وخاصة الحركي منه _ له أخطاء، وكما قال الإمام ابن القيم رحمه الله: [ والنقص من أصل الطبيعة كامنٌ فبنو الطبيعة نقصهم لا يُجْحَدُ وكيف يُعصَمُ من الخطأ من خلق جهولاً؟ ولكن من عدت غلطاته أقرب للصواب ممن عدت إصاباته. وعلى المتكلم في هذا الباب وغيره: أن يكون مصدر كلامه عن العلم بالحق، وغايته: النصيحة لله، ولكتابه ولرسوله، ولإخوانه المسلمين. وإن جعل الحق تبعاً للهوى: فسد القلب والعمل والحال والطريق. قال الله تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ) المؤمنون71 ، وقال النبي -صلى الله عليه و سلم- : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)، فالعلم والعدل: أصل كل خير، والظلم والجهل: أصل كل شر. والله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق. وأمره أن يعدل بين الطوائف. ولا يتبع هوى أحد منهم، فقال تعالى: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)الشورى:15]. اهـ وبعد: فإن المؤمن المتجرد للدين، المتخلص من شبهات أئمة الضلال وأحبار السلطان، المتبع للنصوص الشرعية المحكمة، الناظر من خلالها لواقع الأمة الإسلامية، ليرى رأي العين أن بلاد المسلمين إما بلاداً محتلة احتلالاً عسكرياً صليبياً صهيونياً مباشراً كفلسطين وجزيرة العرب والعراق وأفغانستان والشيشان، أو بلاداً يحكمها حاكم مرتد لا يخرج في مجمل أحواله عن كونه تبعاً للتحالف الصليبي الصهيوني. إن واجب الأمة الإسلامية تجاه هذا الواقع الأليم هو تجييش المسلمين للنفير في سبيل الله، فالجهاد في بلاد المسلمين المحتلة من التحالف الصليبي الصهيوني فرض عين على كل مسلم إلا من عذر الله من أهل الأعذار. قال الشيخ عبد القادر عبد العزيز فك الله أسره: [من المعلوم أن الجهاد يكون فرض عين على كل مسلم في مواضع مبينة في كتب الفقه، وهي كما ذكرها ابن قدامة الحنبلي في كتابِهِ المُغني قال: [ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع: أحدها: إذا التقى الزحفان وتقابل الصَّفان حَرُمَ على من حضر الانصراف وتعين عليه المقام، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وقولـه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ}. الثاني: إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم. الثالث: إذا استنفر الإمامُ قوماً لزمهم النفير معه، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ}الآية والتي بعدها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «وإذا استنفرتم فانفروا»]. ويتضح من هذا أن الجهاد يكاد أن يكون فرض عين على جميع المسلمين الآن، خاصة الموضع الثاني (إذا نزل الكفار ببلد) فمعظم بلدان المسلمين الآن يحكمها ويتسلط عليها الكفار، إما مستعمر أجنبي كافر وإما حكومة محلية كافرة. وإذا تعين الجهاد فإن تركه يكون من الكبائر للوعيد الوارد فيه، بل من السبع الموبقات بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم].[19] اهـ وأما البلاد التي يحكمها حاكم مرتد فواجب بالإجماع على أهل تلك الديار الخروج على الحاكم الكافر وخلعه، فإذا كان الحاكم المرتد بدون منعة وجب خلعه على الفور ويعرض على القاضي فإن تاب وإلا قتل، وإن تاب فلا يرجع لولايته. قال الشيخ عبد القادر عبد العزيز فك الله أسره: [ فهذا الحاكم المرتد إن لم تكن له منعة وجب خلعه على الفور ويُعْرض على القاضي فإن تاب وإلا قتل وإن تاب لم يرجع إلى ولايته كما هي سنة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقال رسول الله صـلى الله علـيه وسلم: »فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ«. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [ولا استعمل عمر قط، بل ولا أبو بكر على المسلمين: منافقا، ولا استعملا من أقاربهما، ولا كان تأخذهما في الله لومة لائم، بل لما قاتلا أهل الردة وأعادوهم إلى الإسلام منعوهم ركوب الخيل وحمل السلاح حتى تظهر صحة توبتهم، وكان عمر يقول لسعد بن أبي وقاص وهو أمير العراق: لا تستعمل أحدا منهم، ولا تشاورهم في الحرب. فإنهم كانوا أمراء أكابر مثل طليحة الأسدي، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، والأشعث بن قيس الكِنْدي وأمثالهم فهؤلاء لما تخوف أبو بكر وعمر منهم نوع نفاق لم يولوهم على المسلمين].[20] اهـ وأما إن كان الحاكم المرتد ممتنعا بطائفة ذات شوكة تقاتل دونه فوجب قتالهم والخروج عليهم، قال الشيخ عبد القادر عبد العزيز فك الله أسره: [ وإن كان الحاكم المرتد ممتنعا بطائفة تقاتل دونه، وجب قتالهم، وكل من قاتل دونه فهو كافر مثله، لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، و{وَمَنْ} في الآية اسم شرط فهي صيغة عموم تعم كل من تولى الكافر ونَصَرَه بالقول أو بالفعل. وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وغيره في نواقض الإسلام: [مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}] فيقاتل كل هؤلاء قتال المرتدين وإن كانوا ينطقون بالشهادتين ويظهرون بعض شرائع الإسلام لإتيانهم بما ينقض أصل الإسلام. وقال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ}، فكل من نصر الكافر بالقول أو بالفعل لنُصْرَة كُفْرِه فهو كافر مثله، وهذا هو حكم الظاهر في الدنيا كممتنع عن أهل الإيمان والجهاد، وقد يكون مسلما في الباطن لوجود مانع من التكفير في حقه أو شبهة ونحوه، إلا أن هذا لا يمنع من الحكم بكفره لقيام المقتضى في حقه، وهكذا جرت السنة في الحكم على الممتنعين، وقد بسطت القول في هذه المسألة في رسالة أخرى. وهذا من العلم الذي ينبغي أن يشاع في الناس ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيى عن بينة. أما دليل وجوب الخروج على الحاكم إذا كَفَر، فهو حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: »دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في مَنْشَطِنا ومَكْرَهِنا وعُسْرِنا ويُسْرِنا وأَثَرَةٍ علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان«. قال النووي: [قال القاضي عياض أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل _ إلى قوله _ فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه، فإن تحققوا العجز لم يجب القيام، وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها ويفر بدينه]. قلت: وهذا الإجماع الذي ذكره القاضي عياض نقله ابن حجر عن ابن بطال، وعن ابن التين عن الداودي، وعن ابن التين، وقرره ابن حجر نفسه ].[21] اهـ وإذا عجز المسلمون عن الجهاد وجب عليهم الإعداد له والاستعداد، قال الشيخ عبد القادر عبد العزيز فك الله أسره: [ وإذا عجز المسلمون عن ذلك وجب الاستعداد، قال ابن تيمية: [كما يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب]. وقال تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}الآية، وقال صلى الله عليه وسلم : »ألا إن القوة الرمي«ثلاثا. قلت: مما سبق تعلم أن واجب المسلمين تجاه هؤلاء الطواغيت مقرر بالنص الشرعي الذي لا يجوز لمسلم أن يخرج عليه، وهو » وألا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان«. وقد انعقد الإجماع على وجوب الخروج عليهم كما ذكرته آنفا. ولذلك فلا يجوز الاجتهاد في كيفية مواجهة الطواغيت مع وجود النص والإجماع، وأن من اجتهد مع وجود النص والإجماع في هذا المَوْرِد فقد ضل ضلالاً مبينا، كمن يسعى لتطبيق حكم الإسلام عن طريق )البرلمانات( الشركية ونحو ذلك. ومن قال إن العجز يمنعه من الخروج عليهم فنقول له إن الواجب عند العجز هو الإعداد لا مشاركتهم في برلماناتهم الشركية، فإن تحقق العجز وجبت الهجرة، فإن عجز عن الهجرة بقي مستضعفا يبتهل إلى الله تعالى كالمستضعفين المؤمنين {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا}، أما أن يشاركهم في برلماناتهم التشريعية فهذا لا يفعله مسلم، لأن هذه المشاركة معناها الرضا بالديمقراطية التي تجعل السيادة للشعب بمعنى أن رأي أغلبية نواب الشعب هو الشرع المُلْزِم للأمة، وهذا هو الكفر المذكور في قوله تعالى: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، فأعضاء هذه البرلمانات هم الأرباب في الآية السابقة وهذا هو عين الكفر، ومن كان جاهلا بهذا يجب تعريفه، قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}. فمن جلس معهم وشهد كفرهم فهو مثلهم في الكفر].[22] اهـ قلت: والمتخلف عن الواجب الشرعي من جهادٍ واستعداد مع الاستطاعة على ذلك والقدرة عليه فالإثم لاحق به، فالوجوب وجوبٌ عينيٌ على كل مسلم مستطيع، وليعلم المتخلف أن سنة الله في الاستبدال ماضية لا محالة قال تعالى: ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )محمد : 38، قال الإمام سيد قطب رحمه الله تعالى: [ثم الكلمة الأخيرة وهي فصل الخطاب إن اختيار الله لكم لحمل دعوته تكريم ومنٌ وعطاء فإذا لم تحاولوا أن تكونوا أهلاً لهذا الفضل وإذا لم تنهضوا بتكاليف هذه المكانة وإذا لم تدركوا قيمة ما أعطيتم فيهون عليكم كل ما عداه فإن الله يسترد ما وهب ويختار غيركم لهذه المنّة ممن يقدر فضل الله (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) وإنها لنذارة رهيبة لمن ذاق حلاوة الإيمان وأحس بكرامته على الله وبمقامه في هذا الكون وهو يحمل هذا السر الإلهي العظيم ويمشي في الأرض بسلطان الله في قلبه، ونور الله في كيانه، ويذهب ويجيء وعليه شارة مولاه وما يطيق الحياة وما يطعمها إنسان عرف حقيقة الإيمان وعاش بها ثم تسلب منه ويطرد من الكنف وتوصد دونه الأبواب لا بل إن الحياة لتغدو جحيما لا يطاق عند من يتصل بربه ثم يطبق دونه الحجاب إن الإيمان هبة ضخمة لا يعدلها في هذا الوجود شيء، والحياة رخيصة رخيصة والمال زهيد زهيد حين يوضع الإيمان في كفة ويوضع في الكفة الأخرى كل ما عداه ومن ثم كان هذا الإنذار أهول ما يواجهه المؤمن وهو يتلقاه من الله].[23] اهـ وقال الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) المائدة54. ففي هذه الآية توعد الله المؤمنين إن هم تخلفوا عن إقامة الجهاد ومفاصلة اليهود والنصارى وتركوا اتباع هديه، توعدهم بالاستبدال وذلك هو الخسران المبين، وتوعدهم بأن يستخلف عباداً من غيرهم خيراً منهم، لهم صفات من أجلها حب الله لهم وحبهم لله تبارك وتعالى، وما أجلها من صفات وما أرفعها من مكانة ومنزلة، فمن ذا الذي لا يرجو حب ربه له وحبه لربه مولاه وخالقه. ثم ذكر تبارك وتعالى باقي صفات خلفائه في أرضه، فذكر ذلتهم على المؤمنين، وعزتهم على الكافرين، وقيامهم بأمره وجهادهم لأعدائه ومراغمتهم لهم، وهم في قيامهم بأمر ربهم لا يخشون أحداً من العالمين ولا يخافون في الله لومة لائم ولو غضب أهل الأرض قاطبة، فهم وإن كانوا قلة فهم بربهم كثرة، وإن كانوا ضعفاء فبالله أقوياء، وإن كانوا أذله فبالله أعزة. ومن الآية الكريمة يتضح فضل تلك الثلة التي اصطفاها الله لنفسه، واستخدمها لرفع رايته، فلما عَلِمَ منهم الصدق وفقهم وسددهم وهداهم، قال الإمام سيد قطب رحمه الله تعالى: [إن اختيار الله للعصبة المؤمنة لتكون أداة القدر الإلهي في إقرار دين الله في الأرض وتمكين سلطانه في حياة البشر وتحكيم منهجه في أوضاعهم وأنظمتهم وتنفيذ شريعته في أقضيتهم وأحوالهم وتحقيق الصلاح والخير والطهارة والنماء في الأرض بذلك المنهج وبهذه الشريعة إن هذا الاختيار للنهوض بهذا الأمر هو مجرد فضل الله ومنته فمن شاء أن يرفض هذا الفضل وأن يحرم نفسه هذه المنة فهو وذاك والله غنى عنه وعن العالمين والله يختار من عباده من يعلم أنه أهل لذلك الفضل العظيم].[24] اهـ وقال الله تعالى: (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً )النساء95، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: [قال تعالى (وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) أخبر سبحانه بما فضلهم به من الدرجات في غرف الجنان العاليات ومغفرة الذنوب والزلات وأحوال الرحمة والبركات إحسانا منه وتكريما ولهذا قال (دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً) قد ثبت في الصحيحين ' م 1884 ' عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض)، وقال الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رمى بسهم فله أجره درجة فقال رجل: يا رسول الله وما الدرجة فقال: أما إنها ليست بعتبة أمك ما بين الدرجتين مائة عام)]. اهـ ومعلوم أن هذا التفضيل في جهاد الطلب فكيف إذا كان الجهاد فرض عين على المسلم فالتفضيل فيه آكد، وقال شيخ الإسلام في مجموعة الفتاوى: [ _ اعلموا _ أصلحكم الله أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيراً أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد الله فيه الدين ويحيي فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين المجاهدين حتى يكون شبيهاً بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً وذلك الفوز العظيم، فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله وهذه الفتنة التي باطنها نعمة جسيمة حتى والله لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم حاضرين في هذا الزمان لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين، ولا يفوت مثل هذه الغزاة إلا من خسرت تجارته وسفه نفسه وحرم حظاً عظيماً من الدنيا والآخرة إلا أن يكون ممن عذر الله تعالى كالمريض والفقير والأعمى وغيرهم]. اهـ وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: [أول نقدة من أثمان المحبة: بذل الروح فما للمفلس الجبان البخيل وسومها؟ بدم المحب يباع وصلهم فمن الذي يبتاع بالثمن؟ تالله ما هزلت فيستامها المفلسون، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون. لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد، فلم يرض لها بثمن دون بذل النفوس. فتأخر البطالون. وقام المحبون ينظرون: أيهم يصلح أن يكون ثمناً؟ فدارت السلعة بينهم. ووقعت في يد ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ). لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى. فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخـَليُُّ حُرْقَةَ الشَّجِيِّ. فتنوع المدعون في الشهود. فقيل: لا تقبل هذه الدعوى إلا ببينة ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ). فتأخر الخلق كلهم، وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه. فطولبوا بعدالة البينة بتزكية ( يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ). فتأخر أكثر المحبين وقام المجاهدون، فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم فهلموا إلى بيعة ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ). فلما عرفوا عظمة المشتري، وفضل الثمن، وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع: عرفوا قدر السلعة، وأن لها شأناً. فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها لغيره بثمن بخس. فعقدوا معه بيعة الرضوان بالتراضي، من غير ثبوت خيار. وقالوا: ( والله لا نقيلك ولا نستقيلك ). فلما تم العقد وسلموا المبيع، قيل لهم: مذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رددناها عليكم أوفر ما كانت، وأضعافها معها ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ). إذا غرست شجرة المحبة في القلب، وسقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب أثمرت أنواع الثمار. وآتت أكلها كل حين بإذن ربها. أصلها ثابت في قرار القلب. وفرعها متصل بسدرة المنتهى. لا يزال سعي المحب صاعداً إلى حبيبه لا يحجبه دونه شيء (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)].[25] اهـ وقال رحمه الله: [ لما كان الجهاد ذروة سنام الإسلام وقبته، ومنازل أهله أعلى المنازل في الجنة، كما لهم الرفعة في الدنيا، فهم الأعلون في الدنيا والآخرة، كان رسول الله -صلى الله عليه و سلم- في الذروة العليا منه، واستولى على أنواعه كلها فجاهد في الله حق جهاده بالقلب، والجنان، والدعوة، والبيان، والسيف، والسنان، وكانت ساعاته موقوفة على الجهاد، بقلبه، ولسانه، ويده، ولهذا كان أرفع العالمين ذكراً، وأعظمهم عند الله قدراً ].[26]اهـ وفي المقابل ذم الله في ثنايا سورة التوبة أهل التخلف والقعود ووبخهم أشد توبيخ، بل جعل الله تبارك وتعالى التخلف عن الغزو العيني علامة من علامات النفاق، قال الله تعالى: (وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ{86}رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ{87})، قال الإمام العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره لهاتين الآيتين: [ يقول تعالى في بيان استمرار المنافقين على التثاقل عن الطاعات, وأنها لا تؤثر فيهم السور والآيات. " وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ " يؤمرون فيها بالإيمان باللّه, والجهاد في سبيل اللّه. " اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ " يعني: أولي الغنى والأموال, الذين لا عذر لهم. وقد أمدهم اللّه بأموال وبنين, أفلا يشكرون اللّه ويحمدونه, ويقومون بما أوجبه عليهم, وسهل عليهم أمره. ولكن أبوا إلا التكاسل, والاستئذان في القعود " وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ". " رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ "قال تعالى " رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ " كيف: رضوا لأنفسهم, أن يكونوا مع النساء المتخلفات عن الجهاد. هل معهم فقه أو عقل, دلهم على ذلك؟. أم " طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ " فلا تعي الخير, ولا يكون فيها إرادة لفعل ما فيه الخير والفلاح؟. فهم لا يفقهون مصالحهم. فلو فقهوا حقيقة الفقه, لم يرضوا لأنفسهم بهذه الحال, التي تحطهم عن منازل الرجال ].[27] اهـ ثم وصف الله عز وجل الرسول -صلى الله عليه و سلم- ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بعد هاتين الآيتين بخير الصفات، وبشرهم بأعظم البشارات التي تنشرح لسماعها صدور المؤمنين، وتَصَّعَّدُ في السماء ضيقاً بها نفوس المنافقين، فقال: ( لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{88} أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{89})، قال الإمام العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى: [ يقول تعالى: إذا تخلف هؤلاء المنافقون عن الجهاد, فاللّه سيغني عنهم. وللّه عباد وخواص من خلقه, اختصهم بفضله, يقومون بهذا الأمر. وهم " الرَّسُولُ " محمد صلى الله عليه وسلم, " وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ " غير متثاقلين ولا كسلين, بل هم فرحون مستبشرون. " وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ " الكثيرة في الدنيا والآخرة. " وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " الذين ظفروا بأعلى المطالب, وأكمل الرغائب. " أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ". فتباً لمن لم يرغب بما رغبوا فيه, وخسر دينه, ودنياه, وأخراه. وهذا نظير قوله تعالى " قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ".. وقوله " فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ].[28] اهـ شيخنا الفاضل: هذا واقع الأمة الإسلامية وما وصلت إليه من ذل وهوان، وهذا الحكم الشرعي الذي دلت عليه النصوص الشرعية المحكمة من الكتاب والسنة وإجماع الأئمة، فَلِمَ التَخَلُفُ عن الجهاد، وإن كان الجهاد غير مستطاع فلم التخلف عن الإعداد للجهاد. فليحاسب كل امرئ نفسه، وليزنها بميزان الشرع، وليعلم المسلم أن جهاده إنما هو لنفسه، قال الله تعالى: ( وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )، والجهاد ماضٍ إلى قيام الساعة. عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرّهم من خالفهم حتى تأتي الساعة وهم على ذلك). [رواه مسلم]. وعن عقبة بن الحصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال )[رواه أحمد]. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم تعال صلِ لنا. فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ). [رواه مسلم]. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصبة من المسلمين حتى تقوم الساعة ). [رواه مسلم]. وعن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: يا رسول الله أذال الناس الخيل ووضعوا السلاح وقالوا لا جهاد قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه وقال: ( كذبوا الآن الآن جاء القتال ولا يزال من أمتي أمة تقاتل على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة وحتى يأتي وعد الله والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وهو يوحي إلي أني مقبوض غير ملبث وأنتم تتبعوني أفناداً يضرب بعضكم رقاب بعض وعقر دار المؤمنين الشام ) [رواه النسائي في سننه]. وعن زيد بن أسلم عن أبيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزال الجهاد حلواً خضراً ما قطر القطر من السماء وسيأتي على الناس زمان يقول فيه قراء منهم : ليس هذا بزمان جهاد فمن أدرك ذلك الزمان فنعم زمان الجهاد، قالوا : يا رسول الله أو أحد يقول ذلك ؟ قال : نعم من لعنه الله والملائكة والناس أجمعون ) [رواه ابن عساكر]. شيخنا الفاضل: أين أنتم من ساحات الجهاد والاستعداد؟ أو على الأقل نصرة المجاهدين بالقول وتبيين الحق لعموم المسلمين، عِوَضَاً عن شكر المرتدين من أرباب القوانين، فهلا كنتم خير خَلَفٍ لخير سلفٍ كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام، وكابن المبارك الذي قال لعابد الحرمين الفضيل بن عياض: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب من كان يخضب جيده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان يتعب خيله في باطلٍ فخيولنا يوم الكريهة تتعب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا وهج السنابك والغبار الأطيب وكالعز بن عبد السلام، وشيخ الإسلام اللذَين جاهدا التتار. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد. اللهم انصر دينك وجندك الموحدين، اللهم فك أسرى المسلمين، اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وأهلينا ومشايخنا والمسلمين. آمين اللهم آمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وكتبه العبد الفقير إلى ربه أبو حسين المهاجر مطلع سنة 1427 للهجرة
----------------------------------------
[1] - حررت ليلة الجمعة السابع من شهر الله المحرم لسنة ثمان وعشرين وأربعمائة وألف لهجرة الحبيب المصطفى -صلى الله عليه و سلم- .
[2] - أما العربي الذي يتخلى عن الدين فليس بمسلم وإن دلس المدلسون.
[3] - مجموعة الفتاوى لابن تيمية (28/478).
[4] - انظر الحوار المنشور على شبكة مهاجرون الإسلامية بعنوان: [حقيقة الجيش الإسلامي في العراق [[[لقاء صريح مع الشمري]]] الناطق الرسمي].
2. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 34.
1. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 362.
3 - تم إضافته لاحقاً.
[8] - إن ما ذكرته من أسماء للعشائر كالبو محل والسلمان إنما هو على سبيل التمثيل لا الحصر.
[9] - لما تبين للإخوة أن كتائب الحمزة عملاء مرتدون، ثم تأخروا في إنزال الحكم الشرعي عليهم وتأخروا في تطبيقه، جرى لهم من الفصول والابتلاءات ما الله به عليم حتى كان آخرها سقوط المدينة بأكملها في يد الأمريكان والمرتدين، ولذا فإن على الموحد أن لا يلتفت لرضا الناس، وعليه أن يعمل لتحقيق رضا الله.. والله وحده.
[10] - البداية والنهاية ج3، ص452طبعة دار الفكر.
[11] - المصدر السابق ج3، ص452 – 453.
[12] - كلامه بمعناه.
[13]- هل سيسمح العدو الصليبي لدعاة النهضة العمرانية والعلمية بالأخذ بأسباب القوة؟ وهل سيسمح لهم ببناء مؤسسات عسكرية مثلاً؟ أم أنهم سيكتفون بالمؤسسات المدنية تأسياً بغاندي وثورته السلمية!!
[14] - منهاج السنة ج3 / ص 377 _ 378.
[15] - مصادر هذه النسبة [ مجلة البيان ]. هذه النسبة كانت في السابق قبل أن يبدأ مسلسل القتل والاغتصاب والتهجير لأهل السنة.
[16] - حكم الله في المرتدة المقدور عليها الاستتابة فإن تابت وإلا قتلت لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)، وأما إذا لحقت المرتدة بدار الحرب فمن العلماء من قال بجواز سبيها واسترقاقها، ومنهم من قال بقتلها مطلقاً _ كابن قدامة المقدسي _ وإن لحقت بدار الحرب، والخلاف في المسألة مشهور.
[17] - أضيفت لاحقاً
[18] - ذكرنا كلمة [إسلامية] من باب التسمية الاصطلاحية أو ما تعارف عليه الناس، وإلا فإن هذه الحكومات الطاغوتية تحارب الإسلام ولا تحب أن تتسمى باسمه.
[19] - العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله تعالى ص(19).
[20] - المرجع السابق ص ( 217- 218 ).
[21] - العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله ص (218- 219).
[22] - المرجع السابق ص (219).
[23] - في ظلال القرآن، طبعة دار الشروق (6/3303).
[24] - المصدر السابق (2/917).
[25] - مدارج السالكين، طبعة دار الحديث ( 3/ 9-10).
[26] - زاد المعاد في هدي خير العباد، طبعة المكتبة التوفيقية ( 3/3).
[27] - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص ( 362 ).
[28] - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام الرحمن ص ( 362 )